التنسيقية الصحراوية للوديان الثلاث وادنون الساقية الحمراء واد الذهب للدفاع عن الارض والعرض تستنكر… ارض الصحراويين خط أحمر    "منتخب U20" يواصل التحضيرات    العرائش: عزفٌ جنائزي على أوتار الخراب !    المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الإولي والرياضة تحتضن الدورة الثانية للمهرجان الجهوي الإبداعي    فوزي لقجع يهنئ نهضة بركان بعد تأهله إلى نهائي كأس الكونفدرالية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    حكومة كندا تستبعد "التهديد الإرهابي"    منتدى يجمع مستثمري الخليج والمغرب    ابن كيران يشكل الأمانة العامة للبيجيدي من نفس الوجوه التي رافقته خلال سنوات صعوده وانحداره    أزروال يهنئ لقجع إثر تعيينه نائبا أولا لرئيس الكاف: "إنجاز مشرف ويعكس الكفاءة العالية والعمل المتواصل"    ابن مدينة شفشاون نوفل البعمري رئيسًا جديدًا للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان    الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب يختتم فعالياته على وقع النجاح    درجات الحرارة تسجل ارتفاعا ملحوظا غدا الإثنين    عزيز أخنوش يختتم فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بزيارة ميدانية    الطالبي العلمي: "الأحرار" الحزب واعٍ بالضغوط السياسية والهجمات التي تستهدفه ويقود الحكومة بثقة    الحسيمة تحتفي باليوم العالمي للهيموفيليا لسنة 2025 بتنظيم يوم دراسي وتحسيسي الحسيمة - فكري ولد علي    مشروع أنبوب الغاز المغربي-النيجيري يستقطب اهتمام الولايات المتحدة    الجديدة: الدورة 17 لملتقى شاعر دكالة بصيغة المؤنث    اجتماع تنسيقي لتفعيل مخطط عمل استباقي للحد من حرائق الغابات بجهة الشمال    والد لامين يامال: كنت مدريديًا… لكن برشلونة وفر لي لقمة العيش    الأوغندي أبيل شيلانغات والمغربية رحمة الطاهري يتوجان بلقب ماراطون الرباط    الملك يهنئ رئيس الطوغو بعيد بلاده    25 قتيلا جراء انفجار بميناء إيراني    غزة: إضافة 697 شهيدا بعد التحقق    حقيقة هجوم على حافلة بالمحمدية    طنجة تحتضن اجتماع المجلس الإقليمي للاتحاد الاشتراكي استعدادًا للمؤتمر المقبل    منصة رقمية تواكب منتجي الحبوب    غاييل فاي يفوز بجائزة "غونكور اختيار المغرب" عن رواية "جاكاراندا"    صدور "إفريقيا المدهشة" للوزاني.. 23 حوارا مع أبرز الأصوات الأدبية الإفريقية    الرئيس الفرنسي يشيد بإعطاء جلالة الملك انطلاقة أشغال إنجاز الخط السككي فائق السرعة القنيطرة- مراكش    المغرب يصدّر 1.7 مليون كتكوت .. ويحقق طفرة في إنتاج لحوم الدواجن    وفد اقتصادي مغربي من جهة سوس يزور الأندلس غدا الاثنين لتعزيز الشراكة المغربية الإسبانية    بعد ارتفاع حالات الإصابة به .. السل القادم عبر «حليب لعبار» وباقي المشتقات غير المبسترة يقلق الأطباء    البيجيدي يتجه نحو تصويت كاسح على بنكيران وانتخابه على رأس المصباح    استثمارات عقارية متزايدة لشقيقات الملك محمد السادس في فرنسا    جريمة بن أحمد.. الأمن يوقف شخصا جديدا    فرنسا.. مقتل مصل طعنا داخل مسجد    الصين تخطو بثبات نحو الاستقلال التكنولوجي: تصنيع شرائح 3 نانومتر دون الاعتماد على معدات غربية    ماراطون الرباط: المغربية رحمة الطاهيري تتوج باللقب والإثيوبية كالكيدان فينتي ديبيب بنصفه    9 صحفيين يحصدون الجائزة الكبرى للصحافة في المجال الفلاحي والقروي    الجزائر.. انهيار أرضي يودي بحياة عدة أشخاص    انفجار مرفأ في إيران يودي بعشرات القتلى    الرباط: تتويج التلاميذ الفائزين بالدورة السادسة لجائزة 'ألوان القدس'    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    نهضة بركان يبحث بكل ثقة وهدوء عن تأكيد تأهله إلى النهائي من قلب الجزائر    هذا موعد والقنوات الناقلة لمباراة نهضة بركان وشباب قسنطينة    مشروع ورش الدار البيضاء البحري يرعب إسبانيا: المغرب يواصل رسم ملامح قوته الصناعية    تصاعد التوتر بين الهند وباكستان بعد قرار قطع المياه    "العدل" تستعدّ لإصدار نصّ تنظيمي بشأن تطبيق قانون العقوبات البديلة    "المرأة البامبارية" تُبرز قهر تندوف    المديني: روايتي الجديدة مجنونة .. فرانسيس بابا المُبادين في غزة    الأمن يصيب جانحا بالرصاص بالسمارة    أدوار جزيئات "المسلات" تبقى مجهولة في جسم الإنسان    البشر يواظبون على مضغ العلكة منذ قرابة 10 آلاف سنة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيارة الرشيدية و نواحيها ،، مذكرات
نشر في بوابة قصر السوق يوم 09 - 08 - 2011


بقلم : دموع سليمة
السفر قطعة من العذاب،، ربما عندما تكون مضطرا فقط،، لكن أن تسافر و أنت قبل الموعد تحلم و تتخيل اللحظات التي تنتظرك، و تتشوق إليها، أعتقد أنه و العذاب لا يلتقيان....

التقينا بعد المغرب ،، في الظلام ،، فلم تكن تظهر الوجوه جيدا ،، لأننا في العادة عندما نشترك في أمر معين ننتظر من نظرات الآخرين أن ترسل لنا معنى قد يحفزنا و قد يحبطنا ،، و في هذه اللحظة ،، لم نكن نملك إلا الأصوات نعبر بها عن سعادتنا و اندفاعنا نحو هذه الرحلة ،، و بعض التخطيطات العابرة كنوع من الجدية في جعلها رحلة مميزة

ركبنا الباص ، و اتخذ كل واحد منا مكانا يبحث فيه عن كل الجوانب المريحة ،، النوافذ ، الكرسي، العجلة ، الحقائب ،، و حتى المحرك ^_^ ، لكن عندما انطلقنا ،،، كانت الصاعقة،، أن إحدى النوافذ مكسورة و مع أنها كانت بعيدة عن المكان الذي اخترناه،، إلا أن الرياح تتجه أيضا نحو المكان الذي يستهويها،، و من يجيد قراءة أفكارها؟؟ ،،
حاول أحد الشباب حل المشكل ،، مع أنه لم يكن يشعر بالضرر لكن الفتيات يصعب التحكم في لسانهن ( هن و لست أنا ههه) ربما قد يفضلون التصدي لهذه الريح طول الطريق على أن يسمعوا شكاوي البنات هههههه ،
و استمرت محاولاتهم التي آلت إلى الفشل ،، إلى أن وصلنا لمدينة الحاجب توقفنا هناك لتناول العشاء و تم إصلاح الأمر بحزم و بجدية أحم أحم ،، لتبدأ الفتيات بالمدح و الشكر إحمممم

انطلقنا في جو من النشاط و الضحك ،، و كان بيننا رائد النكتة و النشاط و الروح المرحة و الظل الخفيف، في البداية لم أستوعب هل يمزح أم يتكلم بجدية ،، و الجميل أنه يجعلك تضحك في كل الحالات .. دون أن تشعر و بدون سابق إنذار يحول الجو إلى مسرحية كوميدية يشارك فيها الجميع ،، إلا أنا،، كوني لا أجيد سوى الضحك .

جميل أن يكون للإنسان القدرة أن يحول الصمت و الجمود،، إلى حركة و مرح و ضحك، يصبح الجو ملك يديه يحركه و يحركه و الكل راض ، رائع أن يتمكن الشخص من أن يجعل الأرواح التي حوله ترفرف و الشفاه تبتسم،، و الأعين تدمع من الضحك،، في البداية و في النهاية يكون إنسان محبوب لدى الجميع .. كونه زرع السعادة في قلوبهم
........

في الظلاااام و لا يظهر من النافذة إلا السواد و النقط المتلألئة في السماء ،، كعادتي تمنيت لو أننا نمشي عوض نركب الباص ، لكن و لأول مرة يتحقق ما أتخيله ،،، فيتعطل المحرك ،
( من أروع اللحظات التي أعيشها) ،،

نزلنا و كان ضوء الباص ينير المكان و النجوم أيضا ، و قد اقترب الفجر،، و الفلق بدأ بالظهور ،، الكل يضحك و يصرخ ، في جو جنوني مرح، و الكوميديا تصاحبنا أينما كنا و كيفما كانت الأحوال، كأن المكان أصبح ملكنا، كانت لحظة رائعة لاا تنسى.

كل شخص يحضن غطاءا ليحمي نفسه من البرد، فيتخذ كل واحد شكلا معين ،، حتى أصبح منظرهم مضحك ، و طبعا الغطاء يختلف باختلاف الأحجام هههههه

تم إصلاح العطل و عدنا لأماكننا و انطلقنا ،، ،، في أي لحظة نتوقع أن يعود العطل مرة أخرى ،، و كلما مررنا من مكان يثيرني أتمنى لو يتعطل فعلا و لو لدقائق ،، لكن مثل هذه الصدف تكون معدودة جدا في حياتنا،، لهذا فهي مميزة.

كل الأماكن التي مررنا منها تثير الأنظار (سبحان الخالق)، فيتمنى الشخص لو يقضي في كل مكان فترة ليستمتع بها أكثر ،، لهذا تمنيت و رجوت الله ان يرزقني رحلة بدون باص أو سيارة،، دورة حول جبال الأطلس ،، مثل المغامرات أو الرحلات الاستكشافية . الأمر يستحق التجربة ،، يجعلك تشعر بالحرية و باتساع العالم و انسجامه مع أنفاسك و حركاتك ،، و بقدرتك احتضانه كونك تنتقل من مكان لمكان، تستعين بما تملكه و تشعر به ،، يديك رجليك عينيك أنفاسك ،، و روحك .

وصلنا لمدينة الرشيدية ،، و استقبلونا بإحدى المقرات ، غيرنا ملابسنا و ارتحنا قليلا لنتوجه إلى إحدى المقاهي ، نتناول وجبة الفطور. المثير بالمدينة أنها مدهشة ببساطتها ، و هادئة بحركتها ... لم أمر على بقال إلا و رد السلام و ابتسم و رحب.
أناس هادئون في نظراتهم قبل حركاتهم، ربما المحيط و الطبيعة هي السبب، فالصحراء في الأصل هادئة حتى و إن حاولت زعزعتها، تزلزل قلبك بريحها، فلا تجد نفسك إلا و أنت هادئ مطمئن.

توجهنا نحول إحدى العيون،،، نسيت اسمها ههههه، بها مسبح كبير . و التقينا بأطفال مؤسسة القدس لتنشيطهم ، طبعا و أكيد و مؤكد، فقد كان معنا أقوى المنشطين ^_^ ،

لم يعجبني المكان ،، مع أنه أعجب الشباب لأنهم رموا أنفسهم بالمسبح ،، و كان الأمر ممتع ، بالنسبة لهم فقط
،
تمنيت لو أني افعل ذلك أيضا، لكن ،،،، لا أجيد السباحة ههههه، لو أني أجيدها لاستعملت جنوني لأستمتع،، ربما هذا سبب انزعاجي من المكان ،، الشعور بالضعف ،،، و الغيرة و الغبطة وووووو،،، يا إلهي

كم هو ممتع أن تتعدى كل حدود العادة، و تتصرف كالأطفال باندفاع ،، تنسى العالم و تكسر ذلك الحاجز بينك و بين نفسك

فأن تقف مثلا أمام المسبح و بنفس الملابس التي عليك ،،، ترتمي باستسلام فتنسى ماذا سيحدث بعدها ،، لكن الشيء الوحيد الذي عليك أن تتذكره ،، هل تجيد السباحة ؟؟ هههه

حان وقت انصرافنا ،، و لأن المكان لم يعجبني كنت أمشي بسرعة حتى أصل لمكان الباص ،،،

في لحظة جاء طفل صغير أسمر البشرة ، ذو عينين كبيرتين واضحتين سوداويتين و رموش كثيفة ،، بنظرة مبتسمة دون أن يحرك شفتيه مد يده نحوي و أعطاني مجسم من القصب على شكل جمل قام بصناعته، أعطاني إياه بهدوء تام ، اندهشت و اندهشت و اندهشت و كدت أغرق في ذلك الهدوء ، نسيت نفسي و أنا أنظر للطفل و ما أعطاني إياه، و بنفس الهدوء أكمل مسيره دون أن ينظر إلي ، لكني لم أستطع أن أتركه ، أمسكت به و قبلته و لو أني لم أخجل، كنت سأعانقك و بشدة ،، خجلت منه كثيرا ، خجلت من نظراته و من براءته .
إسمه سعيد
هذا الطفل الذي لم يتجاوز عمره 11 سنة،، في لحظة و بتصرف بسيط منه،، علمني الكثير، و تحول انزعاجي من المكان إلى سعادة عامرة ،
قال لي دون أن يتكلم ،،،، أن الحياة لا تستحق أن ندقق فيها كثيرا ، و أن نتعب أنفسنا حتى نكسبها لصفنا ،، لهذا أشعرني بالسعادة دون أن يتكلم أو حتى يبتسم، كانت عيناه تبتسمان ،، لأن قلبه بريء صاف ، ،، أعطاني ما قام بصناعته و أكمل مسيره دون أن ينتظر مني المقابل، أكمل مسيره و بنفس الهدوء، أعطى مجسمه ليعبر عن إبداعه ،، و الإبداعات لا تباع و لا تشترى ،،
لنعش بتواضع و ببساطة ، و بحب ، نعطي بكل رضا ، و لا ننتظر المقابل
قال لي دون أن يتكلم،، أن العطاء لا يحتاج تخطيطات و وقت طويل للتفكير .
بقلبه و بتفكيره الفطري أعطاني دروسا في الحياة،، كم أتمنى أن أراه مرة أخرى، سأخبره أنه جميل جدا ، و أني أحببته بقدر ما أحببت لعبته ، و بقدر ما أحببت الحياة.

.
ركبنا الباص متجهين نحو مدينة الريصاني ،، لنتناول الغذاء هناك، و نحن في الطريق مررنا على ضريح مولاي علي الشريف ، مكان تضيق به الصدور ، و تشمئز منه الأنفاس ، و كأننا سنرى قصره و ليس قبره ، أو كأننا سنرى كنزا يخافون عليه من الضياع أو السرقة ،، و لأني فضولية أردت أن أرى ما هذا الشيء الذي يتم إقفال الباب عليه ، و يمنع التصوير فيه .
إنه الغباء الذي يخافون من أن يفضحهم .....

وصلنا لمدينة الريصاني
و نحن في الطريق لمقر إحدى الجمعيات، ثارت انتباهي نظرات السكان نساء و أطفال و فتيات ، إما توحي للاستغراب أو اللطافة حيث يبتسمون و يسلمون ،،

في المقر، نزلنا للقبو و كان بارد و هادئ و مريح ،، صلينا الظهر و العصر جمعا، و انتظرنا الغذاء،، المدفونة و هي أكلة معروفة بالمنطقة ،، لذيذة و حارة ، أكلت حتى شعرت بالدوار لكثرة الأعشاب و التوابل التي فيها.

اتجهنا للمكان الذي انتظرته كثيرا ،، إلى الرمال الذهبية ،، بمرزوكة
طول الطريق و أنا أنتظر و أترقب ظهور الرمال،، تذكرت حينما كنت متجهة لمدينة إفران لأرى و لأول مرة الثلج،، كنت أترقب ظهور أول بقعة بيضاء ، و أتشوق للمسها ،، ،، نفس الشيء مع الرمال،، إلى أن ظهرت جبال رملية بعيدة ،، شامخة تنتظر وصولنا ،، و بعزة أهل الصحراء ثابتة تنظر إلينا .
فور وصولنا ،،، نزلنا من الباص و انطلقت بسرعة نحوها،، رغبة في الصعود إلى قمة الجبل.
الصعود للقمة كان بمثابة تحدي بيني و بين نفسي، فرصة للوقوف في أعلى نقطة ، مادام الأمر سيكون عبر الرمال فقط ،، كنت أرى الأمر بسيطا... بدأت أجري و أنا أنظر فقط إليها ، و أنا أجري شعرت أني أتحرر من شيء يقيدني ،، و كأنني هاربة و لا أعرف من ماذا،
حاولت أن أفكر في الأشياء الجميلة و المريحة حتى لا يغلبني التعب ،، حاولت أن أحارب نفسي الضعيفة ،، و أن أغيظها أكسرها ، أسحقها ههههه، كل أنواع الإجرام المهم أن تصمت و تخضع لي .
لكن بدأ الأمر يصعب، و التعب يفرض نفسه، و القمة تبعد شيئا فشيئا، و شعرت بالدوار و ضيق في التنفس،، و مع ذلك حاولت أن أستمر و أستعين بيدي ،، لكن خطواتي أصبحت بطيئة ،، شعرت أني أصبحت أحارب جسدي و حياتي أيضا ،، فقدت كل طاقتي .
..............

و ارتميت على الرمال مستسلمة تمام ،،، شعرت بجبروتها ،،، و بحنانها و أنا متكئة عليها ،،
و هي تقول،، ،،

اهدئي،،، فلن تصلي ،، ليس لأني أقوى و لكن لم يحن الوقت بعد لتقف هناك، مازلت تحتاجين لأن ترتمي في أحضاني ، لا تصعدي فوق رأسي و لا تستسلم و تهربي ،،
ابقي هنا ، ستشعرين بالرضا لأنك في مكان يسعك و يسع روحك،،
حاولي أن تعرفي من أكون قبل أن أحملك فوق رأسي ،، و تري ما أراه ،، كثيرون هم يصلون للقمة و يعودون مثلما جاؤوا،، لأنهم لم يعرفوا من أكون فكيف سيعرفون أين أكون؟

كان فعلا شعور رائع و أنا متكئة على الرمال،،،،
عرفت أن القمم تحتاج لبدايات قوية ،، حتى نشعر بلذتها و قيمتها،،، و كوني استهنت بالرمال قامت فكسرت عجرفتي ،،،
ارتحت قليلا و عدت من حيث جئت أجري ،،

في لحظة أحسست و كأني في صحراء واسعة لا حدود لها و أني تهت عن طريق العودة ،،، و الطريق مازالت طويلة، خصوصا و أن الشمس بدأت تغرب ليحل الظلام، ، لحظة تشبه تلك التي نراها في الأفلام و المسلسلات عن متاهات الصحراء ،، يا سلام ،،،
طبعا لم تصدقوني،، لأن الخيال لا يهدأ و لا ينام .
تركت المكان و أنا أتمنى أن أعود إليه مرة أخرى لأحاول من جديد .. لم يسبق و اشتقت لمكان معين و بسرعة مثلما اشتقت لتلك الرمال ، شعرت أني لم أستمتع بالمكان جيدا،
قد تأخذك المتعة إلى أن تغرس وجهك فيها بل تغرس جسمك كله فلا تكاد تسمع سوى الريح و اصطدام حبات الرمال بعضها بعضا.
و صلت و من معي إلى حيث تركنا الباص،، و العطش لا يعرف النقاش أو الصبر ،، فتكرم علي أحد الحراس هناك بقنينة ماء باردة ، و قد فاجأني بكرمه،، أهل الصحراء أناس طيبون ، طيبتهم لا تعرف الحدود .
ركبنا الباص ،، و الحديث يدور حول المباراة بين المغرب و الجزائر،، و المضحك أن هناك من يشجع الجزائر،، فكان الجو مليء بالمنافسة و الشغب ، أنا كعادتي لم أهتم لأمر المباراة و أين وصلت نتائجها،، كنت مهتمة فقط بالحوارات التي تدور بين الشباب.

وصلنا في الظلام لم يكون واضح أين نحن ،، فقط منازل توحي أن المنطقة بإحدى بوادي الصحراء ، رحبوا بنا و كم أحببت ترحيبهم ، دخلنا لإحدى المنازل فشعرنا و كأننا بمكان نعرفه ، قدموا لنا كل وسائل الراحة ،
فأول ما ثار انتباه الأخوات، التلفاز،،،، و هذا يعني مشاهدة المباراة ، و أنا لا أملك سوى الاستهزاء و الضحك عليهن ،، لكن و بشكل غير مباشر بدأت أشاهدها أيضا ،،، لأستنتج بعد النتائج الغريبة أن الموضوع مشكوك فيه ،، ،، انقلبت إلى محللة رياضية خبيرة أحم أحم.
بعد المباراة كانت المفاجأة ،،،،

الفن الفلكلوري المغربي، الموسيقى الكناوية ، التي تندرج تحت بند الموسيقى الروحية ، و قد قيل أنها موسيقى طبية ،، لم يسبق و سمعت لها أو شاهدتها ،

دخلنا للمكان المخصص لهم ،، أعتقد مقرهم ، جلسنا ننتظر أن يبدأ عزفهم ، قدموا لنا الشاي ، أكيد فهم أهل الضيافة ،
اصطف عدد منهم أمامنا يحملون القراقب أو القراقش ، و هي صفائح حديدية يمسكها الموسيقيون و يرقصون بها في إطار حركات متناغمة و منسجمة ، و في الجانب الآخر رجلان يحمل كل واحد منهما طبلا له مميزات خاصة ، ضربة واحدة منه تهز القلوب و العروق و كل أعضاء الجسم ،،

كوني لا أحب هذا النوع من الأصوات فقد ضاق صدري من الطبول و اهتز قلبي و بدأت أتساءل، من الأحمق الذي يتداوى بهذه الأصوات ، و أي موسيقى روحانية هذه؟ الروح تهرب من سماعها .

توقفوا للحظة دخل أحدهم يحمل آلة تشبه العود،، لكن صوتها مختلف ،، حينها بدأت أستمتع معهم ، صحيح لم أفهم ما يقولون إلا بعض الكلمات في مدح الرسول صلى الله عليه و سلم ، لكن النغمة التي عزفوها و منظر الأطفال المنسجمين معهم و رقصهم العجيب و الجميل ،، مثير جدا،،.

بعد أن انتهى عرضهم ،، تقدم شابان من مجموعتنا ،، و هما بالأصل صحراويان ، قاما بتقديم عرض لهم أيضا، و شاركهم كل الشباب،، لم أفهم شيئا مما قالوا و لم أستوعب نغمتهم، لكن منظرهم كان جميل و هم منسجمين و متفاعلين مع ضرباتهم على الطبول و القراقب و أيديهم التي ترتفع و تنحدر و أجسامهم التي تهتز، ، و ملامح وجوههم التي تعطي للمشهد نغمة خاصة .

كانت ليلة ممتعة ، شعرت أن كل شيء بداخلي سعيد

جلست بالقرب مني إحدى نساء المنطقة،، سمراء البشرة و جميلة جدا جدا جدا، حاولت أن تعطيني فكرة عن هذا الفن و أنه مصدر رزقهم ،، حيث كان من بين العازفين أخوها .

أخبرتها أنها جميلة فخجلت مني كثيرا حتى أنها لم تنظر لوجهي و لم تتكلم بعدها ،، ،، ،، فاكتشفت أني لا أعرف الخجل

عدنا و قد كان في انتظارنا العشاء،، كسكس صحراوي بلحم الناقة لذيذ جدا، مع أني لا أحب تناول العشاء في وقت متأخر،، لكن رائحته تستفز شهيتنا ،

تم تحضير مكان الأكل بطريقة منظمة، و أحد شباب المنطقة دخل و هو حامل إناء لغسل أيدينا ، أرادت إحدى الأخوات أن تأخذه لتقوم بالمهمة هي مع الأخوات ، لكنه رفض بطريقة هادئة و سلسلة ، دون أن يحرجها ، في الأمر معاني كثيرة،، منها أنه يحترم المرأة ، يحترم الضيوف، و يحترم الموقف أمام الجماعة ،،، يا إلهي أين تعلموا كل هذا .

بعد العشاء عدنا للمنزل ،، منزلنا المؤقت، حتى ننام، ، حيث كان اليوم متعب ، ارتمت كل واحدة منا في مكان معين و دون أن أشعر غبت عن الوجود في أحلام أعيد فيها أحداث اليوم .

في الصباح ،، و مع الخامسة استيقظت على أساس أننا سنشاهد الشروق،

لكن ........


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.