أكد وزير العدل والحريات٬ مصطفى الرميد٬ أن الحوار الشامل والعميق حول إصلاح منظومة العدالة سيؤسس في غضون ستة أشهر أو سنة في أقصى الأحوال لعدالة جديدة بالمغرب. وأضاف الرميد الذي حل ضيفا على برنامج "قضايا وآراء" الذي بثته القناة الأولى، مساء أمس الثلاثاء ٬ أن هذا الحوار المتسم بالاستمرارية والتجدد٬ سيفتح آفاق واعدة لإصلاح قضائي نوعي غير مسبوق٬ وذلك بفضل مساهمة جميع المعنيين ٬ خاصة المواطنين ٬ مقرا في الوقت ذاته بأن هذا الإصلاح "ليس بمقدوره تسوية جميع المشاكل أو إفراز مجتمع العدالة المطلقة". وشدد على المقاربة التشاركية التي تم اعتمادها في إطلاق هذا الحوار من خلال تمثيلية الجمعيات المهنية وجميع الهيئات على مستوى الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة٬ مؤكدا انفتاح الوزارة على جميع المقترحات التي من شأنها إغناء الحوار وعلى مناقشة جميع المواضيع، وفق وكالة الأنباء المغربية. وأكد الوزير٬ من جهة أخرى٬ أنه لا يمكن تخليق الحياة العامة ومحاربة الرشوة في قطاع القضاء دون تعاون المواطن من خلال التبليغ عن أي تجاوزات ٬ مشيرا إلى أن المغرب يتوفر اليوم على قانون يحمي الشهود ومن شأنه تفعيل دور المواطن في تخليق الحياة العامة. وأبرز أن الوزارة تشتغل على ملفات لها علاقة بالفساد بناء على تقارير المجلس الأعلى للحسابات٬ وأن قرار الاعتقالات في ملفات الفساد يتخذها قضاة التحقيق بحرية تامة وفي إطار الصلاحيات المخولة لهم٬ وليس النيابة العامة التي تكتفي بتقديم ملتمسات. وقال وزير العدل والحريات "إنني لا أتدخل لا في القضاء الواقف أو الجالس وإذ ثبت تدخلي في أي ملف أو قضية فأنا على استعداد للمحاسبة وللمحاكمة الجنائية". وبخصوص الوضعية المادية للقضاة ٬ قال إن وضعية القضاة لاسيما من الدرجة الثالثة "لا تبعث عن الارتياح "٬ مؤكدا أن " الملك والحكومة عاقدان العزم على النهوض بالأوضاع المادية والاجتماعية للقضاة بما يؤدي إلى تحصينهم من اقتراف بعض التجاوزات مع العلم أنه يتعين اتخاذ تدابير وقرارات من شأنها تمكين القضاة من الاضطلاع بدورهم في تخليق الحياة العامة". وفي ما يتعلق بالتقرير الذي أصدرته مؤخرا لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب حول وضعية السجون٬ أكد أن هذه الأخيرة تعاني من مشاكل حقيقة تتجلى على الخصوص في محدودية طاقتها الاستيعابية٬ مما يؤدي إلى الاكتظاظ٬ معتبرا أن حل هذه المشاكل ليس بالأمر الهين وأن الأمر يتطلب رصد إمكانيات مادية هامة. من جانبها٬ اعتبرت جميلة السيوري٬ رئيسة جمعية (عدالة ) أن الحوار حول إصلاح منظومة العدالة كان من بين أهم مطالب الجمعية التي كانت لها مؤاخذات بخصوص هذا الحوار على مستوى المنهجية والمحاور٬ معتبرة أنه "لم يتم إشراك جميع المهنيين المعنيين وأن الحوار لم يتناول قضايا ذات أولوية من قبيل مسألة الأمن القانوني والسياسة الجنائية والفساد وتخليق الحياة العامة". ونبهت إلى أن قطاع العدالة "في حاجة ماسة لحوار جريء يناقش إصلاح السياسة الجنائية وإلغاء عقوبة الإعدام والمصادقة على المحكمة الجنائية الدولية بما يضمن عدم التمييز والعدالة الجنائية للمرأة". من جهته٬ اعتبر رئيس منتدى المواطنة عبد العالي مستور أن القضاء قضية مجتمع وأن الحوار حول إصلاح منظومة العدالة شكل مدخلا أساسيا لإعادة ثقة المواطنين في القضاء ٬ وأكد على أهمية تخليق الحياة العامة٬ داعيا إلى تحريك الملفات التي تضمنها تقرير المجلس الأعلى للحسابات. أما رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب عبد اللطيف وهبي٬ فقد اعتبر أن إطلاق الحوار هو أمر إيجابي وذكر بأن محاوره سبق أن كانت محط نقاش من قبل الفاعلين المعنيين ٬ متسائلا كيف يمكن للسلطة القضائية محاربة الفساد وتوفير الضمانات لعدالة نزيهة . واعتبر أن ملفات الفساد المعروضة مؤخرا أمام القضاء لا تعدو أن تكون "حملة تطهير" ٬ مضيفا "كنا ننتظر إشارات قوية على مستوى الحريات والضمانات". *تعليق الصورة: مصطفى الرميد وزير العدل المغربي خلال برنامج قضايا وآراء