استوقفتني بعض المعاني حول مفهوم الفشل، هناك من يصنفه نتيجة سوء تخطيط وقلة تجربة وانعدام استشارة و استخارة ، وأخر يضعه في خانة البدايات الجيدة ، فلا يتحقق تميز دون تعثر في البدايات بحيث يتحول لأول شعلة سيتبعها نور ووهج و تألق . عجيب أمر الإنسان، يبذل الجهد الكبير ليقف على معاني الأشياء، ويسبر أغوار الأسباب و النتائج، أليس الفشل تجربة إنسانية تشمل كثير من مناحي الحياة، ومن سماه أصلا فشل ؟ أليست بعض الأشياء التي قمت بها في حياتك جزء من إنسانيتك ، كمحبتك لأشخاص لا يستحقون قربك ، كقراءتك لكتاب غير جيد ، كانبهارك بمشيخة أو داعية تكشف الأيام عن إيديولوجيته الحقيقة ، كثقتك المفرطة بصديق لم يراعي الذكريات بينكما ، وأمور أخرى كثيرة تعتبرها صدفة سيئة و قدر قاسي كتب عليك . أتدري أيها الإنسان أنك أتعبت نفسك بكثرة السؤال ، و الركض وراء القيل و القال ، و نسيت أنك إنسان جميل بكل حيثياتك ، مدهش بكل تحولاتك ، منعش بكل تفاصيلك ، متميز بخصوصيتك ، وكل تجربة ضعف أو خطأ في القرار أو الميول أو الاهتمام بشخص أو موقف أو حلم له حكمة وسر أنت جاهل لها حقا ، لأنك ركزت على الجوانب البرانية من حياتك ونسيت أن تستمتع بضعفك و تذوب في سنن الله المتعاقبة عليك ، فليس للفرح أو الحزن مواعيد أزلية و قارة ، بل هي تموج كما يشاء لها خالقك بقدر معلوم و بتعاقب عجيب ، وكل أمر يحدث له جمالية و سر ولكن لا تدركه لأنك تائه بين عوالم التصنيفات و الألقاب و المسميات . الفشل و النجاح ، الضعف و القوة ، الشجاعة و الجبن ماهي إلا أسماء سميتموها عبر تراكم نماذج قيم و تنشئة جاهزة ، وما البحث عن معاني جديدة إلا رحلتك الخاصة والمتفردة ، فاحزم حقائبك البهية و سافر عبر معراج الرضى و الاستسلام لأقدار الله الجميلة ، وقاوم أحرف التوتر و القلق لتلقى كل جميل تستحقه . لا عليك عزيزي الإنسان ، لا تزال فرصة الاستدراك متواجدة ومستمرة ما دامت روحك تنبض بالحياة ، وعقلك يشرق بالمحبة عليك أولا و على من حوليك .