أدى قرار المجلس الحكومي، بالمصادقة على مشروع قانون المسطرة الجنائية، إلى إثارة موجة من الجدل، خصوصاً حول المادة الثالثة التي اعتبرتها الجمعية المغربية لحماية المال العام "ردة حقوقية ودستورية"، تهدف إلى تقييد قدرة جمعيات المجتمع المدني على كشف الفساد وملاحقة المفسدين. وتنص المادة الثالثة من مشروع القانون على أنه "لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية بشأن الجرائم الماسة بالمال العام إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسًا للنيابة العامة، وذلك بناءً على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو طلب مشفوع بتقرير من المفتشيات العامة أو الإدارات المعنية، أو بناءً على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها".
في السياق، أشار محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إلى أن الهدف الأساسي من المادة الثالثة هو "تجريد المجتمع أفرادًا وجماعات من كافة الأدوات القانونية والمسطرية والحقوقية التي تُمكّنهم من التصدي للفساد ونهب المال العام، وربط المسؤولية بالمحاسبة".
وأضاف الغلوسي أن تمرير هذه المادة في الظروف الحالية يعكس "إرادة المستفيدين من الفساد في إغلاق المجال الحقوقي والمدني، وإفراغه من محتواه لوقف أي إزعاج لمصالح شبكات الفساد والريع".
ويرى الغلوسي أن هذه المادة تهدف إلى "تقويض الدستور المغربي واتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، فضلاً عن كونها تقيد دور النيابات العامة والشرطة القضائية في التصدي لمخالفات القانون الجنائي"، مؤكدا أن معركة مكافحة الفساد لا تنفصل عن معركة الديمقراطية، مشددًا على أهمية التكاتف بين القوى الحية لمواجهة التوجهات التي تسعى إلى ضرب المكتسبات الحقوقية والدستورية.
وأشار الغلوسي إلى أن "اللوبي المستفيد" من زواج السلطة بالمال والإثراء غير المشروع يسعى إلى "التطبيع مع الفساد والريع والرشوة"، مشددا على أن الجمعية المغربية لحماية المال العام ستعقد اجتماعاً يوم الثلاثاء 3 شتنبر 2024 لدراسة الموضوع واتخاذ القرارات المناسبة لمواجهة هذا التوجه.