عاد الخلاف داخل البيت الداخلي لحزب الاستقلال ليحتم مجددا وذلك قبل أيام قليلة من انعقاد المؤتمر الاستثنائي للحزب، حيث أشارت مصادر استقلالية إلى أن الرجل القوي بالحزب مولاي حمدي ولد الرشيد يقود مخططا يهدف للإطاحة بالأمين العام الحالي نزار بركة من رئاسة الأمانة العامة للحزب أو على الأقل إضعاف سلطته في حال بقاءه أمينا عاما لولاية أخرى. وأوضحت المصادر الاستقلالية التي تحدثت إليها جريدة "العمق"، أن الخلوة الحزبية التي عقدها الحزب مؤخرا بمدينة الهرهورة، ضواحي العاصمة الرباط، والتي ترأسها نزار بركة، تم خلالها الضغط من أجل تمرير تعديلات خلال المؤتمر الاستثنائي المقبل تهدف لتحجيم دور الأمين العام في الحزب وكذا حرمان النواب والمستشارين من العضوية داخل المجلس الوطني للحزب بالصفة، حيث تم اقتراح تعديل يقيد العضوية داخل المجلس الوطني بالانتخاب وليس بالصفة كما هو معمول به حاليا. وأشارت المصادر ذاتها، أن ولد الرشيد الذي يتحكم في اللجنة التنفذية للحزب يناور، كما فعل سابقا مع حميد شباط، من أجل الإطاحة بنزار بركة من الأمانة العامة للحزب عبر الدعوة لمؤتمر استثنائي مفاجئ، بالإضافة إلى اقتراح مجموعة من التعديلات على النظام الأساسي للحزب من شأنها جعل مؤسسة الأمين العام داخل حزب الاستقلال مجرد أداة تنفيذية لقرارات اللجنة التنفيذية دون دور محوري، مشددة على أن نزار بركة يحظى بدعم كبير داخل عموم مناضلي الحزب وهو ما يصعب معه ازاحته خلال المؤتمر الاستثنائي المقبل. إلى ذلك، عقد 53 برلمانيا عن حزب الاستقلال بمجلس النواب والمستشارين، مساء الأحد بالرباط، اجتماعا بشكل حضوري وعبر التناظر، عبروا من خلاله في بيان مشترك عن استغرابهم وأسفهم الشديد ل "مضامين مقررات الخلوة التي عقدتها اللجنة التنفيذية للحزب، في تجاهل تام لحساسية الظرفية التي تجتاز فيها بلادنا كغيرها من بلدان العالم ظرفية اقتصادية واجتماعية دقيقة، هذه الظرفية تستوجب اضطلاع الأحزاب السياسية بدور أساسي في تعزيز روح الوحدة والتضامن والتماسك عوض افتعال أزمات تزيد من التشويش على صورة الأحزاب وتعمق أزمة الفعل السياسي ببلادنا". واعتبر هؤلاء البرلمانيين في بيان توصلت جريدة "العمق" بنسخة منه، أن "تأمل مجمل اقتراحات التعديلات (عضوية البرلمانيين، اللجنة المركزية، مفتشي الحزب، روابط الحزب وهيئاته وتنظيماته) التي خلصت إليها خلوة اللجنة التنفيذية للحزب، تظهر أن الأمر غير مؤطر برؤية ديموقراطية واضحة بل مجرد حسابات تنظيمية مسكونة بهاجس الضبط، في تناقض كامل مع فلسفة الفصل السابع من الدستور الذي خول للحزب السياسي وظيفتي التمثيل والتأطير واللتان تتجليان في المنتخبين والأطر الحزبية". وشدد البيان على "ضرورة دعم مؤسسة الأمين العام للحزب حيث يبقى الأمين العام مؤسسة محورية في البنية التنظيمية والهيكلية للحزب، فهو المؤتمن على وحدة الحزب والضامن لاحترام قوانينه ومؤسساته وحقوق مناضليه وليس مجرد مسؤول عادي تابع، يوكل له ترتيب أشغال اللقاءات والتنسيق بين مسؤولي الجهات لتسهيل قضاء المأموريات". كما عبر هؤلاء البرلمانيين عن رفضهم "بشدة المس بالوضعية التنظيمية والاعتبارية للسيدات والسادة أعضاء الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلسي البرلمان ومفتشي الحزب وأعضاء اللجنة المركزية والتنظيمات والروابط المهنية الذين يمثلون واجهة نضالية حقيقية وقوية للحزب، كما كان ذلك على الدوام، سواء كان الحزب في الأغلبية أو المعارضة، وليس مجرد أرقام أو بنية هامشية على متن الحزب". ودعا هؤلاء إلى "توقيف أي استحقاق تنظيمي يهم الحزب إلى ما بعد الانتخابات الجزئية"، مبرزين أنهم سيوجهون مذكرة تفصيلية للأمين العام للحزب تتضمن مجموع ملاحظات الفريق على مقترحات خلوة اللجنة التنفيذية، مؤكدين أنهم سيظلون "في حالة تعبئة ويقظة مستمرتين، على المستوى المحلي والوطني وعلى استعداد كامل لاتخاذ كافة الخطوات التي من شأنها الحفاظ على وحدة الحزب وقوته وتماسكه وتوفير الشروط المثالية لإنجاح المؤتمر الوطني الثامن عشر باحترام تام للقواعد الديمقراطية، كما أنهم مستعدون لاتخاذ خطوات أخرى سيتم الإعلان عنها في حينها".