يجمع المغاربة اليوم على ضرورة التغيير ويتبنى الجميع خطاب التغيير والإصلاح، لكن المغاربة نسوا أمرين لابد منهما: – تحقيق الإجماع حول ما معنى التغيير؟ – تحقيق الإجماع على كيفية بناء هذا التغيير؟ يبدو التلفظ بكلمة "التغيير" أسهل ما يمكن أن ينطق بها المغربي منذ ما يقارب عقود من الزمن وهو يعيد إنتاج نفس الخطاب، وبنفس اللهجة وفي نفس الأمكنة. خطاب التغيير الذي وجد فيه البعض ظالته أضحى غير ممكن التحقق في بلادنا لدرجة أن البعض أصبح يطالب بتغيير التغيير ذاته أو إصلاح الإصلاح، الأمر الذي يبطل كل المفاهيم والخطابات التي يتبناها البعض عن وعي تارة وعن غير وعي تارة أخرى في لحظة التبعية العمياء. يشكل مفهوم التغيير واحدا من أعقد المفاهيم وأكثرها إستعمالا على الإطلاق في العشرية الثانية من القرن العشرين ولا تزال رفقة مفهوم الإصلاح الذي شكل في بعض الأحيان جزء من التغيير وتارة أخرى التغيير كله دون أن نخوض في تقاطع المفهومين فما علاقة التغيير بالإصلاح ؟ وما العلاقة التي تجمع هذا بذاك؟ التغيير من غيّر، يغيّر، تغييرا بمعنى إبدال، وتبديل والبديل هو الممكن التعويض أي الذي يمكن أن "نعوض به"، في اللحظة التي نتحدث عن التغيير فإن نتحدث عن شيئين إثنين الأول هو "الكائن" والذي نقصد تغييره أو تبديله وتعويضه ب"الما يجب أن يكون" هذا الما يجب أن يكون يشكل البديل والعَوَض، بمعنى أن التغيير لا يترك مجالا للإبقاء على شيء أو جزء منه، عكس الإصلاح الذي يمكن أن نعتبره إصلاحا للأعطاب وهو التغيير الجزئي البعضي أي تغيير البعض بدل "الكل". إذن فالإصلاح تغيير الجزء من الكل أو البعض من الكل، والتغيير هو تغيير الكل من الكل، دون أن نترك في الشيء جزء نشك في كونه موطن الخلل، وبهذا فالتغيير يحتوي الإصلاح ويشمله، والإصلاح جزء من التغيير. فكيف يقوم التغيير ويستقيم في مجتمع ما أو عمران بشري؟ بعد أن خضت في محاولتي السابقة حد التغيير، والإصلاح وربطهما في علاقة تكامل وتكميل أي إنتماء، وجدتني الآن أتساءل حول الكيفية التي يمكن من خلالها التغيير أو الإصلاح، وما هي أهم الأشياء التي علينا أن نغيرها أو نقدم فيها على الإصلاح؟ يبقى علينا أن نحدد " الما يجب" تغييره أو إصلاحه في بلادنا، وهذه الأمور لا يختلف فيها أحد بكون الجميع يرفع شعار التغيير أو الإصلاح، بين مطالب بالتدرج في الإصلاح وصناعة التغيير، ومطالب بالتغيير الجذري الذي يطالب تبديل دولة بدولة أخرى، دون الإقتصار على التغيير الجزئي الذي نطالب به ونشتغل عليه في بلادنا، وأول ما يتحقق فيها الإجماع على ضرورة التغيير، نجد المنهجية التي يتم إعتمادها في الإنتخابات، وفي ظل ما نعيشه من أزمة ثقة حقيقية بين المواطن والأحزاب السياسية من جهة، وبين الأحزاب السياسية والدولة من جهة أخرى، فإننا نقول بضرورة التغيير الجوهري للانتخابات، إن لم نذهب مع البعض للمطالبة بضرورة العودة لحالة الصفر التي تعد هدامة ليس إلا، ففي ظل وجود هذا الكم الهائل من الأحزاب السياسية ببلادنا، وفي ظل غياب توافقات قبلية محتملة يمكنها أن تقلص من حجم الخلافات والإختلافات بين الأحزاب. فإنني أقول بضرورة إعتماد منهجية جديدة في الإنتخاب أو براديغم جديد قد يكون قادرا على احتواء أنموذجنا السياسي ويزكي التعددية الحزبية التي نعيشها، ويتمثل البراديغم الجديد الذي أقترحه في هذه اللحظة وأنا بعيد عن جميع التوجهات السياسية التي تمارس ببلادنا وأتجرد من موقف الحزب الذي أنتمي إليه، لأن اللحظة لحظة بناء وتغيير لا أراعي فيها غير مصلحة الوطن ولا حرج في أن تتماشى مواقفي مع الحزب سواء كلها أو بعضها. وحتى لا أخوض في الهامشي فإني أقترح كحل للأزمة التي نعيشها على مستوى الإنتخابات الخطوات العملية التالية: – أولا: اعتماد بطاقة التعريف الوطنية في التصويت، دون الحاجة للتسجيل في اللائحة الانتخابية. – ثانيا: احترام الديموقراطية ببلادنا وهذا يقتضي أن نحترم الحق في الإختيار. – ثالثا: اعتماد الإنتخابات الإقصائية، بمعنى الانتخابات التمهيدية قبل الانتخابات النهائية التي تفرز انتصار حزب واحد قادر على تشكيل الحكومة. – رابعا: إلزامية تقديم الحزب للائحة مرشحيه الوطتية والتي يمكنها أن تحترم بعض الشروط وتقسم إلى: + لائحة المرشحين للاستوزار. + لائحة المرشحين للمجالس الجهوية. +لائحة المرشحين للبرلمان بغرفتيه. + لائحة المرشحين للجماعات الترابية. – خامسا: يسهر على الانتخابات خبراء دوليين من جميع ربوع المعمورة. يبقى الإصلاح السياسي ممكنا في لحظة واحدة ووحيدة هي لحظة تحقق الإرادة السياسية الحقيقية التي تراعى فيها مصلحة الوطن على المصالح الخاصة، أي اللحظة التي تعطى فيها الأسبقية للإرادة العامة عن الإرادة الخاصة.