هناك فرق شاسع بين الفكر العلمي والفكر الخرافي، بينما الفكر العلمي يداوم البحث عن أسباب الظواهر لمعرفة كل جوانبها لأجل تغييرها لمصلحة البشرية، تظل الخرافة تحارب هذا البحث العلمي لتظل الأمور كما هي خوفا من أن ينهار الفكر الخرافي ويذهب الى لا رجعة، ولنا في التاريخ البشري العديد من الأمثلة، التي أعدم فيها العلماء أو أحرقوا لكونهم اكتشفوا أسباب ظواهر لا تتماشى والفكر الخرافي. يعلم الجميع أن الآلاف من الأقمار الصناعية، تدور حول الأرض فوق رؤوسنا بشكل مستمر ودائم ومنظم، لأغراض متعددة، لكن هدفها الأساس هو خدمة البشرية وعلى مستويات عدة ومجالات متعددة، ومن جانب أخر يجتهد صناع الخرافة بشكل مستمر ومتوال لأجل تطوير أساليب جديدة ومبتكرة، سعيا منهم لنشر المغالطات وتحجير العقول للحفاظ على محاولة تثبيت الواقع وعزله عن التطورات العلمية، ومثل هؤلاء يساهمون بشكل كبير في تأخر وتخلف المجتمعات عن التطورات العلمية التي تسارع الزمن لتحقيق أهداف إنسانية كبرى. فالمجال هنا شاسع وعريض شساعة الفرق بين الفكر العلمي والفكر الخرافي، وسنكتفي هنا في هذه السطور الى الاشارة لبعض من التناقض الحاصل بين التفكيرين، ومدى تأثير ذلك على تطور المجتمعات، إن تواجد تلك الأقمار الصناعية فوق رؤسنا لها مجالات متعددة يمكن ايجازها في أربع: تجاري، حكومي، عسكري ومدني وجميعها تقدم خدمات كبيرة للبشرية، عكس ما تقدمه الخرافة. وفي هذه المادة الاعلامية سنحاول حصر حديثنا حول ما تقدمه هذه الاقمار الصناعية للبشرية حول المناخ، فالأقمار الصناعية، هي الأداة الأكثر دقة لتقديم إجابات جوهرية حول المناخ والمحيطات والجليد والغابات والانهار و صبيبها نحو البحار والمحيطات والغلاف الجوي. منتدى الكوكب الحي"، الذي تحتضنه حاليا براغ وترعاه وكالة الفضاء الأوروبية، ناقش هذه المواضيع، بمشاركة أكثر من ثلاثة آلاف خبير ومختص في مجال الفضاء، لحسن الحظ لم يكن بينهم أحد صناع الخرافة، وإلا حاربهم بأفكاره الخرافية ليتفقوا عن أبحاثهم! تقول سيمونيتا شيلي رئيسة العلاقات المؤسساتية في وكالة الفضاء الأوروبية: "الأقمار الصناعية هي أداة فريدة من نوعها لإستكشاف كوكبنا. بالنسبة للمناطق النائية مثل القطب الشمالي، يمكن للقمر الصناعي توفير بيانات ليس فقط حول مساحة الجليد بل ايضا حول سمكه. كما يمكنه القيام بعملية التقييم والتنبؤ بتطور نظام الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي، كما أن هذه الأقمار الصناعية توفر فرصة لرؤية تطور الغابات، والأنشطة المتعلقة بإزالة الأشجار ومعلومات حول ارتفاع منسوب مياه البحر وملوحته وتآكل السواحل والتلوث البحري، والحياة البرية في الغابات كل هذه المعطيات يمكن رؤيتها بسهولة بفضل الأقمار الصناعية." هذه الأقمار الصناعية تمكن البشرية من رصد العواصف وترقب حدوث الاعصارات الخطيرة والتنبؤ بمساراتها وهو ما يخفف من الكوارث التي قد تحدثها هذه الإعصارات بالضحايا البشرية، ليس هذا وحسب بل هذه الأقمار الصناعية التي تراقب كوكبنا من الفضاء تمثل أيضا فرصة لرجال الأعمال، فمن خلال البيانات التي توفرها، يمكن تحسين الاستثمارات، تقول سيمونيتا شيلي رئيسة العلاقات المؤسساتية في وكالة الفضاء الأوروبية: "التقييمات الاقتصادية التي أدلت بها وكالات هامة تشير إلى استثمار يورو واحد في استكشاف الفضاء يكون له فائدة اقتصادية و فوائد مرتبطة بالمنتجات والخدمات، استثمار يورو واحد يعود بفائدة عشرة يوروهات." بمقابل هذا الجزئ البسيط من البحث العلمي، ماذا يقدم لنا صناع الخرافة غير نفي العلم والاجتهاد في نسج مفاهيم مغلوطة، تحاول عبرها يائسة تضليل الناس وجرهم الى الخلف، عوض الدفع بعجلة التاريخ الى الأمام، لكن رغم كل المحاولات اليائسة لهؤلاء يستمر البحث العلمي وتتوالى التطورات التكنولوجية لفائدة البشرية بالتقدم و الإنجازات الكبيرة، في محاربة الأمراض الخبيثة والأوبئة وغيرها ليظل العنصر البشري واقفا صامدا في وجه كل المخاطر التي تتربص به باستمرار، وبقدر ما يتقدم الفكر العلمي بقدر مضاعف يتقهقر الفكر الخرافي ويتراجع. ولنا أمثلة كثيرة في التاريخ الحديث بشأن المجتمعات التي اعتمدت الفكر العلمي، وتحولت من مجتمعات متخلفة وذات اقتصاد ضعيف الى مجتمعات متطورة وذات اقتصاد قوي، وما زالت تسير على هذا النهج وتسعى لقيادة العالم، وبين المجتمعات التي اعتمدت الفكر الخرافي فتقهقرت وضعف اقتصاده، وانتقلت من مرتبة متقدمة بين المجتمعات الانسانية الى مرتبة متأخرة ففاتها الركب وأصبح من الصعب عليها اللحاق برأس القافلة، ورغم ذلك لا زالت هذه المجتمعات تضع الفكر الخرافي قبل الفكر العلمي.