بعضُ الكارهين لكل ما هو إيجابي في هذه البلاد لم يستسيغوا التصرف الرسمي في طرد قُطّاع الطرُق من الكركرات. قبل التدخّل الحازم للجيش المغربي في المعبر كان هؤلاء الكارهون يلوّحون بانتصار الانفصالييّن، ويغمزون بالعجز المغربي، أو يقولون صراحة بأن الدولة المغربية خائفة… من جهة أخرى كان بعض الغيورين على الوطن يستعجلون التدخل الرسمي ضدّاً على قطاع الطرق منذ ساعاته الأولى…وأصبح الكثير يشعر بنوع من المرارة والحسرة مع مرور الأيام ومع تصريحات جبهة البوليساريو وتهديداتها… وازدادت هذه المرارة والحسرة مع ما تروجه أبواق الجزائر وأزْلامُها من أكاذيب وتحليلات الكيد والنِّكاية في بلادنا. وآخرون مغاربة استمرؤوا طعم الخيانة والطعن في بلادهم فحذَوْا بالأعداء حَذْوَ القُذَّة بالقُذَّة. حتى إذا ما جاء الحسم الصارم بأمر من الملك وانتهت عنجهيات "براقش" في دقائق…رأيتهم كالأيتام على موائد اللئام بعد أن تَقَذَّذوا شَذَرَ مَذَر. كان المغرب يُشهد المنتظَمَ الدولي برمّته على "بلطجة" البوليساريو… كان المغرب يعرف جيدا متى ومِن أين تؤكل الكتف. وهكذا ضرب ضربة معلم، فلم يكن من قطاع الطرق إلا أنْ تاهوا في كل الاتجاهات وتلاشوا وراء الكتبان الرملية واختفوا خلف دخان خيامهم التي أحرقوها بأيديهم قبل الفرار. لقد تذكرتُ مسرحية (الأزلية) التي كانت تقدمها الإذاعة الوطنية في سنوات السبعين: (الفرار ياشقيقي السقرديس) وكذلك فرّوا لا يلوون على شيء… طبعاً كان في مقدور القوات المغربية أن تصطادهم كالأرانب واحداً واحداً وتعتقلهم كأي قطاع طرق… لكن لم يكن هذا هو الهدف. البوليساريو ما فتئوا يتوعدون المغرب بالويل والثبور إذا ما اقترب جنوده من (المتظاهرين والمعتصمين والمحتجين السلميين) فتحولت تهديداتهم إلى وصمة عار وشَنار فلم يعد لهم إلا الانتحار أمام قواتنا المسلحة إذا ما حاولوا المغامرة العسكرية… أو العودة إلى ما كانوا عليه في مذلة وهوان. ومن جديد رأينا الذين فرِحوا من قبلُ بقطع الطرق وإغلاق المعبر شامتين في الدولة المغربية… رأيناهم يستهينون بطرد المتمردين ويهوِّنون من إعادة فتح المعبر ومن تأمين الحركة التجارية والعودة بها إلى سابق عهدها. ظني الآن أنّ حكام الجزائر سيدفعون بفلول البوليساريو نحو المحرقة… ربما للتخلص منهم إلى الأبد… * رئيس الجمعية المغربية للسلام والبلاغ