اعتبر المفكر الإسلامي محمد عبد الوهاب رفيقي أن فهم الجيل الأول للإسلام مختلف تماما عن الجيل الحالي، مبرزا أن الدين على عهد الجيل الأول كان رمزا للعقلانية وكان المتدين يعتبر مفكرا وعقلانيا. وأشار رفيقي الذي كان يتحدث مساء أمس الثلاثاء في ندوة نظمها معهد "HEM" بالدار البيضاء، أن أهل الدين في الأجيال الأولى كانت لهم الوجاهة وكانت السلطة تعتمد عليهم للتأثير على المجتمع، لأنهم كانوا يمثلون العقلانية. وأبرز أنه مع مرور القرون بدأ هذا الدور يتخلف وانقلب إلى العكس، حيث أضحى معظم أهل الدين يمارسون التضليل ويتحدثون بالخرافات وحاولوا إكراه الناس على اعتناق الدين، وهذا الإكراه تسبب في انتشار النفاق والنفور من الدين. وشدد "أبو حفص" على أن بناء مجتمع ديمقراطي مؤسس على ثقافة الاختلاف والتعايش، لا يمكن أن يتم بناء على الإكراه المؤدي إلى النفاق، متسائلا: "ماذا يمكن أن يستفيد المجتمع من النفاق؟، وما حاجة الدين إلى أن يؤمن من يؤمن به وهو مكره؟". وأوضح أن الله ليس في حاجة لمن يؤمن به عن إكراه، مشيرا إلى أن الهدف من الدين هو تحقيق الخلاص الفردي للإنسان، لأنه يساعد الإنسان الغارق في المشاكل اليومية على منحه الراحة والاطمئنان، مشددا على الإيمان بالإكراه لا يمكن أن يؤدي بالإنسان إلى هذه النتيجة، وهو ما يؤدي في الأخير إلى الإلحاد أو عدم الإيمان بأي دين. واعتبر رفيقي أن التضييق على حرية المعتقد في المجتمع الإسلامي ليس مرده لوجود آيات قرآنية أو أحاديث نبوية تمنع من حرية المعتقد، ولكن ذلك نتيجة ثقافة مجتمعية لا علاقة لها بما هو موجود في الدين أصلا، مشيرا أن موقف الدين من حرية الاعتقاد واضح جدا لأن القرآن مليء بالآيات المؤسسة لحرية المعتقد والإيمان بدين من عدمه. وأشار أن بعض النصوص الأخرى التي تمنع تغيير المعتقد، هي نصوص مرتبطة بسياق تاريخي معين وظروف وجودها خاصة بحقبة زمنية محددة، مشددا على أن فهم هذا التمايز بين النصوص العامة المطلقة والنصوص الخاصة بزمن معين هو من سيساعد على إزالة الإشكالات المتعلقة بحرية المعتقد في الإسلام، مبرزا أنه حينما يتم القول إن الإسلام ليس به حرية المعتقد فإننا نرتكب جريمة في حق كل الأجيال".