اعتبر الكاتب المغربي حسام الدين نوالي، أن الشعر لم يكن ديوان العرب أبدا، وأنه تم خداع الناس بأن تم التعتيم على "المادة الحكائية وإقصاء المحتوى السردي سواء باعتباره قدحيا "أساطير الأولين" أو باعتباره غير منضبط لإحدى قواعد ذاكرة التدوين الديني وهو الإسناد". وأضاف نوالي الذي كان يتحدث في حفل توقيع كتاب "العقل الحكائي"، الذي احتضنه مؤخرا المركز الثقافي أبو القاسم الزياني بخنيفرة، أنه "رغم أن النص القرآني يخلق تراتبية بين الجنسين التعبيريين الشعر والسرد إذ يقصي الأول وينفيه عن النبي فإنه بالمقابل يدعوه للقص "فاقصص القصص لعلهم يتفكرون" (قرآن)". وأشار صاحب "العقل الحكائي "أنه في الوقت الذي يدعي مؤرخو السيرة النبوية أن الكفار وصفوا القرآن بالشعر، فإن الطبري يقول: "ما الآيات إلا قصص متتالية"، فلماذا رُفض الرأي الأول، فيما قُبل الرأي الثاني؟"، مشيرا أن "الله ينسب القص لنفسه ويستحسنه "نحن نقص عليك أحسن القصص" لكن القرآن سيحتوي السرد كله وسيعيد تشكيل الحضارة من جديد من خلال عقل سردي جديد". وبخصوص كتابه "العقل الحكائي"، قال نوالي إنه كتابه "يخلص إلى أن المنجز الإنساني عموما ليس أكثر من مادة سردية"، مضيفا أن "العرب كانوا أمة ساردة، وكان السرد خلاصة الثقافة العربية وحامل نتاجها المعرفي وديوانها فيما كان لصراع المواقع رأي ثاني في عصر التدوين حيث تم تكريسه وتلقينه وإعادة ترديده".
وتساءل المصدر ذاته قائلا: "ماذا لو لم يكن هناك سردا أبدا؟ ولم تكن الحكاية؟ هل كان العالم يعرف معنى ما للزمن أو المكان أو التاريخ؟ هل كنا سنبحث عن الأخر خارج دوائر انتمائنا أم بالعكس سنسيّج دوائرنا أكثر ونغلق النوافذ؟ وهل سيستقيم الحديث من دون الحكاية عن مجتمع أو شعب وعن الإنسانية أصلا بل عن الحياة كما يقول بارث". وأضاف ضمن حديثه في الحفل الذي نظم بشراكة مع مركز روافد للأبحاث والفنون والإعلام: "ثم ما الذي يمكنه أن يسند الحضارات لو لم تشكلها وتسندها المرويات، استنادا إلى إدوارد سعيد؟ أليست الحكاية هي الكبد الذي خلقنا فيه، أو الروح التي نفخت فينا لنرقى؟ أليست الحكاية هي الأمانة التي حملناها وتجنبتها الملائكة والجبال وها نحن فيها وبها نشقى؟".