صدر حديثا المرسوم رقم 2.21.346 بتاريخ 21 يوليوز 2022 بتطبيق القانون رقم 42.18 المتعلق بمراقبة تصدير واستيراد السلع ذات الاستعمال المزدوج المدني والعسكري والخدمات المتصلة بها. ورغم أن هذا المرسوم قد صدر حديثا، إلا أنه لم ينتبه إلى ضرورة تعديل عبارة "المناطق الحرة" التي ظلت واردة في التعريف المشار إليه عند النقطة الخامسة من المادة الثانية من القانون رقم 42.18 والذي لم ينتبه بدوره هو الآخر لهذا الأمر المستجد بموجب مقتضيات قانون المالية لسنة 2020 اعتبارا لكون قانون المالية رقم 70.19 للسنة المالية 2020 الذي جاء بالتعديلات قد حُرر بتاريخ 13 ديسمبر 2019 ونُشر في اليوم الموالي بالجريدة الرسمية عدد 6838 مكرر، بينما تم تحرير الظهير بتنفيذ القانون رقم 42.18 المتعلق بمراقبة تصدير واستيراد السلع المذكور بتاريخ لاحق وهو 19 نوفمبر 2020 وتم نشره بالجريدة الرسمية عدد 6944 بتاريخ 17 ديسمبر 2020. وهكذا فإن المشرع عند صياغته لقانون مراقبة تصدير واستيراد السلع ذات الاستعمال المزدوج لم يطلع على قانون مالية 2020 بما استحدثه من تغيير، والذي نص في مادته الثالثة على ما يلي: "II يراد بمناطق التسريع الصناعي حسب مدلول مدونة الجمارك، المناطق الخاضعة للقانون رقم 19.94 المتعلق بالمناطق الحرة للتصدير، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.95.1 بتاريخ 24 من شعبان 1415 (26 يناير 1995). تحل عبارة «مناطق التسريع الصناعي» محل عبارة «المناطق الحرة للتصدير» وعبارة «المناطق الحرة» في هذه المدونة وفي النصوص المتخذة لتطبيقها." وبالتالي يكون لزاما على المشرع استدراك هذه الهفوة من القانون 42.18 الذي لازالت مادته الثانية تقول: "يراد بما يلي في مدلول هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه: ........... 5 «التصدير/الاستيراد»: خروج أو دخول البضائع من التراب الخاضع، كما تم تعريفه في مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة، ومن وإلى المناطق الحرة للتصدير، وكذا نقل البرمجيات أو التكنولوجيا أو المساعدة التقنية بأي وسيلة من الوسائل، بما في ذلك نقلها إلكترونيا." وإذا كانت المادة الثالثة من القانون 42.18 قد استثنت من نطاق التطبيق المواد النووية لوجود قانون ينظمها وهو القانون رقم 142.12 المتعلق بالأمن والسلامة في المجالين النووي والإشعاعي، فإنها بالمقابل لم يكن لها أن تستثني مسافنة السلع ذات الاستعمال المزدوج على اعتبار الصلاحية المخولة لموظفي الجمارك في مراقبة هذه السلع التي يقصد بها نقل البضاعة من سفينة إلى أخرى، وذلك بحسب مدلول الفقرة الثانية من الفصل 52 من مدونة الجمارك التي تقول: «لا يمكن أن تفرغ أية بضاعة أو تنقل إلى باخرة أخرى إلا بإذن كتابي من أعوان الإدارة وحضورهم. وتتم عمليات التفريغ والمسافنة خلال الساعات وطبق الشروط المحددة بمقررات لمدير الإدارة.» وبالتالي فإن الترخيص للسلع موضوع المسافنة غير المشروعة يظل متطلبا في هذا الإطار، مادام أن الشحن والتفريغ والنقل من سفينة إلى أخرى أو من طائرة إلى أخرى خارج نطاق الموانئ والمطارات يدخل في حكم التهريب الذي تسمح في إطاره التسوية بطريق الصلح برد البضاعة إلى مالكها وفق استكمال شروط التراخيص المتطلبة إذا ما تقرر عرضها للاستهلاك في السوق الداخلي بعد أداء مبلغ الغرامة بالطبع المقرر وديا في نسبة 150% من مبلغ الرسوم والمكوس. أما المادة 15 من القانون 42.18 فلم توافق هي الأخرى مدونة الجمارك بخصوص أجل الاحتفاظ بالوثائق أو الأرشيف حيث قالت: "دون الإخلال بأحكام مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة، يجب على المستفيد من ترخيص تصدير أن يحتفظ بهذا الترخيص وكذا الوثائق المرتبطة به لمدة خمس (5) سنوات على الأقل ابتداء من تاريخ نهاية مدة صلاحيته." بينما نص الفصل 72 مثلا من مدونة الجمارك على أنه: "يجب على كل شخص ذاتي أو اعتباري يقوم لفائدة الغير بعمليات جمركية أن يحفظ المراسلات والوثائق المتعلقة بالعمليات الجمركية لمدة أربع (4) سنوات تبتدئ من تاريخ تسجيل التصريحات الجمركية المقدمة بشأنها." أو مثل الفصل 99 مكرر الذي تتقادم فيه المطالبة باستيفاء مبلغ الرسوم بمرور أربع (4) سنوات من تاريخ إصدار سند التحصيل، إلى غير ذلك. كما وجبت الإشارة إلى أن القانون 42.18 قد أحدث بعض العقوبات عن المخالفات المرتكبة في هدا الإطار بدل دمجها ضمن بنود مدونة الجمارك، كما أنه لم يحدد تعريفا للإدارة المقصودة عندما قال في المادة 23: "علاوة على ضباط الشرطة القضائية وأعوان إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، يعهد بالبحث عن المخالفات لأحكام هذا القانون والنصوص الصادرة لتطبيقه ومعاينتها، إلى الأعوان المؤهلين، لهذا الغرض، من لدن الإدارة ...." وإن كان الأمر يتعلق في حقيقته بوزارة التجارة الخارجية حسب ما يستفاد من المادة الأولى من المرسوم بتطبيق قانون 42.18 والتي جاء فيها: "تطبيقا لأحكام المادة 5 من القانون المشار إليه أعلاه رقم 42.18 ترأس السلطة الحكومية المكلفة بالتجارة الخارجية أو من تفوضه لهذا الغرض لجنة السلع ذات الاستعمال المزدوج والخدمات المتصلة بها ...." على أن هذا التدخل من طرف إدارة التجارة الخارجية في زجر المخالفات لا يخلو من وجهة نظرنا من عيوب، حيث مادام الأمر يتعلق بمراقبة السلع عند التصدير والاستيراد فإن الاختصاص ينبغي أن ينعقد حصريا لموظفي الجمارك بالنظر إلى المراقبة التي يمارسونها نيابة عن كافة المصالح الوزارية، وبالتالي فإن التسليم بالوضع يقتضي تولي مصالح وزارية أخرى زجر المخالفات الخاصة بها عند الاستيراد أو التصدير مثل المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية فيما يخص البضائع المقلدة، والوكالة الوطنية لتقنين المواصلات فيما يخص المواصفات التقنية للأجهزة التواصل، والمكتب الوطني للحبوب والقطاني إلى آخره. ولعل كثرة التدخلات على مشارف التصدير والاستيراد إنما تُعزى لضعف المسؤولية على مستوى الإدارة الجمركية التي ربما تفتقر للكاريزما المتمكنة قانونيا على مستوى القيادة، كما إن الأمر يتطلب من وجهة نظرنا إما استقلالية تامة بتأسيس مجلس أعلى للسلطة الجمركية يكون على رأسه شخصية بارزة على غرار القيادة في الإدارات الأمنية، أو إلحاق الإدارة الجمركية بوزارة من وزارات السيادة كوزارة الداخلية على غرار ما هو قائم في بعض الدول مثل البحرين دون الحديث عن النموذج الأمريكي الذي يضم الجمارك ومراقبة الحدود Customs and Border Protection (CBP) ، كوكالة لقسم الأمن الداخلي تابعة للسكريتارية الداخلية للولايات المتحدة التي يُعتبر السكرتير المشرف عليها عضواً بديوان الرئيس الأمريكي. وبالتالي فإن تدبير الشأن الجمركي بالمغرب لازال ضعيفا سواء على المستوى الخارجي بالمقارنة مع المصالح الحكومية الأخرى، أو على المستوى الداخلي بما نلاحظه من احتقان قد يصل حد الإقدام على الانتحار مثلما وقع لأحد الجمركيين الذي أطلعتنا عنه بعض المنابر الإعلامية.