عودة إلى أصول الخلاف الذي أحدث التحول التاريخي في حياة الإسلام بالنسبة للرواة والمؤرخين، عدت واقعة "سقيفة بني ساعدة"، نقطة تحول تاريخي في حياة الإسلام التي لازالت ترخي بظلالها على العالم الإسلامي إلى الآن. طرحت الواقعة إشكالية الخلافة، وسؤال من له أحقية خلافة المسلمين، وقضية الشورى، كإحدى أهم نقاط الخلاف التاريخي الديني الذي أوقع تصدعا بين المسلمين، ليفرقهم بين سنة وشيعة. هي عودة تاريخية، نحن بحاجة إليها اليوم، لفهم ما جرى خلال وقائع حادثة السقيفة، سقيفة بني ساعدة، رغم اختلاف الروايات بشأنها، أين جرت أول مفاوضات علنية بين المسلمين لاختيار ومن يقوم على سياستهم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، نوردها بقراءات الأطراف المتصارعة. 4- حادث السقيفة.. قراءات شيعية 3 ويتدخل أبو بكر، واضعا اختيار الترشيح بين اثنين من الشخصيات الحاضرة، إحداها من المدينة الأنصار، فيما كانت الأخرى من قريش (المهاجرين). خاطب أبو بكر المجتمعين: هذا عمر وأبو عبيدة فأيهما شئتم فبايعوا. في هذه الأثناء التي احتدم فيها الجدل، تدخل قبيلة أسلم المدينة، وتحرس الطرق والدروب لنصرة أبي بكر وعمر وأبي عبيدة، حسبما ترويه الروايات الشيعية، وتورد لتبرير روايتها، قول عمر بن الخطاب عندما علم بدخول قبيلة "أسلم" وسيطرتها على المدينة: (ما هو إلا أن رأيت أسلم. فأيقنت بالنصر. وهو قول وارد في كتاب "الكامل" لابن الأثير، وتورد الشيعة، أن من بين شيوخ قبيلة "أسلم" وتصفه دون تردد ب "المنافق"، سفيان بن عوف المكنى بأبي الأعور السلمي، والذي تعتبر أنه كان له دور في محاولة اغتيال النبي (ص). ترى الروايات الشيعية، بأن كل ما جرى خلال اجتماع السقيفة، لفتها "تخطيط عسكري لتثبيت حكم أبي بكر، وأن الأمر لا يتعلق بأن بيعة الخلافة تمت باتفاق جميع الصحابة, أو أنها كانت بوصية من النبي (ص). وتورد بأنه لو كانت الخلافة بوصية من النبي محمد (ص) "لأغرقنا المؤرخون بذلك النص ولكن، لا وجود لذلك النص إلى اليوم، سوى رواية عائشة التي تقول فيها أن النبي أمَرَّ أبيها (أبوبكر) على إمامة الصلاة. وتعتبر أنه لو كانت حجة الإمامة في الصلاة، حجة شرعية، لم يكن لأبي بكر أن يقول : (هذا عمر وأبو عبيدة فأيهما شئتم بايعوا). حسب ما يرويه الطبري عن الكلبي، فإن قبيلة "أسلم" أقبلت بجماعتها حتى تضايق بهم السكك فبايعوا أبا بكر، وأن عمرا كان يقول: لما رأيت أسلم أيقنت بالنصر. ثم قوله فيما بعد: فكثر اللغط وارتفعت الاصوات حتى تخوَّفتُ الاختلاف فقلت لأبي بكر: أُبسط يدك لاُبايعك. ورد في "السيرة النبوية" لابن هشام. وتستند الشيعة على ما أورده الطبري للتدليل على موقفها من أنه كان ثمة ما يدل على تقاسم عمر وأبو بكر أمر الخلافة، قراءة استحضرت الكثير من منطق "المناورة والتآمر على المسلمين"، حسب الشيعة.