قد يكون من العجب الحديث عن الأدب الإسلامي المعاصر في دوائر ضيقة؛ تأمّها فئة لها اهتمام خاص و أن تحدد له أحياناً بضع ساعات في كليات الآداب، ولا ينشأ له قسم خاصّ به. بل حتى من حيث الاعتراف به كجنس أدبي، لم يتم ذلك إلا أواخر القرن التاسع عشر. إنها الأزمة الاستراتيجية الذي يغط فيها المسلمون – اليوم – في مواجهة التشكيك والتقويض في العقيدة والسياسة والتراث وأشياء أخرى! ومن حيث التسمية لم يأت بها عرب أو مسلمون بل جاء بها مستشرقون. الذين عمدوا إلى دراسة الأدب و الثقافة والحضارة العربية الإسلامية، زمن الانحطاط والتّخلف، أواخر الدّولة العثمانية التركية. وتعد اجتهادات الأدباء الذين آمنوا بهذا الأدب من ركائز الإرهاصات الأولية في التأسيس له والتنظير، تفريشا نحو الممارسة والتطبيق، وكم من فكرة مرفوضة باستهجان، وما تلبث حتى يقبلها العامة ثم يدافعون عنها بعد فترة، إنها حالة الأدب الإسلامي المعاصر كذلك، الذي ينطلق من قوة الكلمة لا من كلمة القوة، وفق منطق يبنى ولا يمنح! إن الأدب كلمة تلقى، والكلمة رسالة ترمى، والرسالة تقويم وسلوك وبيان للصواب بالتي هي أحسن، اجتهادا أوقياسا أواستنباطا أواستقراء… و قد يطلق مصطلح ( الأدب الإسلامي ) و يراد به المنحى الإسلامي في التّصور و التّصوير أو المذهبية الإسلامية في الأدب. و هذا ما يهمنا في دراستنا. و في هذا انصب الاهتمام، و تفرّع البحث، وكثرت الآراء … حتى أنّه طرحت بدائل مختلفة لمصطلح ( الأدب الإسلامي ). و من ذلك : ( أدب الدّعوة )، و مصطلح (الاتجاه الإسلامي ) ، ومصطلح ( الأدب المسلم ) ، و مصطلح( الأدب الملتزم )، ومصطلح ( آداب الشعوب الإسلامية )، وإنّ اختلاف المصطلح ناجم – قطعاً – عن اختلاف تحديد و تعريف هذا الأدب. فلقد وردت تعاريف كثيرة لبعض المنظرين و المبدعين في هذا المجال. منهم من اختار الإيجاز و منهم من جاء بالتفصيل. فوقع الاختلاف أحياناً، و التّقاطع أحياناً أخرى. و لنذكر بعضها : 1 السيد قطب(( الأدب الإسلامي هو التّعبير النّاشئ عن امتلاء النّفس بالمشاعر الإسلامية )) 2 محمد قطب ( الأدب الإسلامي هو الأدب الذي يرسم صورة الوجود من زاوية التّصوير الإسلامي لهذا الوجود. هو التّعبير الجميل عن الكون و الحياة و الإنسان من خلال تصور الإسلام للكون و الحياة و الإنسان.)) 3 د عبد الرحمن رأفت الباشا ( الأدب الإسلامي هو التّعبير الفنّي الهادف عن واقع الحياة و الكون و الإنسان على وجدان الأديب تعبيراً ينبع من التّصور الإسلامي للخالق – عزّ وجل – و مخلوقاته ، و لا يجافي القيم الإسلامية . )) ولكن السؤال الآن؛ هو عن الصد الذي يقف حجرة عثرة لانتشار هذا الأدب، وبزوغ أدباء ما بعد الرواد، فبعد قطب والكيلاني المصريين، وإقبال الهند باكستاني، والأنصاري والأمراني من المغاربة، والقائمة قصيرة. من بزغ بعد هؤلاء، إذن!؟ لا أريد أن أسوق تجربتي – المتواضعة جدا – في المشاركات والمقالات والسجالات التي أدلو بها في سبيل الإشعاع والتطوير والتعريف بهذا الجنس الأدبي الإنساني ابتداء وانتهاء، فمنهم من اتهمني بالتطرف، ومنهم من رماني بالتقوقع وعدم الانفتاح، ومنهم من قال بالوصاية وادعاء بأني أعتقد امتلاك مفتاح الحق والجنة، وآخرون لا يناقشون أصلا، ولكنهم غير مقتنعين، وأقلهم مستلب العقل والفكر والبوصلة! هذا دورنا في الدنيا، نزيغ ونعود، ثم نسأل الله الثبات، ونؤكد أن الأمر لله من قبل ومن بعد، وأجرنا عليه، والسلام