لم يكن والي جهة بني ملالخنيفرة، محمد دردوري، يتوقع أن «تتعرى» أمامه كل الإكراهات الضخمة التي يعاني منها إقليمخنيفرة، عقب اللقاء التواصلي المنظم صباح الثلاثاء 16 دجنبر 2015، ودام حوالي 4 ساعات، بحضور عدد من ممثلي الجماعات الترابية ورؤساء المجالس المنتخبة ورؤساء المصالح والبرلمانيين والسلطات المحلية، من أقاليم الجهة، حيث تم استعراض «مشروع المخطط الاستراتيجي لتنمية إقليمخنيفرة»، والتكلفة الإجمالية المقترحة له بغلاف قدره 2.768,29 مليون درهم، حيث لم يفت أحد المنتخبين التقليل من جدواه في إقليم وصفه ب «القرية الكبيرة» التي تحتاج «لإعادة الإعمار»، إلى جانب تدخلات أخرى جرفت معها سيولا من المشاكل والقضايا ، لينفض اللقاء بتخوف في الكواليس من أن يلقى مصير «مشروع المخطط» نفس مصير «برنامج التأهيل» الذي تم التوقيع عليه بحضور الملك. وفي هذا الإطار، أبرز عامل الإقليم، محمد علي أقسو، أهمية اللقاء ، بغاية الاطلاع على أحوال الأقاليم الخمسة المكونة للجهة، والوقوف عن كثب على انتظارات الساكنة والإكراهات التي يعانيها كل إقليم ، مشيرا إلى «مشروع المخطط الاستراتيجي» باعتباره مبنيا على مقاربة تشاركية منفتحة غايتها إنتاج أرضية على درب التنمية المحلية، واضعا مقارنة بين خنيفرة 2008 وخنيفرة 2015 في استحضاره للزيارة الملكية «التي أعطت طفرة نوعية و ساهمت في نهوض اجتماعي بهذه المدينة ومريرت وباقي المراكز القروية على صعيد الإقليم». ومن جهته، افتتح والي الجهة كلمته بما يحمله اسم الجهة الجديدة، بني ملالخنيفرة، من دلالات باعتبار أن الإقليمين مكونان أساسيان بالجهة، من حيث غنى إقليمخنيفرة بتاريخه وموارده الغابوية والمعدنية والسياحية والبشرية، ليتوقف الوالي عند الجهوية المتقدمة واللقاءات الجهوية التي تأتي في إطار سياسة القرب، ثم منهجية مكتب الدراسات في ترجمة حاجيات وبرامج الجهة، واعدا بتنظيم لقاء كبير لتعميق النقاش حول شتى الملفات والإشكالات المطروحة، انطلاقا من نموذج التفاوت المجحف بين الجماعات، اذ لا يعقل مثلا، حسب الوالي، أن تنعم إحداها بالماء وأخرى تتخبط في العطش. وبينما أعرب عن أمله في ربط خنيفرة بشبكة الطرق السيارة، توقف والي الجهة عند المجال الثقافي باعتباره الركيزة الأساسية لأية تنمية جهوية أو صيانة للتاريخ، حيث لم يفته التذكير بالغنى والتنوع الثقافي الذي يميز إقليمخنيفرة، وفي هذا الصدد أعلن عن استعداده لدعم مهرجان كبير بهذا الإقليم، على أساس أن يكون متزامنا مع ذكرى خطاب أجدير التاريخي، قبل تناوله ما يزخر به الإقليم من بحيرات وموارد مائية ومساحات غابوية، مقابل تأسفه حيال إقليمكخنيفرة غني بثرواته ويفتقر لمنطقة صناعية منتجة للخشب، وأيضا بواد كأم الربيع يخترقه، دون استغلاله بالشكل المطلوب ولا حتى من الناحية الجمالية. أما رئيس الجهة، إبراهيم مجاهد، فاكتفى بدعوة مكونات الجهة إلى ضرورة تضافر الجهود للخروج بتفعيل مشروع مندمج لإقليمخنيفرة، وإلى قيام كل منتخب بترجمة وعوده على أرض الميدان، في حين لم يفت رئيس المجلس الإقليمي، صالح أوغبال، دعوة الجميع إلى وضع اليد على مكامن الخلل لأجل تنمية حقيقية. و تم استعراض «مشروع المخطط الاستراتيجي لتنمية إقليمخنيفرة»، بما في ذلك التقسيم الإداري والمعطيات الديمغرافية والغابوية والفلاحية والمناخية، والطرقية والمائية والتطهير السائل، والمعطيات الاجتماعية والسوسيواقتصادية، وفي هذا الإطار أبرز العرض تشخيصا مجاليا للإقليم ومخططا لتنميتة، باقتراح مشاريع طرقية لفك العزلة عن ساكنة الإقليم بتكلفة إجمالية قدرها 1012 مليون درهم، مع تفعيل اتفاقية الشراكة المتعلقة بكهربة 127 دوارا لا تتجاوز فيها تكلفة الكانون 70000 درهم حتى تصل نسبة التغطية إلى 95 بالمائة، بتكلفة إجمالية قدرها 192 مليون درهم، إلى جانب مقترح لتوسيع شبكة الماء بخنيفرة وتأهيل وتقوية شبكة الماء الشروب بتسعة مراكز قروية بغلاف مالي كلفته الإجمالية 348 مليون درهم. وارتباطا بالمخطط التنموي، تم اقتراح غلاف مالي قدره 192 مليون درهم كتكلفة إجمالية لتوسيع الشبكة المائية لمدينة خنيفرة (المنطقة الشمالية)، تماشيا مع التوسع العمراني، وتأهيل شبكة التطهير السائل ب 3 مراكز قروية، وتقوية وتوسيع الشبكة ب 10 مراكز قروية أخرى مع إنجاز دراسة وأشغال التطهير السائل لمنطقة أروكو وأسول، في حين تم عرض برنامج لتعزيز وتقوية البنيات التحتية الأساسية بالمراكز الحضرية والقروية لإقليمخنيفرة بتكلفة إجمالية قدرها 606,28 مليون درهم، بينما لم يفت المخطط إدماج الجانب السياحي بمشروع لتفعيل اتفاقية «رؤية 2020» لتأهيل القطاع (11 مشروعا) بعيون أم الربيع وأكلمام وتكلمامين، واتفاقية الشراكة لانجاز الطريق السياحية الرابطة بين خنيفرة وويوان عبر أجدير وعيون أم الربيع، بتكلفة إجمالية قدرها 292,40 مليون درهم. وفي ما يتعلق بقطاع الصناعة التقليدية والتكوين في هذا المجال، وتسويق المنتوجات، بالنظر لتوفر إقليمخنيفرة على المواد الأولية المهمة، تم اقتراح مشاريع تهم إحداث قرية للصناع التقليديين، دور الصانعة ووحدة لصناعة الفخار القروي، بتكلفة إجمالية قدرها 7,7 ملايين درهم، بينما لم يفت المخطط استحضار الاكراهات التي يعاني منها قطاع الثقافة، ليقترح تنظيم مهرجان سنوي تخليدا للخطاب الملكي بأجدير، وإحداث مندوبية إقليمية للثقافة، ثم بناء قاعة للمسرح وترميم المآثر التاريخية مع إنشاء معهد للموسيقى، بتكلفة إجمالية قدرها 17,7 مليون درهم. وصلة بالمخطط أيضا، تم الاهتمام بجانب التعليم والتكوين المهني، بمقترحات من قبيل بناء مدارس جماعاتية ودور للتلميذ وتأهيل بعض المؤسسات التعليمية، بتكلفة إجمالية قدرها 27,2 مليون درهم، مع إحداث مركزين للتكوين المهني بكل من أجلموس وآيت إسحاق في مختف التخصصات، بتكلفة إجمالية تصل إلى 17 مليون درهم، وبالنسبة للجانب الصحي، وما يشكو منه على مستوى صعوبة الولوج إلى الخدمات الصحية، تم اقتراح بناء دور للولادة والأمومة وتشييد وتأهيل مؤسسات صحية مع اقتناء وحدات طبية متنقلة، بتكلفة إجمالية قدرها 14,55 مليون درهم، فيما لم يفت المخطط برمجة مشاريع للنهوض بقطاع الشباب والرياضة، كقاعة مغطاة، ملاعب للقرب، مركز سوسيوتربوي ودور للشباب، بتكلفة إجمالية قدرها 35,76 مليون درهم، وكذلك ما يهم قطاع التعاون الوطني الذي خرج المخطط بمقترحات من شأنها دعم القطاع، بتكلفة إجمالية قدرها 8,9 ملايين درهم. المنتخبون الحاضرون في اللقاء توزعوا على طرح جوانب عديدة برؤاهم وتصوراتهم، من ذلك وادي أم الربيع الذي ينبع من الإقليم ويخترقه دون استفادة هذا الإقليم لا من خيراته ولا من سدود تبنى عليه، فضلا عما يتعلق بالثروة الغابوية، وما تحتوي عليه من تشكيلات الأرز، التي تتعرض لمظاهر النهب على يد عصابات الخشب، وتدفع السكان الفقراء إلى المساهمة في قطعها بسبب غياب موارد قارة، بينما أجمعت تدخلات أخرى على هزالة البنية التحتية الشبه منعدمة، بما فيها الطرق الوطنية والثانوية التي كلها مهترئة، في حين تم تشخيص الحالة المتردية للطرق المؤدية للمناطق السياحية ولم تعد تشرف التنمية السياحية المرجوة، و لم يفت أحد المتدخلين التركيز على ما يزخر به الإقليم من مناجم ومقالع ولا يستفيد منها ، لا على مستوى التنمية ولا في توفير مناصب الشغل. و أثار المنتخبون إشكاليات أخرى، ضمنها ملف أراضي الجموع، الوضع الفلاحي وما يعانيه الكسابون والفلاحون الصغار من أزمات قد تنضاف إليها سنة الجفاف، وعدم استفادة الإقليم من مخطط المغرب الأخضر بالشكل المطلوب، ومن خلال ذلك تمت الإشارة إلى ما يعرف إقليميا ب «مشروع أزغار» الذي ظل عالقا دون مصير واضح، إضافة إلى إشكالية انعدام فرع لإدارة الحوض المائي بالإقليم، وانعدام منطقة صناعية يمكنها المساهمة في احتواء العطالة المتفشية، في حين دعا أحد المتدخلين إلى جعل الإقليم إقليما بيئيا وإحداث مخيم قار به لما يزخر به من مؤهلات طبيعية وسياحية. كما تم طرح جملة من القضايا ، منها معاناة الإقليم مع هزالة الأطر الطبية وضعف الخدمات الصحية، وحاجة هذا الإقليم لكلية جامعية تقي طلبة الإقليم عناء التنقل ومصاريف الإيواء، والألواح الشمسية التي لم تعط نتائجها بالشكل المناسب، والمساطر المتبعة في ملفات العقار وتساهم في عرقلة أي استثمار أو تنمية، إلى جانب طرح واقع الكهربة القروية المسجل إقليميا في مؤخرة الترتيب، كما تم تناول الوضع الذي يتخبط فيه شباب الإقليم في ظل الظروف القائمة وانعدام فرص الشغل، علاوة على المعاناة التي يعانيها العديد من المواطنين ممن يرغبون في الحصول على وثائق إدارية، سواء من الأحواض المائية الأربعة أو من نظارة الأوقاف التي يقع مقرها بميدلت، بالرغم من ضم هذه الأخيرة إلى جهة درعة تافيلالت.