طبيعي أن يهتم كل العالم بانتخابات عدد من الدول الكبرى وفي مقدمتها أمريكا، وطبيعي أن تختلف زوايا المتابعة حسب موقع كل متابع، ومؤكد أن معظم المتابعين من الدول المحرومة من الحرية، مع حرصهم على متابعة المعلومة، فإنهم أحرص، على قياس حال بلدانهم إلى المنسوب المرتفع في معنى وجدوى الانتخابات في الدول الديمقراطية. وفي سياق الانشغال بقياس حالنا إلى أجواء ومخرجات انتخابات الآخرين مر على مسامعي قول أحد المحللين جوابا عن سؤال: ماذا لو رفض ترامب الاعتراف بالهزيمة المتوقعة والخروج من البيت الأبيض؟ قال : ستتولى شرطة البيت الأبيض الأمر. قول يجمل المفارقة العميقة وصورة رمزية عميقة الدلالة: فقط أمن مقر الرئاسة كاف، ولا مجال لتسخير الجيش لاعتقال المنافس وحل حزبه، أو التحصن في الجنوب أو الشمال لقصف العاصمة ... أو ما شابه من حماقات مجانين الحكم في بلاد الاستبداد. فما الدرس وبلدنا مقبل على انتخابات؟ بأي رهانات نستقبلها؟ هل من مضمون جديد للانتخابات؟ هل من جدية في البرامج؟ هل من فرق بين هذا الفائز أو ذاك؟ هل من معنى لانتخابات إن لم تفرز من يحكم؟ ألا نخجل من نسبة المشاركة؟ ما نسبة تمثيل المؤسسات القائمة ومشروعيتها؟ أسئلة حارقة تستبطن آمالا صادقة، وأول أمنية أن يغلب الانشغال بقياس فعالية أسس الديمقراطية، وفي مقدمتها القضاء المستقل، عوض الانشغال بإخراج الحجة الجديدة: الانتخابات الأمريكية شابها أيضا فساد، لأجل التبرير المسبق للفساد العام في انتخاباتنا. واعلموا أن ما أتاحته الوسائط الإعلامية من المواكبة والمعاينة التفصيلية لانتخابات العالم تحدث عظيم الأثر في نفوس الشباب تطلعا إلى حرية وعدل وإرادة شعبية غير منقوصة.