بعد الجدل الذي أثارته المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي صادقت عليه الحكومة في 29 غشت 2024، بسبب منع الجمعيات من رفع دعاوى تتعلق بالفساد، تم الإبقاء على صيغة نفس المادة في المشروع الذي أحيل على مجلس النواب يوم الخميس الماضي، مما يعني أن الموضوع سيكون محل جدل كبير في الأوساط السياسية والحقوقية. وجاءت الصيغة المحالة على مجلس النواب بخصوص المادة 3 كما يلي: « لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم «الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية «للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أو كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك ». وتضيف المادة انه: « خلافا للفقرة السابقة، يمكن للنيابة العامة المختصة إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية تلقائيا في الجرائم المشار إليها أعلاه « إذا تعلق الأمر بحالة التلبس ». وبذلك فإن نص المادة 3 تم الاحتفاظ به مع الإشارة إلى أن النيابة العامة يمكنها التحرك تلقائيا فقط في حالة التلبس. وهذا يعني أنه لا يمكن قبول الدعاوى التي ترفعها الجمعيات التي تهتم بمحاربة الفساد واختلاس المال العام، كما هو الحال منذ سنوات، بحيث أن مسطرة الدعاوى في قضايا محاربة المال العام يجب أن تمر عبر القنوات التي حددتها المادة 3 في مشروع القانون، وهي: -أن يكون هناك طلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض. -أن يتم الطلب بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية. -أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية «للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أو كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك. هذا الإجراء المسطري الجديد اعتبره حقوقيون وقضاة بمثابة تقييد لصلاحيات النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية في ملفات الفساد. كما يقيد حق المجتمع المدني في رفع دعاوى الفساد المالي. أما بخصوص الجمعيات فإن المادة 7 من المشروع أبقت على النص التالي: « يمكن للجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة والحاصلة على «إذن بالتقاضي من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل حسب الضوابط التي يحددها نص تنظيمي أن تنتصب طرفاً مدنياً، إذا كانت قد تأسست بصفة قانونية منذ أربع سنوات قبل ارتكاب الفعل الجرمي.. » وهذا يعني أنه حتى حق التنصب كطرف مدني تم تقييده بشروط بالنسبة للجمعيات، وهي: -أن تكون الجمعية معترفا لها بالمنفعة العامة، -أن تكون حاصلة على إذن بالتنصب طرفا مدنيا يمنحه لها وزير العدل. -أن تكون مؤسسة بصفة قانونية منذ أربع سنوات. وكانت هذه التدابير الجديدة المتعلقة بتحريك ملفات الفساد المالي أثارت جدلا كبيرا وسط الحقوقيين، كما انتقدتها هيئة النزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وجمعية ترانسبارانسي.