بحلول يوم عيد الأضحى "العيد الكبير" كما يسميه المغاربة بعد عيد الفطر الذي يُعرف ب: "العيد الصغير"، يتزين الجميع بلبس الثياب التقليدية التي يُحتفظ بها خصيصا لهذه المناسبة الكبيرة، حيث جرت العادة عند الرجال والنساء في هذا اليوم . بعد صلاة العيد التي تُقام بالمصلى أو الفضاءات الكبيرة أو بالمساجد تُتبادل الزيارات السريعة بين الناس قبل ذبح الأُضحية، ويحرص الكثير من المغاربة على الانتظار قليلا حتى يذبح الإمام الذي صلى بهم صلاة العيد لكي يذبحوا بعده.
وبعد عودة الرجال من صلاة العيد وقبل ذبح الأضحية تقوم النسوة بوضع بعض من الحناء على رأس الخروف وهو تقليد منتشر في مختلف مناطق البلاد تقريبا وهي دلالة على التيمن والاحتفاء بالأضحية.
وكما كانت العادة حتى وقت قريب في المدن والبوادي، ولا تزال جارية في بعض القرى، أن يمر"بوجلود" على البيوت طالبا "جلدة الخروف"، حيث يتحلق حوله الأطفال، وهو يؤدّي حركات طريفة تضحكهم. و"بوجلود" شخص يلبس فروة الخروف حتى يبدو على هيئته، بقرنين على رأسه، ويطوف على الناس برفقة عدد من الأشخاص يقومون بجمع جلود الأضاحي لبيعها في الأسواق.
وإذا كان ظهور "بوجلود" أصبح نادرا في هذه المناسبة فإن، من يجمع جلود الخرفان المذبوحة لا يغيب عن الحدث سواء بدفعه ثمنا رمزيا للحصول عليها أو بالاستفادة منها مجانا.
و يستمر عيد الأضحى في المغرب ثلاثة أيام: يوم "الشوا" أي الشواء، ويوم"الريوس" أي رؤوس الأضاحي، ثم يوم "القديد".
وقد اعتاد جل المغاربة ألا يأكلوا من لحم الأضحية في اليوم الأول للعيد، فبعد تفريغ جوفها والظفر بالكبد الملفوف بالشحم مشويا وهو ما يطلق عليه "الزنان" أو "الملفوف" ،حسب المناطق، كأول وجبة يوم العيد، حيث يقتصرون في هذا اليوم على الشواء بتجمع أفراد العائلة حول الموقد أو "المجمر" ويأكلون الشواء مع الشاي، وفي بعض المناطق يأكلون معدة الخروف "الكرشة" أو "الدوارة" كما تسمى بالمغرب، وغالبا ما تقدم على مائدة العشاء، ويسمى طبقها بعد الطهي التقَليَة"ويكثر فيه الثوم والطماطم.
وفي اليوم الثاني يبخرون الرأس في الكسكاس بعد أن يكون قد تم إزالة شعره بالنار "تشويط الرأس" ويعدون الكسكس الذي يتجمع حوله أفراد العائلة والضيوف وتجدر الإشارة إلى أن أغلب المتزوجين يبدؤون تبادل الزيارات ابتداءا من هذا اليوم.
أما في اليوم الثالث فهم يعدون "المروزية" برقبة الخروف، أو القديد الذي يصنعون منه "الذيالة"، القديد يبقى مُحتفَظاً به إلى يوم عاشوراء، ولا يُستهلك كلّه، ويعدّ به الكسكس أو المرق، وتختلف طرق إعداده وتحضيره بإضافة التوابل وكثير من الملح وعناصر أخرى، وينشر فوق الأسطح فيصبح له طعم لذيذ، وكلما طال وقت نشره في الشمس كلما زادت لذّة طعمه، وهذه العملية تسمى في العربية الفصحى بتشريق اللحم في الشمس.
وإذا كانت حاجة الأجداد في إطالة مدة صلاحية استهلاك اللحم هي الدافع الأكبر لابتكار هذه الطريقة، حيث كانت تضمن حق المتغيبين من تذوق "بركة" الأضحية ولو بعد مدة، فإن رهان الأجيال المتعاقبة سيكون هو الحفاظ على هذا التقليد أمام إغراق الأسواق بالثلاجات التي أصبحت معها هذه العادات مهددة بالاندثار.