عيد سعيد تختصر كل شيء، ولكن هل من وصفة تجعل العيد سعيدا؟ بالنسبة لي لا يعجبني عيد الأضحى وأعشق من طفولتي الأولى عيد الفطر، فلماذا؟ في عيد الأضحى، ينوي المغاربة التضحية بخروف مليح أقرن، قربانا لله جل وعلى، في إقامة لسنة أب الأنبياء إبراهيم عليه السلام، ولكن تطور الزمن وظهرت في المغرب، عادات اجتماعية لبست العيد بغير لبوسه. ففي عيد الفطر، تتزين الموائد المغربية، بكل ألوان الحلويات المغربية، ولا تغيب المعجنات و الفطائر المغربية، ويلبس الكبير كما الصغير، جديدا وأنيقا، ويتعانق الجميع في فرح وحبور. وللأسف الشديد، في تقديري، أخطأت الثقافة الشعبية في المغرب لما وصفت الفطر بالعيد الصغير. وفي عيد الأضحى، تغلق الأبواب في منازل المغاربة، فيصعد الجميع إلى السطح أو في الكراج، في مهمة واحدة؛ ذبح وسلخ تضحية العيد. ويلقب المغاربة عيد الأضحى بالعيد الكبير، لأنه عيد الولائم. ويتحجج المغاربة للأسف الشديد أيضا بأن العيد ضروري بأم الأطفال الصغار يحبون الخروف، فيتحول أطفال البيت إلى مشجب للمبالغة في كل شيء باسم الأضحى كعيد سنوي. ففي دار واحدة، يجتمع أسطول من الخرفان، ويتحول البيت إلى مسلخة من الأضاحي، ولاحقا تمتلأ الثلاجات والمجمدات بمخزون لحم يمكن استهلاكه في سنة كاملة. في تقديري، غابت حكمة عيد الأضحى عن جزء غير يسير من المغاربة، وانغمس القوم في ثقافة تخزين اللحم، والانغماس على الأقل أسبوعا في طهي وشي اللحم بطرق مختلفة. أدعو المغاربة إلى استعادة روح الإيثار، أي التصدق بثلث الأضحية، وإقامة وليمة للأقربين بالثلث الثاني، والسعي لجمع مل النفايات في اكياس، في تسهيل لمهمة عمال النظافة. ألتمس من المغاربة تجنب منح رأس الأضحية للقاصرين عمريا، من الذين يحولون زقاقاتنا إلى مكان للفوضى بدعوى “تشواط الرأس”. ولا يمكن أن يمر العيد سعيدا بدون تقصي من لا يملك سبيلا لفرحة العيد. وميال إلى الاعتقاد أن الوقت حان في المغرب، لإصلاح اجتماعي واسع، لنظرتنا اتجاه عيد الأضحى، لكي فعلا يكون سعيدا، وليس مناسبة عابرة لرفع مستوى الدهون في الدم. فالتأويلات الجاري اعتمادها، تجعل من العيد مصدرا تموينيا، وتخزينا للحم في الثلاجة، بينما الحكمة كما ورد قي الآية الكريمة: “ولكن يناله التقوى منكم”؛ أي فعل هدفه التقرب من الله، ولا أجد أعظم من صدقة جارية في العيد السعيد، لإدخال الفرح لمن جعله الدهر قرحا. وماذا عن النظافة الجماعية يوم عيد الأضحى؟ أليس منكرا أن تمتلأ شوارعنا ودروبنا وزقاقاتنا بهذا الكم من النفايات؟ هل هذا هو الإسلام كما أراده لنا رب السماء والأرض؟ أليست النظافة من الإيمان؟ أعتقد أننا نمارس طقوسا دينية بتأويل اجتماعي تراكمي منذ عقود، ولم نتمكن من التكيف مع تغيرات الزمن، لنقدم صورة راقية عن “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”، فما أعايشه منذ سنوات في عيد الأضحى، يشعرني بالخجل الشديد، لأن الأضحية تصبح مصدرا لأكبر كارثة بيئية جماعية في يوم واحد. أدعو جميع المغاربة إلى احترام البيئة عبر تطبيق الحديث الشريف: “النظافة من الإيمان”، وإلى التصدق بجزء من الأضحية أو كلها سواء خروفا أو مالا لمن يحتاج مصدرا لإسعاد أطفاله من فقراء المغرب. والتمس من المغاربة أن يساعدوا عمال النظافة بشراء اكياس بلاستيكية، لجمع أحشاء الخروف والتبن المتبقي. فلم يعد مقبولا هذا الكم من “الهيدورات” أي فرو الخروف، الذي يجري رميه نهارا جهارا، فكما تحرصون أيها المغاربة على حسن مرور عيدكم، احرصوا على نظافة مدينتكم وحيكم، لتكونوا فعلا: “خير أمة أخرجت للناس”.