نبهت منظمة التجديد الطلابي إلى أن قطاع التعليم العالي، تراجعت مكانته ضمن الهيكلة الحكومية الجديدة، بعدما انتقل تمثيل القطاع في الحكومة من وزير ووزير منتدب إلى مجرد كاتب دولة، مشيرة إلى أن التصريح الحكومي لم يخصص للتعليم العالي سوى فقرتين، إضافة إلى ضعف حضور الجامعة في النقاش البرلماني الذي دار حول التصريح الحكومي. واعتبرت الهيئة الطلابية في بلاغ لمجلسها الوطني، أن التعليم العالي "يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية لترجمة وعود البرنامج الحكومي، وذلك وفقا لمقاربة تشاركية لا تقصي المنظمات الطلابية لتفادي تكرار الأخطاء السابقة وإعادة إنتاج الفشل، دون إغفال التقييم الجدي لما سبق من إصلاحات مع ربط المسؤولية بالمحاسبة". وفي نفس السياق، أشاد بلاغ المجلس الوطني للمنظمة الرابع الذي اختتم أشغاله أمس السبت بالرباط، بنص البرنامج الحكومي على تعديل القانون 00.01، ومراجعة المرسوم الخاص بالمنح الجامعية، وتحسين الخدمات الاجتماعية للطلبة. رئيس المنظمة رشيد العدوني، قال في تصريح لجريدة "العمق"، إن هيئته أصيبت بخيبة أمل "نظرا للموقع الباهت للتعليم العالي ضمن الهيكلة الحكومية"، مشيرا إلى أن التصريح الحكومي اقتصر على ثلاث فقرات صغيرة تحمل وعود وكلمات فضفاضة في غالبها، وذلك في ظل ما أسماه "ادعاءات" في البرامج الانتخابية لمختلف الأحزاب ووعود بالاهتمام بالتعليم والجامعة. وأضاف بالقول: "وازدادت خيبة الأمل بمتابعتنا لمداخلات الفرق النيابية التي تجاهلت قضايا التعليم العالي في غالبها، بينما بدت هامشية في بعض المداخلات القليلة التي تطرقت لها"، لافتا إلى أنه بالرغم من هذا الوضع، إلا أن منظمته "جاهزة لتقديم مقترحاتنا للإصلاح بدءا من التقييم المسؤول وربطه بالمحاسبة، ومرورا بمعالجة مختلف الإشكالات والتي نبهنا إليها وأكدت عليها اليوم تقارير، وقد وضعنا طلبات عقد لقاءات مع وزير التربية الوطنية وكاتب الدولة في التعليم العالي والبحث العلمي، ولدى مختلف الفرق البرلمانية من أجل الترافع على الجامعة ومطالب الطلبة والإسهام الإيجابي في النهوض بالتعليم العالي". وفي السياق ذاته، دعت التجديد الطلابي إلى إحالة التقارير الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات بخصوص وضعية الجامعات المغربية على القضاء، وطالب بتعميم الافتحاص المالي والإداري على كل المؤسسات الجامعية، لافتا إلى أن التقرير الأخير لمجلس جطو الذي تطرق لوضعية الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية ومثيلتها بتارودانت، والذي أكد على عدد هائل من الاختلالات البنيوية التي يعاني منها التعليم العالي بالمغرب، سبق للمنظمة أن نبهت إليه في تقريرها حول "الفساد الإداري والمالي بالجامعة المغربية"، حسب البلاغ ذاته. وشددت الهيئة الطلابية الإسلامية على أن "تحرير الجامعة من الفساد هو شرط واجب وضروري لأي مبادرة إصلاحية"، مؤكدة "مواصلة النضال من أجل هذه المعركة الوطنية بخطوات تصعيدية دفاعا عن حرمة الجامعة وكرامة الطلاب". وبخصوص الفضيحة الجنسية التي عرفتها جامعة عبد المالك السعيدي بتطوان، دعت التجديد الطلابي إلى إقرار "ميثاق قيم الجامعة المغربية"، مطالبة كل مكونات الفضاء الجامعي إلى حماية الجامعة من كل مظاهر الشذوذ والانحراف القيمي والأخلاقي الذي يتنافى مع رسالة الجامعة، موجهة في الوقت ذاته "التحية للأساتذة الجامعيين الشرفاء الذي يحفظون لرسالة العلم حرمتها". وأشارت الهيئة ذاتها، إلى أن الأزمة القيمية التي تعيشها المنظومة التربوية المغربية، والتي أكد عليها التقرير الأخير للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث والعلمي، عبرت عن فشل قيمي ذريع، كان آخر تجلياته فضيحة الابتزاز الجنسي بكلية العلوم بتطوان، إضافة إلى انتشار العنف والمخدرات والميوعة والتطرف بالوسط المدرسي والجامعي، معتبرة أن الأمر يحتاج بشكل عاجل لإعادة النظر في مضمون التنشئة الاجتماعية والثقافية للمنظومة التعليمية، عبر إشراك المنظمات الطلابية وتعزيز المرجعية الإسلامية بقيمها السمحة للنهوض بالوضعية القيمية للتعليم المغربي، حسب البلاغ. إلى ذلك، رحب المجلس الوطني للمنظمة بنداءات عدد من مكونات الحركة الطلابية لمناهضة العنف واحترام الاختلاف والتعدد في الرؤى والاجتهادات، وذلك في ظل الوضعية الآنية للحركة الطلابية المغربية، وتعثر مبادرات حل الأزمة التنظيمية للنقابة الطلابية "الاتحاد الوطني لطلبة المغرب"، مسجلا "استمرار عصابة البرنامج المرحلي في ارتكاب جرائمها البشعة في حق الطلبة والأساتذة والإداريين بمختلف توجهاتهم، في ظل تخلف الدولة عن القيام بأدوارها في محاربة الجريمة المنظمة وحماية أرواح المواطنين". وأوضحت الهيئة أن الذكرى الثالثة لمقتل عضو المنظمة عبد الرحيم حسناوي على أيدي عناصر فصيل البرنامج المرحلي في جامعة فاس، شهدت "هجومات عنيفة في عدد من المواقع الجامعية قادتها هذه العصابة الإرهابية المسلحة ( فاس- سايس، تازة، مكناس، وجدة، أكادير)"، وفق تعبير البلاغ. كما ثمن المجلس الوطني "مبادرة الطرف الثالث" التي تم اقتراحها في ندوة وطنية نظمتها الهيئة المذكورة يوم 24 الماضي بالرباط، داعية كل الفعاليات الحقوقية والمدنية والسياسية لدعمها "من أجل بناء حركة طلابية مؤمنة بقيم الحرية والديمقراطية والاستقلالية والتعددية". وبخصوص الوضع السياسي في المغرب، اعتبرت التجديد الطلابي أن ما حدث في المرحلة الأخيرة يعد "نكوصا ديمقراطيا واضحا ناتجا عن غرور في العقل السلطوي، ومتجليا في سعي الأطراف الاستئصالية إلى تبديد الرصيد الإصلاحي المعتبر الذي تحقق للمغرب في المرحلة السابقة، وإثارة العداوة والخصومة بين المؤسسات التي تمثل المشروعية ببلادنا وبين القوى الحية والديمقراطية والمواطنة، ووأد المصالحة المتزايدة للمواطنين مع السياسة، واستهداف الأحزاب السياسية المستقلة، والعمل على الانتقام من الإرادة الشعبية، واستعادة خطاب أولوية التنمية وتأجيل أو حذف الديمقراطية من جدول الأعمال الوطني، وهو خطاب أثبت فشله في عدد من التجارب". وحذرت الهيئة الطلابي في بلاغها، من "مخاطر هذه المغامرة غير المحسوبة العواقب"، داعية القوى الإصلاحية والديمقراطية إلى "الصمود واستعادة المبادرة وتعميق التشاور والحوار من أجل مواصلة النضال وإقرار الديمقراطية التي لا تقبل بديلا ولا تأجيلا ولا تعطيلا". كما تسجل المنظمة بالموازاة مع هذا التراجع السياسي، يضيف البلاغ، "عودة بعض الانتهاكات الحقوقية التي تزامنت مع تقديم المغرب لتقرير الاستعراض الدوري الشامل بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، هذه التجاوزات التي تراوحت بين اعتقال عدد من الشباب الوسطي- المعتدل ومتابعتهم بموجب قانون الإرهاب، ضمنهم معاذ العمري عضو منظمة التجديد الطلابي بالرشيدية، وكذا إعفاء عدد من الموظفين من مهامهم لأسباب سياسية، أو الاعتداء على بعض النضالات الاجتماعية ( الأساتذة المتدربون، تنسيقية 10000 إطار، احتجاجات مدينة الحسيمة، احتجاجات النساء السلاليات…)، مما يشكل إساءة بليغة للمغرب ولرصيده الحقوقي المتواضع، ويجدد المجلس إدانته لهذه الانتهاكات، ودعوته إلى إطلاق سراح كافة المعتقلين لأسباب سياسية وفي مقدمتهم شباب الوسطية والاعتدال".