الفاتحة على خنيفرة، ما هي بلاد الصناعة، و لا بلاد السياحة، هي بلاد الكادحين..« شعار صدحت به حناجر الحراك المحلي بعد فبراير 2011 و انطلق من الوعي و الإحساس بالتفاوت الجهوي الذي يجني إقليمخنيفرة تبعاته نتيجة للظرو الطبيعية و التاريخية و السياسية.. أو الناجمة عن التقسيم الجهوي السابق.. كما أن البرامج الآنية المستقبلية لا تَسُرُّ المحليين حسب ما تشير إليه تدوينات مواقع التواصل الاجتماعي أو ما ينشر على المباشر و الموثق على اليوتيب.. من الطرائف العجيبة؛ عن مؤتمر حزب الميزان يوم 17مارس 2019 بخنيفرة، عن مداخلة رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين، أشار منتقدا تهالك الطرق الثانوية-الجهوية المرتبطة بالطريق الوطنية رقم8 على مستوى خنيفرة.. و بمجرد ما تلقى إشارة أن لونه الحزبي أول المسؤولين غيّرَ الموضوع بلباقة سياسية.. ثم أضاف مشيرا للمداخلة التي سبقته قائلا: » الأخ.. مشكورا ككاتب إقليمي و كولد المنطقة و كبرلماني سابق، سبق اوعرى اووضح أشنو هو الإقليم و المعاناة اديال الإقليم واشنو خاص الإقليم، كنشوفوا بعيننا اليوم رهاد الشي راه كارثي لا يعقل باش إقليم بهذا الحجم اديال التاريخ النضالي بهذا الحجم اديال الكفاح الوطني او تايبقى ما اخداش حقه، أشنو هو العيب اليوم اللي كاين؟ هي الناس اللي طلعوا متيوزعوا الماكلة إلا لديالهوم(…) رؤساء الجماعات رئيس الجهة متيتهلا غي فالناس اديالو و هذا غير مقبول احنا وطنيين.. *«. لنزيح كلام السياسيين بما له و ما عليه جانبا، حسب الدراسات الجغرافية؛ سواء كان تنظيم المجال تقنية أم سياسة أو هما معا فهي عملية تتأثر إلى حد كبير بنوع الاختيارات الرسمية و الإرادة الفعالة للمجالس سواء منها؛ القروية الحضرية الإقليمية و الجهوية.. كل بمفرده، في أفق تصميم رؤية شمولية تعبر عن الحاجيات و الطموحات.. لأنه من الضروري التمييز بين التدخلات الكلية و الجزئية في المجال الجغرافي؛ السياسة المتبعة في مدينة مليونية ليست هي السياسة الملائمة لتنظيم عَشْرُ تجمعات بشرية، و التدخلات الشمولية ليست هي مجموع التدخلات الجزئية.. فلكل مجال سياسته المناسبة الملائمة لتحسين ما هو موجود و خلق تنمية مستدامة، لتحسين وسائل العيش و ترشيد استغلال المجال و الخيرات و الموارد.. في سياق هذا التقديم يمكن مقاربة النقاش الايجابي الدائر حول وضعية إقليمخنيفرة و الاختيارات الممكنة للدفع بعجلة التنمية و الإقلاع الاقتصادي.. الأكيد أننا لم نسمع أراء كل ممثلي ساكنة الإقليم كشرط لنعرف تصوراتهم الخاصة حول المجال، لذا سأكتفي بالاعتماد على ثلاثة شهادات موثقة إعلاميا: *1- في مؤتمر مارس 2019 لحزب الاستقلال بخنيفرة الذي حضره عدد من المسؤولين أهم ما أشار إليه رئيس مجلس الجماعة القروية "أكلمام أزيزا" متحدثا عن الإقليم، هو؛ غياب العدالة المجالية.. لا يمكن أن نكون إقليما صناعيا كل ينطلق من مؤهلاته و لا نحلم أن نكون إقليما فلاحيا إنما بالإمكان أن نكون إقليما إيكلوجيا جامعيا سياحيا.. إذا تم فك العزلة عنا !؟ و أضاف أن من بين مشاكل التعاونيات الغابوية صعوبة التواصل مع المسؤول الغابوي (مكاينش امعمن نهضروا)، ثم ختم كلمته حول المركزية و الجهوية بالقول: » .. كاين جماعات عندها صفر في الفائض كاينا اللي متقدرش اتدير أبسط لحوايج كيغادي ادير فالوقت اللي ولينا فالجهة اللي عندو أمه فالكوزينة « ! . *2- في لقاء إعلامي مع رئيس المجلس البلدي لمدينة خنيفرة أكد أن أهداف مجلسه تتجلى في الاهتمام بالمجال الحضري و الرقي به.. المدينة محاصرة طبوغرافيا و لا تملك العقارات و البنيات اللازمة لاستقطاب استثمار صناعي. *3- نشرت جريدة الأحداث مقالا نسبته للعامل الحالي عنوانه؛ .."خنيفرة غير مؤهلة لاحتضان نشاط صناعي"، كذلك تجدر الإشارة أن العامل السابق كانت له نظرة اقتصادية خاصة تجلت من خلال اهتمامه و تتبعه شخصيا لأوراش عمومية و مقالع و اتخاذه قرار إغلاق عشرات المقالع (خنيفرة.. الداخلية تأمر بإغلاق 23 مقلعا بكاف النسور) و تدخله لمواكبة ملفات؛ النقل و مناجم عوام.. و نشير أن خلال تلك المرحلة كان المتتبع يستشعر أن هناك شد و جدب بين العامل و ممثلي الساكنة و من لهم مصالح اقتصادية و استثمارات.. المخططات عناوين كبرى نسبة تطبيقها فعاليتها.. أسئلة ممكنة، مع الأسف لم نتمكن من سماع رأي جل البرلمانين بالإقليم و رؤساء مجالس من مثلي الساكنة في (غرب الإقليم و شماله و جنوبه و ج-الشرقي، لمعرفة التحديات على مجالات غنية ب؛ ثروة رخامية منجمية معدنية مقالع رمال و أحجار.. سدين كهربائيين غابة و فلاحة و تاريخ..). لنعتبر أن الإقليم ليس صناعيا و التوجه يسير في اعتباره سياحيا، هذا الطرح يجد تشجيعا من طرف نخب مثقفة.. لكن هل المتوفر من بنيات يؤهل لاستثمار مقومات الإقليم سياحيا؟ ألا يعري أي نشاط ثقافي سياحي عن الوضعية البنيوية المتأخرة؟ عندما يقترح المثقف السياحة منطقيا يختار المرشحون الوفاء بوعود الانتخاب و ما يوفر الشغل.. لكن عندما يجمع الطرفين فكرة تنموية واحدة فالعامل أيضا ينخرط في إنجاح الممكن اعتمادا على ما لديه من تقارير و المسطر في المخطط الجهوي و مخطط المجلس الإقليمي للعمالة.. و على سبيل المثال لعل من بين الأفكار المجمع على إنجاحها حاليا هي تنظيم مهرجان ثقافي سياحي، هذه الفكرة اختلفت حولها آراء الشارع الخنيفري؛ مادامت تعتمد في تمويلها على المال العام.. هناك جدال بين "نخب مثقفة" و بينها و بين الرافضين للمهرجان باختلاف خلفياتهم، كل يفكر من منطلقه كل حسب زاوية رؤيته؛ هناك رأيين اثنين: أ- نخب مثقفة محسوبة العدد؛ فئة مرتاحة ماديا وضعها دون البورجوازية و فوق الطبقة الوسطى، تنشط من باب الترف في المجال الجمعوي و الثقافي، أو لأبعاد سياسية.. ترى أن الواجهة السياحية هي القاعدة الممكنة لبناء تنمية محلية عبر تثمين مواقع محددة شرق إقليمخنيفرة بالأساس، تعول على دعم المؤسسات الرسمية و المنتخبة.. لإنجاح مبادرة سنوية في أفق التفاعل الرسمي مع التوصيات الختامية للمبادرة المتمثلة في مهرجان أو ورش بيئي إلخ.. مع التسويق الإعلامي له.. ب- ليس كل ساكنة الإقليم مرتاحة ماديا مع تباين مؤشرات الفقر للفئة الأكثر هشاشة، من خلال مواكبة احتجاجات "التنسيقية المحلية لمناهضة الفساد بخنيفرة" فالتنمية الاقتصادية المطلوبة تمر عبر بوابة العدالة المجالية، بإدماج المعطلين من حملة الشواهد، بجلب مشاريع مشغلة لليد العاملة على غرار التي تنشأ في بعض الأقاليم و المدن المجاورة.. فتح أوراش الشغل القار و تحصين فرص الشغل المتوفرة هذا مع تثمين المقومات الاقتصادية للإقليم (فلاحة، غابة، مناجم، مقالع، فرشة مائية سدود كهرباء قطاع النقل الماء الكهرباء الضرائب..) في أفق مد الجسور بين الثروة و الشباب الباحث عن العمل بما في ذلك ربط مراكز التكوين المهني بالأوراش.. من خلال التقسيم السالف الذكر يتبين أن التنمية الاجتماعية الاقتصادية يجب أن تضع كل إمكانيات الإقليم على طاولة التشريح و ليس شرق خنيفرة الغابوي الأيكلوجي فقط.. إن تحديد الخريطة الصناعية للإقليم من شأنها أن تضيف تفاصيل إضافية؛ لإغناء نقاش الرصيد المعلوماتي أو الاقتصاد المعرفي أولا و ثانيا لتحديد الإنتاج و الإنتاجية و علاقتها بالخزينة و الاستثمار المحليين، ثم لتحديد علاقة المواد الخام بالأسواق و دراسة إمكانية إعادة التصنيع محليا، و تحديد علاقة الصناعة و أوراش استخراج المواد الخام و الطاقة بمؤسسات التكوين المهني..!؟ لكي تتضح ملامح الخريطة الاقتصادية تجدر الإشارة أن حديث الثروة و الشغل يُطرح بشكل واضح في مناسبات معينة؛ في عيد العمال أو مع كل تصدي لجرائم الأرز أو لما يتأجج الصراع العمالي و تتدخل نقابات عمال المناجم و مقالع الرخام و الرمال و عمال التدبير المفوض و علاقات الشغل المختلفة.. من خلال فاتح ماي و بيانات الاحتفال يمكن فهم انتظارات العمال، و تستطيع تسطير أفق تنمية مستدامة تضمن حظ الأجيال المتوالية، كما يُستشف من خلال البيانات النقابية باب الإكراهات عنوانها؛ استغلال الثروة ينظمه القانون و الحصيلة أٌقصى ما يمكن تحقيقه..!؟. *4- في سياق موازي حول إنشاء "المنتزه الوطني بالأطلس المتوسط" على مساحة 80ألف هكتار هناك نقاش و انتقاد لمكتب المقاولة المكلفة بدراسة مجالية تهدف تحديد الملك الغابوي و ثروته في أفق الحفاظ عليهما.. لقد أجمع؛ جمعويون و حقوقيون و نقابة الفلاحين الصغار و الغابويين.. أن الفكرة قديمة و عرفت تأخرا ثم إنها مُكلِّفة و تتم دون مشورة فعالة لساكنة الجبل؛ الفئة الهشة القريبة من الغابة، الفئة الأكثر احتكاكا بالغابة و المهددة بإجراءات التحديد الغابوي و قوانين الغابة.. و أي إجراء سلبي يعني قطع أرزاق و مزيد من الهجرة باتجاهاتها و أبعادها.. بخصوص إعداد "مناطق صناعية" لتفعيل أو لاستقطاب مشاريع ضامنة للشغل القار بمجال الإقليم، مطلب يتجاوز المجالس البلدية الى المجلس الإقليمي و مجلس الجهة.. لكن هذا الطرح لاعتباره خيارا استراتيجيا يخضع للأولوات فلا نقاش حوله الآن أو هكذا يكون الإقناع.. هناك تحديات تقف في وجه الشباب و المقاولات الصغرى تختلف الأسباب و المنافسة أيضا تعوق الاستثمار و النموذج لمقاولة تهتم بالتجارة قطع ملفها أشواطا عسيرة لتفتح متاجرها بداية الأسبوع الماضي بخنيفرة.. بخصوص "فك العزلة" صار إطارا يشحن و يفرغ حسب الأهواء و المناسبات؛ أيُقصد به المداشر و القرى أم الجماعتين الحضريتين؟ لكن حينما يقول من خبر إشكالات الأطلس المركزي بالإمكان تحديد النموذج التنموي "إذا تم فك العزلة عنا" فإنه يقصد إقليمخنيفرة يعاني العزلة الاقتصادية و الاجتماعية لاعتبارات جهوية إستراتيجية..!؟ حاليا هناك اهتمام بتجديد و توسيع الطريق الوطنية رقم8 على مستوى الإقليم من جهة الجنوب علما أن جهة الشمال جُددت مرات و عادت لسالف عهدها مما يفسر الضغط الحاصل على طريق فوق طاقتها الاستيعابية و لا بديل لحد الساعة (كطريق سيار أو سكة حديد) كما أن الطريق الوطنية رقم8 على مستوى إقليمخنيفرة بقناطرها يعود تصميمها لعهد الاستعمار، نفس الشيء تقريبا بخصوص الطرق الثانوية؛ رقم 2316 في اتجاه ولماس عبر أجلموس و الطريق رقم3485 المتجهة نحو أجدير أكلمام عيون أم الربيع.. ثم الطريق رقم1652 الرابطة بين خنيفرة و أبي الجعد مرورا بكهف النسور (الجهوية رقم 710 الرابطة بين خنيفرة والدار البيضاء عبر أبي الجعد).. هذه الشبكة الإقليمية المهمة بسبب توسع المجال الحضري و القروي و تزايد الطلب على استعمال الطريق فالمتواجد لا يعزز بإضافات جديدة لتخفيف الضغط و يمكن القول أن القديم يتم ترقيعه أو استصلاحه أو تجديده بين الفينة و الأخرى.. خريطة الأطلس المتوسط الممتدة من حدود السايس شملا الى مشارف واد العبيد جنوبا و الشاوية غربا، ثرواتها لا تشفع لها لتصنف ضمن المغرب العميق بمؤشرات التنمية الضعيفة، ضعف البنيات و تنامي الهشاشة و الانحراف و هجرة الشباب.. مئات المعطلين من حملة الشواهد و السواعد، المياومين و عمال الفلاحة المعاشية و عمال الأرز المعيشي.. عدد من الكادحات و الكادحين لا يعلمه إلا الله !؟. المؤشرات لا تلغي حق المبادرة و الاستثمار في ما هو ثقافي أيكلوجي.. لكن المبادرات في مجملها رغم كونها نخبوية رسمية فإن بلورتها و إنجاحها يتوقف أيضا على ما هو بنيوي مادي !؟ فلا سياحة ممكنة بالمفهوم الاقتصادي دون بنيات، و لا سياحة ممكنة على خريطة تنافسية تبقى الإقليم منطقة للعبور بين فاس و مراكش!؟.. السياحة لا تزال مجرد حلم مؤجل، التفكير في السياحة فقط على مجال طبيعي متعدد ربما تمليهه النظرة الانتقائية للمجال بإكراهاتها أو بسبب النقص الحاد في الابتكار و فراغ بنك الاقتصاد المعرفي المجالي.. و ما يدفع لغض الطرف عن باقي ثروات الإقليم؛ عن غرب خنيفرة الرخامي الصناعي و ما يزخر به الإقليم من؛ فرشة مائية و سدين للطاقة الكهربائية على أم الربيع الذي يجري بلا استثمار و غابة مختلطة مترامية الأطراف و مقالع الرمال و الأحجار و الرخام و مناجم و مغارات.. و تاريخ نضالي و مآثر و صناعات من عمق التاريخ المغربي.. خلاصة القول؛ هذا النقاش الايجابي حول الإقلاع الاقتصادي لإقليمخنيفرة سياحيا أو صناعيا.. قطع أشواطا؛ تداوله منتخبون في لقاءاتهم.. و ندد به حقوقيون في احتجاجاتهم و بياناتهم.. الأساسي أنه يقع الاختلاف حول الوسائل و يحصل الإجماع حول مطلب تنمية الإقليم و إنصافه جهويا و لما لا تدارك ما لم يُأخذ بعين الاعتبار من مقومات الإقليم عند إعداد ما يسمى بالتصميم الوطني لإعداد التراب..