تحول البرلمان المغربي إلى فضاء خاص بالأطفال الذين قدموا من 30 بلدا عبر العالم، عوض البرلمانيين الذين اعتاد المغاربة رؤيتهم فوق مقاعد البرلمان، حيث استقبل مجلس النواب أمس الثلاثاء، الأطفال المشاركين في المهرجان الدولي "أطفال السلام" الذي تحل روسيا هذا العام ضيفة شرفه، وذلك ضمن برنامج يشمل عدة حفلات وأمسيات وعروض تحييها الوفود المشاركة، فضلا عن حفل بمناسبة عيد العرش. رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي، قال في كلمة له أثناء استقبال "أطفال السلام" في فضاء المجلس، إن المهرجان "فكرة طيبة بمشاركة مئات الأطفال من حوالي ثلاثين بلدا من الفرق الدولية، ومن الفرق المحلية والوطنية المغربية الذين يقدمون أنواعا من التعبيرات الفنية والفرجوية من الفولكلور الإنساني تجسيدا لروح السلام، وتعبيرا عن ثقافة السلام، ودفاعا عن آفاق السلام". واعتبر المتحدث أن "ثقافة السلام ليست في الحقيقة سوى مجموعة من القيم والمواقف والسلوكيات والتصرفات وطرائق الحياة التي ترفض العنف والتطرف والعدوان والظلم. كما تستبق الصراعات والتوترات فتتصدى لجذورها وأسبابها، وذلك بالحوار، وأخلاق الحوار، والتفاهم بين الأفراد أو بين الجماعات". وخاطب الأطفال الذين ملؤوا مقاعد البرلمان بالقول: "أنتم تعرفون أن المغاربة عموما، شأن المجتمعات المتشبعة بالثقافة الإسلامية، يتبادلون التحية بالسلام على بعضهم البعض: السلام عليكم – وعليكم السلام، ويسمون التحية باسم السلام، والسلام في اللغة العربية، وربما في اللغات الإنسانية الأخرى كلها، يعني الأمان والاطمئنان والسلامة والحصانة والخلاص والنجاة وغيرهم". وأضاف المالكي قائلا: "إن الرهان على السلام ينبغي أن يكون رهانا على المستقبل، وعلى الأجيال الجديدة، معناه أن علينا أن نزرع السلام كفكرة في تربة المستقبل، وأن نلقن أطفالنا جميعا لغة السلام، وأن نجعلهم يتشبعون بثقافة السلام، وأن نهيئهم ليكونوا ضد وباء الحروب والعنف والتطرف والإرهاب والظلم والعدوان، وهنا تأتي أهمية الدور الذي تنهض به أنظمتنا التربوية والتعليمية التي ينبغي أن نطعمها بثقافة السلام وبالتربية على السلام، سواء في المقررات أو في الكتب والتعلمات المدرسية". وشدد على أن السلام في العالم، بالإضافة إلى زرع ثقافته وبث روحه، يحتاج إلى أسس نظامية ونظم وقوانين دولية ومحلية وإلى توفير أسباب الشرعية والمشروعية، وحماية الأمن والسلم الدوليين، مشيرا إلى أن السلام يحتاج إلى تقوية وتغذية ثقافته وتربيته باستمرار، لكنه يحتاج أيضا إلى أسس اقتصادية واجتماعية توفر الحياة الكريمة وأسباب الرفاه. كما تحتاج إلى احترام حقوق الإنسان، وضمان المساواة بين المرأة والرجل، ودعم الخيار الديموقراطي وبناء مؤسساته، حسب قوله. وانطلقت أول أمس الإثنين بسلا، فعاليات الدورة ال11 للمهرجان الدولي "أطفال السلام"، بمشاركة أطفال ينتمون إلى 30 بلد، أبرزهم أطفال فلسطين ومصر وتركيا والغابون وغينيا كوناكري ونيجيريا وكوت ديفوار ومالي وطاجيكستان والسنغال والصين، وذلك بحضور عامل عمالة سلا ورئيس المجلس البلدي لسلا إلى جانب فاعلين جمعويين. واعتبرت جمعية أبي رقراق المنظمة للمهرجان تحت رئاسة "الأميرة للا مريم"، أن تنظيم هذه الثقافة في سياق احتفالات عيد العرش، "يعد مناسبة لتلاقي أكثر من 30 مجموعة فنية من مختلف القارات والثقافات لإبراز إبداعهم في مجال الكوريغرافيا وباقي ألوان التعبير الأدبي والبصري". ويتضمن برنامج هذا المهرجان، الذي تحل روسيا ضيفة شرف عليه، تنظيم عدة حفلات وأمسيات وعروض تحييها الوفود المشاركة، فضلا عن حفل بمناسبة عيد العرش. كما يطمح المهرجان لتحويل مدن سلا والرباط والقنيطرة، إلى فضاء مفتوح لتلاقح الحضارات والتعريف بمؤهلات المدينة والجهة لاسيما على المستويات السوسيو اقتصادية، وبدورها الطلائعي في الدبلوماسية الثقافية والفنية الموازية. مدير المهرجان، عبد الرحمان الرويجل، أوضح أن نحو 700 طفل يمثلون أزيد من 30 بلدا يشاركون في هذه الدورة، مشيرا إلى أنه وقع الاختيار هذه السنة على إطلاق شعار "دورة إفريقيا"، وذلك على اعتبار مشاركة نحو 13 بلدا إفريقيا في هذا المهرجان، الذي سيتواصل إلى غاية فاتح غشت المقبل.