هيمنت شدة الحرارة المرتفعة على جميع أقاليم المملكة المغربية، وتسببت في حرائق ضخمة في شمال البلاد التهمت عشرات الهكتارات من الغابات وخلفت عدة ضحايا. وما يعرفه المغرب في صيف هذه السنة ليس سوى صورة مصغرة لما تعرفه عدد من المناطق عبر العالم سجلت حضورا استثنائيا في ثلاث قارات. وتحذر الأممالمتحدة من أن الظاهرة سوف تستمر في التواتر حتى 2060 بسبب تغير المناخ، الذي هو في النهاية نتيجة لأنشطة البشر. موجة الحر الشديد والحرائق الضخمة في 3 قارات واصلت موجة الحر الشديد اجتياح مناطق عديدة من العالم مع تسجيل درجات حرارة قياسية في أوروبا والولاياتالمتحدة واندلاع حرائق ضخمة امتدت إلى شمال أفريقيا، حسب الجزيرة نت، في حين حذرت الأممالمتحدة من تواتر الظاهرة حتى 2060 بسبب تغير المناخ. واجتاحت الموجة أنحاء الولاياتالمتحدة امتدادا من ولاية كاليفورنيا على الساحل الغربي وحتى ماساتشوستس شمال شرقي البلاد، وسط تحذيرات من استمرار الارتفاع في درجات الحرارة بشكل كبير أصدرتها هيئة الأرصاد الجوية الأميركية. وتوقعت الهيئة تسجيل أكثر من 60 رقما قياسيا جديدا بدرجات الحرارة في 20 ولاية بحلول نهاية الأسبوع الجاري. ومع ارتفاع درجات الحرارة إلى ما يعادل أكثر من 44 درجة مئوية، تعرض سد "هوفر" الذي يزود كلا من ولايات كاليفورنيا ونيفادا وأريزونا بالكهرباء، لانفجار أحد المحولات. وقالت السلطات إنه تم احتواء الحريق بنسبة 10% تقريبا مع احتراق 4 آلاف فدان حتى مساء أمس الثلاثاء. وقال المركز الوطني لمكافحة الحرائق إن نحو 85 حريقا كبيرا تسبب في أضرار بالغة لنحو 3 ملايين فدان في 13 ولاية. أرقام قياسية وفي أوروبا، ذكر مكتب الأرصاد الجوية البريطاني الثلاثاء أنه تم تسجيل درجة حرارة قياسية مؤقتة جديدة في بريطانيا بلغت 40.3 درجة مئوية في كونينغسبي في لينكونشاير (وسط شرق)، حسبما أفادت وكالة الأنباء البريطانية "بي إيه ميديا". وأعلنت دائرة إطفاء لندن عن حادثة كبرى بسبب "ارتفاع ضخم" في الحرائق في أنحاء العاصمة وسط وصول درجة الحرارة إلى 40 درجة مئوية. جاء ذلك بعد مكافحة نحو 100 رجل إطفاء لحريق في قرية وينينغتون شرق لندن، في حين أظهرت لقطات تلفزيونية دخانا أسود ينبعث في الهواء، حيث نشبت النيران في مبان وحقول. وذكرت دائرة الإطفاء في بيان أنها تكافح "عدة (حوادث) كبرى" في العاصمة، كما تم حث السكان على عدم إقامة حفلات شواء أو إضرام النار في أماكن مفتوحة بسبب التحديات "غير المسبوقة" التي تواجهها فرق الإطفاء. إسبانيا وفرنسا وفي إسبانيا، سيطر رجال الإطفاء على حرائق نشبت في بلدة "تابارا" شمالي البلاد، بعد أن التهمت آلاف الهكتارات من الأراضي. وبحسب سكان المنطقة، فإن تكرار الحرائق يعود إلى غياب السياسات الوقائية، وامتناع الحكومة عن التعاقد مع مزيد من العاملين في الدفاع المدني. وتشهد مناطق متفرقة في إسبانيا مزيدا من الحرائق، خاصة في إقليم "جليقية" الواقع أقصى شمال البلاد، حيث تلتهم النيران آلاف الهكتارات من غاباته. وفي فرنسا، يواصل أكثر من ألفي رجل أطفاء جهودهم لإخماد النيران المشتعلة منذ أسبوع في إقليم "لاجيروند" جنوب غرب فرنسا. وأتت النيران على 19 ألف هكتار، بينما أُجلي أكثر من 37 ألف شخص من منازلهم. وسجلت يوم الاثنين الماضي حوالي 60 بلدة فرنسية تقع معظمها في غرب البلاد درجات حرارة قياسية، في منطقة شهدت حرائق هائلة. البرتغالوإيطاليا وفي البرتغال، سجلت أكثر من ألف وفاة بسبب موجة الحر الحالية، وشددت السلطات على ضرورة أن تتجه البلاد إلى مواجهة آثار تغير المناخ في الوقت الذي يستمر فيه ارتفاع درجات الحرارة. وقالت كبيرة مسؤولي الصحة في البرتغال غراسا فريتاس "البرتغال من بين إحدى مناطق العالم التي يمكن أن تكون (أكثر) تأثرا بالحرارة الشديدة". وأضافت لرويترز أنه "يتعين علينا أن نكون مستعدين أكثر لفترات من درجات الحرارة المرتفعة". وتجاوزت درجات الحرارة في المناطق التي يضربها الجفاف في البرتغال 40 درجة مئوية الأسبوع الماضي. ورغم أن درجات الحرارة انخفضت خلال الأيام القليلة الماضية، قالت فريتاس إنها ما زالت فوق المعدلات العادية في مثل هذا الوقت من السنة. وكانت السلطات الصحية في البرتغال قد سجلت 238 وفاة إضافية خلال موجة الحر في الفترة من السابع إلى 13 يوليو/تموز، لكن فريتاس قالت إن عدد الوفيات ارتفع الآن إلى 1063 حتى 18 يوليو/تموز. وفي إيطاليا، تستمر للأسبوع الثاني موجة حر رفعت درجات الحرارة في عدة مدن في البلاد إلى ما يزيد على 40 درجة مئوية مما أدى إلى اشتعال حرائق. واعتبرت هيئة الأرصاد درجة الحرارة المسجلة الآن الأشد في تاريخ إيطاليا. تونس والمغرب وعلى غرار ما عرفه المغرب من حرائق في شمال البلاد، وما تزال الساكنة تقاوم مخلفاتها، قالت سلطات الدفاع المدني في تونس إنها تمكنت من محاصرة الحرائق التي نشبت في السلسلة الجبلية الممتدة من جبل بوقرنين إلى حدود برج السدرية من محافظة بن عروس جنوب العاصمة تونس. وأضافت السلطات أنه تمت السيطرة على نحو 90% من هذه الحرائق من عدة محاور، وأن أغلب جيوب النيران التي طالت الجهة الشمالية من جهة جبل بوقرنين وصولا إلى حمام الشط. وفي وقت سابق، قال الناطق باسم الحكومة نصر الدين النصيبي إن الجيش قام بطلعات جوية لاحتواء النيران، مضيفا أن الأولوية هي إخماد النيران القريبة من الأماكن المأهولة. وشهدت العاصمة وضواحيها درجات حرارة مرتفعة الثلاثاء ناهزت في أقصاها 40 درجة مئوية وتسببت في حريق عند ساعات الظهر في أرض زراعية بجهة منوبة. الأممالمتحدة تحذر في غضون ذلك، دعت الأممالمتحدة قادة العالم إلى أن "يعوا" المشكلة خلف موجات الحر مثل تلك التي تجتاح أوروبا حاليا، والتي قد تصبح أكثر تواترا بسبب تغير المناخ حتى العام 2060 على الأقل. وقال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس في مؤتمر صحفي في جنيف إن "موجات الحرّ هذه تصبح أكثر تواترا بسبب تغير المناخ" وستزداد في العقود المقبلة. وأضاف تالاس عن موجة الحر الحالية "آمل أن يؤدي هذا النوع من الظروف المناخية إلى زيادة الوعي لدى الكثير من الحكومات". من جانبه، قال رئيس الخدمات المناخية التطبيقية في المنظمة روبرت ستيفانسكي "ما يقلقنا هو أن الفاصل الزمني بين هذه الأرقام القياسية يتقلّص"، مشيرا إلى أن البرتغال اقتربت هذا الأسبوع من الرقم القياسي الأوروبي البالغ 48.8 درجة مئوية والذي سجل العام الماضي في صقلية (إيطاليا). وأضاف تالاس أنه نظرا إلى التركيزات الحالية لغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، من المتوقع أن تستمر الزيادة في وتيرة موجات الحرّ "حتى العام 2060 على الأقل، بغض النظر عن نجاح التدابير المناخية". كما حذر من آثارها على الصحة، مذكرا بالخسائر الفادحة التي تسببت بها موجة الحر عام 2003 التي راح ضحيتها أكثر من 70 ألف شخص. وقال "نتوقع زيادة في عدد الوفيات بين المسنين والمرضى" في حين أودت موجة الحر الراهنة بحياة العديد من الأشخاص في إسبانيا خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي. تلوث بغاز الأوزون وفي السياق، حذر برنامج مراقبة الأرض التابع للاتحاد الأوروبي "كوبرنيكوس" من أن موجة الحر التي تجتاح أوروبا حاليا ويرافقها جفاف حاد تفاقم مخاطر نشوب حرائق وتزيد التلوث بغاز الأوزون. ويتشكل غاز الأوزون حين تتفاعل انبعاثات من الوقود الأحفوري وملوثات أخرى من صنع الإنسان، بوجود ضوء الشمس. والأوزون غاز دفيئة رئيسي وأحد مكونات الضباب الدخاني الحضري ويضر بصحة الإنسان ويمنع عملية التركيب الضوئي في النباتات. وأوضح مارك بارينغتون، العالِم في قسم مراقبة الغلاف الجوي في "كوبرنيكوس"، أن "الأضرار المحتملة لتلوث قوي جدا بغاز الأوزون على صحة الإنسان قد تكون كبيرة، من ناحية الأمراض التنفسية والقلبية". وأضاف أن المستويات العالية من الأوزون السطحي قد تسبّب التهابًا في الحلق وسعالا صداعا وتزيد خطر الإصابة بنوبات الربو. ويشكل غاز الأوزون حاليًا مصدر قلق كبير للمناطق الزراعية والأمن الغذائي.