كلما راودتني فكرة مستجدة إلا وابتهجت بمشاركتكم إياها، خصوصا في هذه الأجواء الروحانية، علنا نتقاسم ما يفيدنا ويغنينا عن السذاجة والتفاهة والميوعة. حديثنا هنا والآن يدور حول ما يعرف باليوكرونيا، وهي رياضة ذهنية تروم تصور تاريخ افتراضي نستحضره كبديل للوقائع التي حصلت فعلا، وذلك وفق كرونولوجيا نتحكم فيها ذهنيا، وبفضلها نستطيع أن نميز ونقارن ونحلل ونستنتج . هذا التمرين النظري من شأنه أن يخلق لدينا قوة تخيلية تستبدل حالتنا الوجدانية الاستسلامية الى اخرى خلاقة وانتفاضية تمهد لسلك طريق معاكس. لماذا كل ذلك ؟ وبالمقابل ما المانع من ذلك ؟ نقول بدون لف ولا دوران اننا نتوه في منعرجات متعددة، ونسقط يوما تلو الاخر في تناقضات قابلة للتفاقم، وفي احسن الاحوال ننسج رفضا مزدوجا: لا نقبل بهذا ولا نعمل بعكسه، وهذا عين العبث. وأخشى ما نخشاه هو ان يضرب بنا المثل كالحصان الذي يدور مغمض العينين حول ناعوره محتواها فارغ، كما نخشى كما نقصها ان نزيد بممارساتنا وسلوكاتنا في غموض والتباس أحوالنا حتى نتحول إلى لغز يستعصي على البيان والتفسير والتمييز وأخيرا نركن الى وضع رأسنا على وسادة الخمول ونستريح في نوم التبرير والتواكل وتزكية ما هو موجود، لنساهم عن وعي أو بدونه في تكريس واستدامة مجتمع راكد مكبل لا يقيم وزنا للزمن ولا يتوق لتحدي المستقبل. وحيث أننا بقدر ما نتحاشى السقوط في خطاب النصح والموعظة، فإننا لا نستحسن بتاتا الأجوبة الجاهزة ولا الحلول السطحية المستنسخة فهي جزء من مشاكلنا. وفي هذا السياق وعود على بدئ نتساءل: ماذا سنفترض برياضتنا الذهنية اليوكرونيا؟ ماذا يمكن ان نستنتج؟ أية سياسة نتوخى؟ أية ثقافة نتوق؟ أي سلوك جماعي نعتنق؟ أي نظام مجتمعي نسير على خطاه ؟ إشارة فقط، الرياضة الذهنية لا تقل أهمية عن الرياضة الجسمانية ؛ الأولى تؤثر في النفس والوجدان والعقل، فيما الثانية تؤثر في الجسد .