عودة إلى أصول الخلاف الذي أحدث التحول التاريخي في حياة الإسلام بالنسبة إلى الرواة والمؤرخين، عدت واقعة "سقيفة بني ساعدة"، نقطة تحول تاريخي في حياة الإسلام التي لازالت ترخي بظلالها على العالم الإسلامي إلى الآن. طرحت الواقعة إشكالية الخلافة، وسؤال من أحقية خلافة المسلمين، وقضية الشورى، كإحدى أهم نقاط الخلاف التاريخي الديني الذي أوقع تصدعا بين المسلمين، ليفرقهم بين سنة وشيعة. هي عودة تاريخية، نحن بحاجة إليها اليوم، لفهم ما جرى خلال وقائع حادثة السقيفة، سقيفة بني ساعدة، رغم اختلاف الروايات بشأنها، أين جرت أول مفاوضات علنية بين المسلمين لاختيار ومن يقوم على سياستهم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ونوردها بقراءات الأطراف المتصارعة. 2- سقيفة بني ساعدة، الاجتماع التاريخي بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ورشحوا سعد بن عبادة للخلافة، وتصل أسماع عمر بن الخطاب وقائع ما جرى، ليخبر أبا بكر بالأمر، قبل أن يسرعا باتجاه السقيفة. في الجهة الشمالية الغربية من المسجد النبوي، وداخل مزرعة تتخللها بيوت متفرقة أين تسكن قبيلة بني ساعدة داخل البساتين المتجاورة، بين مساكن قبيلة بني ساعدة الخزرجية توجد سقيفة كبيرة لبني ساعدة، ما رشحها لأن تكون مكانا ملائما للاجتماعات العامة، ولما توفره رحبة واسعة أمامها تتسع لأعداد كبيرة من الناس، حتى ولو ضاقت عنهم السقيفة نفسها، وبجانب السقيفة يتواجد بئر لبني ساعدة. قبل أن تتحول هذه السقيفة إلى مبنى، تغيرت أشكاله عبر العصور، إلى أن أصبح الآن حديقة تطل مباشرة على السور الغربي للمسجد النبوي. حين وصل عمر وأبو بكر إلى السقيفة، بينما الأنصار مجتمعين، انطلق جدال بين الطرفين: أبو بكر وعمر من جهة، والأنصار من جهة أخرى. بالنسبة للأنصار، كان اقتراحهم في أن يكون الأمير الذي سيخلف رسول الله على المسلمين من المهاجرين، وأمير من المهاجرين: "إلا أن عمر بن الخطاب سيرفض العرض، مرشحا أبا بكر للخلافة. وانتهى الأمر في النهاية باختيار أبي بكر خليفة للمسلمين وفقاً لترشيح عمر بن الخطاب. بويع أبو بكر يومها بيعة خاصة، قبل أن تتم مبايعته في بيعة عامة في اليوم الموالي. تختلف روايات السنة والشيعة في بعض التفاصيل حيث تقول المصادر السنية أن جميع الصحابة بلا استثناء بايعوا أبو بكر عن رضا لعلمهم بمكانته عند الرسول محمد. كذلك يروى أن عليا ابن أي طالب، ابن عم الرسول، كان مقتنعاً بأحقيته في الخلافة، وأنه كان يعتقد أن المسلمين سيختاروه في السقيفة، إلا أنه حين علم بمبايعة المسلمين لأبي بكر رضي بالأمر وسلم؛ بل إنه أكد أحقية المهاجرين في الخلافة، وقال حين سمع بترشيح الأنصار للخلافة: "لو كانت الإمامة منهم، لما كانت الوصية فيهم"، في إشارة منه إلى وصية محمد في الأنصار قبل وفاته. كذلك بعض الصحابة ممن لم يتقبلوا الأمر أول مرة، رضوا فيما بعد به، وبايعوا أبو بكر في البيعة العامة مثل الزبير بن العوام وسعد بن عبادة.