بسم الله الرحمن الرحيم حرية المعتقد في ديننا من ثوابت ما أنزل الله. وإكراه شخص ما على اعتقاد معتقد ما إنما هو الجريمة النكراء في دين الإسلام وفي حق المكره – بفتح الراء- ولا يولد الإكراه على المعتقد إلا النفاق... العقيدة هي ما يعتقده الإنسان من أفكار وتصورات ... أو قل ما ينعقد عليه القلب من معلومات ومسلمات ومعتقدات ... بصرف النظر عن كون ذلك حقا أم باطلا. ولهذا اعتمد الإسلام في مجال الدعوة إلى الله تعالى أسلوب الإقناع وعرض الأدلة ومناقشة غير المسلمين على قاعدة: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} والقلوب بيد الله سبحانه وتعالى يقلبها كيف يشاء. {فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها} ويبقى أسلوب المحاورة والمناظرة وبسط البراهين والاستدلال المنطقي الممنهج والمطبوع بالرفق دوما... هو أسلوب الإسلام العالي. {قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} وبهذا المنطق الراقي والحجة البالغة ووضوح المحجة البليغة... دخل الناس في دين الله أفواجا. وبقي آخرون على دينهم من يهود ونصارى وغيرهم. ولم يكرهم دين الله تعالى على تركه... إنما اعتمد مبدأ الترغيب والترهيب... وترك الناس يختارون ما يشاؤون، لكن بعد البيان والتبيان. {لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي...} ولكي يتبين الرشد من الغي لا بد من تحرير العلماء والدعاة إلى الله حتى يقوموا بهذا الواجب. وبعدها {لا إكراه في الدين} . وزيادة في التوثيق والتدقيق لا بد من الإشارة هنا إلى أن الإسلام سن تشريعا بهذا الخصوص يخص أهل الذمة مثل إعطاء الجزية، والرضى بالتحاكم إلى شريعة الإسلام. ومثل هذا قوله تعالى: {وقل الحق من ربكم، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} وهنا أيضا واضح ضرورة قول الحق من ربنا. وهو قول يجب أن يتمتع بكل حرية، وحماية للقائلين به... وللذين يحاولون جهلا أن يكرهوا غير المسلمين على الدخول في الإسلام... يكفيهم أن ذلك ليس من حقهم، ولا هو واجب عليهم... وهو أمر لم يرضه الله تبارك وتعالى لرسوله الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث خاطبه بالقول: {أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين}؟ وبقوله {إن عليك إلا البلاغ} {فذكر إنما أنت مذكرلست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر} الله هو الذي يعذبه وليس الناس. إذن حرية المعتقد في الإسلام حرية لا غبار عليها ولا لبس فيها البتة. وحرية المعتقد في النهاية ينتج عنها حرية العمل... والإسلام لم يغفل ذلك... بل جاء في القرآن الكريم: {لنا أعمالنا ولكم أعمالكم} {لكم دينكم ولي دين}. هكذا عاش غير المسلمين في كنف الدولة الإسلامية في أمن وأمان وحرية وحماية طول الزمن إلى عهد قريب، بل وإلى الآن كما هو مشاهد بالعيان في بلادنا المغربية المتسامحة. جاءت حقوق الإنسان طافحة بالدفاع عن هذا الحق الأساسي للإنسان والمتمثل في اعتقاد حر وتصرف حر كذلك... جاءت متأخرة جدا بالنسبة للإسلام الكريم الذي نص في محكمه على الحق في الإيمان من عدمه. جاءت متأخرة وقاصرة أيضا... ومن قصورها الخلط بين حرية المعتقد التي لا ريب فيها، وحرية الردة كما جاءت في المادة الثامنة عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي لا يقرها الإسلام. ذلك أن خيانة الدين وخيانة الوطن... والاعتقاد بحرية استباحة الأعراض واستحلال الأغراض... ليس من حرية المعتقد في شيء. فلا غرابة أن وجدنا في الإسلام الأحكام المغلظة في حق الخائنين..، وهو ما فتئت تطبقه كل الدول العريقة في الديموقراطية... إلى يوم الناس هذا. ومن لم يدرك الفرق بين حرية العقيدة وحرية الردة فما أنا عليه بوكيل. الموقع الخاص: www.elfazazi.com البريد الخاص: [email protected]