أكد وزير العدل والحريات، السيد المصطفى الرميد، أن المغرب أصبح يمتلك تصورا واضحا ومخططا استراتيجيا لإصلاح منظومة العدالة بعد انتهاء الحوار الوطني حول هذا الإصلاح . وأبرز السيد الرميد، الذي حل مساء أمس الخميس ضيفا على برنامج "90 دقيقة للإقناع"، الذي تبثه قناة ميدي 1 تي في، أن الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة كان "ناجحا بجميع المقاييس" لكونه ناقش أهم القضايا الأساسية بالنسبة للعدالة وشاركت فيه جميع الفئات المعنية (قضاة ومحامون وموثقون ومفوضون قضائيون وخبراء ومجتمع مدني ومؤسسات الدولة..). وأضاف أن هذا الحوار أسفر عن وثيقة غير مسبوقة هي ميثاق إصلاح منظومة العدالة ، مبرزا أن هذا الميثاق يرسم خريطة طريق الاصلاح في القطاع. وقال الوزير في هذا الصدد "بعد أن انتهينا من الحوار لدينا الآن وثيقة مرجعية نستند إليها اليوم في إنجاز مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية ومشروع قانون المسطرة المدنية ومشروع قانون التنظيم القضائي وقبل ذلك مشروع القانون التنظيمي للمجلس الاعلى للسلطة القضائية ومشروع قانون النظام الأساسي للقضاة" وأيضا كل ما يتعلق بتأهيل المحاكم والبنيات الأساسية للعدالة. وفي معرض حديثه عن حصيلة الحكومة في محاربة الفساد، جدد السيد الرميد التأكيد على أن الحكومة لديها إرادة قوية لمحاربة الفساد ، لافتا إلى أن الفساد كأي ممارسة متجذرة في السلوك الانساني "لا يمكن لحكومة في عشية وضحاها أن تقضي عليه". وأبرز أنه تتم على مستوى وزارة العدل والحريات إحالة جميع التقارير التي تحال عليها من قبل الوكيل العام للمجلس الاعلى للحسابات في ظرف 24 ساعة على القضاء. وذكر أنه إضافة إلى ذلك تم تشكيل لجنة على مستوى الوزارة، ولأول مرة في تاريخ الحكومات، تشتغل على باقي التقارير التي لم تتم إحالتها من قبل الوكيل العام للمجلس الاعلى للحسابات، مبرزا أنه تحال على القضاء كل التقارير التي وجدت فيها هذه اللجنة شبهة فساد وانحراف ذو طبيعة جرمية. كما تتم إحالة جميع التقارير التي أحالتها عليها الهيئة المركزية لمحاربة الرشوة وكذا التقارير التي يحيلها عليها البرلمان الى جانب الوشايات التي تتضمن وقائع معينة ومحددة. غير أنه سجل أن المشكل اليوم يكمن في المؤسسات التي تشتغل على محاربة الفساد والتي يتعين دعمها بالموارد البشرية المؤهلة سواء على مستوى الشرطة القضائية والفرقة الوطنية للشرطة القضائية أو على مستوى قاضي التحقيق أو المحاكم، وذلك بهدف تحقيق نتائج أفضل في محاربة هذه الظاهرة. وذكر بوجود 4 أقسام فقط بمحاكم الاستئناف تعنى بجرائم الفساد، أشار إلى القرار الذي وقعه رفقة وزير الداخلية من أجل إحداث 4 فرق جهوية للشرطة القضائية، من أجل التمكن من سد النقص على مستوى البحث الذي يعوق ظهور النتائج في مجال محاربة الفساد. وبخصوص جهود محاربة الفساد داخل قطاع العدل، أشار السيد الرميد إلى أن المجلس الاعلى للقضاء أحال 18 قاضيا لحد الآن إما على التقاعد أو أنه عزلهم وذلك بمجرد أن يثبت أي شئ يفيد بأنهم تورطوا في فساد، مضيفا أن المجلس ذهب إلى أبعد من ذلك ، حيث أنه أصبح يراقب ثروات القضاة. وحرص السيد الرميد، من جهة أخرى، على نفي وجود أي انتقائية أو تحيز في التعامل مع الملفات المحالة على القضاء بخصوص الفساد. وبخصوص الحقوق والحريات بالمغرب، ذكر السيد الرميد بالتطورات التي عرفها المغرب في هذا المجال منذ بداية ال90 مرورا بحكومة التناوب وإلى عهد جلالة الملك محمد السادس الذي عرفت فيه حقوق الانسان والديمقراطية نفسا أكثر تطورا. وأكد السيد الرميد أن المغرب يتطور يوما بعد يوم في وضعه الحقوقي، مشيرا إلى أن هناك نجاحات متعددة وكذا إخفاقات، وقال إن وضع حقوق لإنسان في المغرب ليس كما تحاول أن تصوره تقارير بعض المنظمات غير الموضوعية، مؤكدا أن "هناك نوعا من الاجحاف في حق تطور حقوق الانسان بالمغرب". وفي ما يتعلق بالنقاش الدائر حول إلغاء عقوبة الإعدام، اعتبر الوزير أن "الأمر يتعلق بقضية مجتمعية لم يتم الحسم فيها"، مضيفا أن أنه ينبغي، إحاطة هذه العقوبة بكافة الضمانات وبمجموعة من الشروط التي تحصنها من الخطأ. وبخصوص العلاقة مع فرنسا، أكد السيد الرميد أن هذه الأخيرة تعتبر استراتيجيا دولة صديقة للمغرب، لكنها "ارتكبت معنا أخطاء كبيرة ونحن لم نسكت عليها ولن نسكت عنها".