قال وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، يوم الجمعة المنصرم، بالرباط، إن الوزارة تراهن على إخراج القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال النصف الأول من السنة المقبلة. وأوضح الرميد، في لقاء نظمته المؤسسة الدبلوماسية في إطار برنامجها الدوري "منتدى الأفكار"، لفائدة السلك الدبلوماسي المعتمد لدى جلالة الملك، أن وضع هذا القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية يشكل أحد الأهداف الفرعية لميثاق إصلاح منظومة العدالة الذي تم تقديم مضامينه أخيرا، والذي جاء بعد أزيد من سنة على إطلاق الحوار الوطني حول إصلاح هذه المنظومة. ونص الدستور الجديد على إحداث سلطة جديدة تسمى "المجلس الأعلى للسلطة القضائية" تسهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، سيما في ما يخص استقلالهم وتعيينهم وترقيتهم وتقاعدهم وتأديبهم. وينص ميثاق إصلاح منظومة العدالة على ضمان استقلالية المجلس الأعلى للسلطة القضائية، من خلال، على الخصوص، تكريس الاستقلال الإداري والمالي للمجلس، وإحداث مفتشية عامة للتفتيش القضائي بالمجلس، ووضع آلية لنظر المجلس في تظلمات القضاة بشأن تهديد استقلالهم. وأشار الوزير إلى أنه سيتم تعيين رئيس منتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وأنه لأول مرة في تاريخ المغرب، سيصبح بإمكان القضاة الطعن في حالة استعمال الشطط أمام الغرفة الإدارية لمحكمة النقض. واستعرض الرميد، خلال هذا اللقاء، الذي خصص لموضوع "إصلاح منظومة العدالة"، الأهداف الاستراتيجية لميثاق إصلاح منظومة العدالة والمتمثلة في توطيد استقلال السلطة القضائية، وتخليق منظومة العدالة، وتعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات، والارتقاء بفعالية ونجاعة القضاء، وإنماء القدرات المؤسسية لمنظومة العدالة، وتحديث الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها. كما أشار إلى أن مسار الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة تميز بعقد 41 اجتماعا للهيئة العليا، و11 ندوة جهوية غطت الخريطة القضائية للمملكة، والاستشارات الكتابية ل111 هيئة ومنظمة، و104 ندوات مواكبة على صعيد المحاكم. وأكد أن مشروع إصلاح العدالة مشروع وطني انخرط فيه الجميع وسجل فيه المجتمع المدني حضورا قويا، من خلال مشاركة أزيد من 200 جمعية، مضيفا أن إنجاح هذا المشروع يتطلب تعبئة الجميع. وبخصوص استقلال القضاء، أبرز الوزير أن القضاء الذي ينبغي أن يكون مستقلا ولا توجه له أي تعليمات هو القضاء الذي يصدر الأحكام، أما بالنسبة للنيابة العامة فإنها تتلقى توجيهات من الحكومة بخصوص السياسة الجنائية، معتبرا أن "هذا ليس فيه أي مس باستقلال القضاء". وشدد الرميد، في معرض رده على أسئلة السفراء، على أن الدستور المغربي أحاط قضاء الحكم بكل ضمانات الاستقلالية، مضيفا "سنؤسس لقضاء مستقل فعلا وحقيقة". وفي ما يتعلق بالوصول إلى المعلومة القضائية، أبرز الرميد أن الوزارة تطمح إلى إحداث المحكمة الرقمية في أفق 2020، والتي ستسهل الوصول إلى هذه المعلومة، حيث ستمكن المواطنين المغاربة أو الأجانب من تتبع تطور القضايا المعروضة على المحاكم من خلال الوسائل الإكترونية، مذكرا بالتزامه أمام البرلمان بإحداث مواقع الكترونية لكافة المحاكم مع نهاية السنة الجارية والتي ستمكن المتقاضين من تتبع قضاياهم المعروضة على المحاكم. وبخصوص تمويل مشروع إصلاح منظومة العدالة، أكد الوزير أنه "ليس هناك أي إصلاح دون ثمن، لكن عندما يتعلق الأمر بالعدل فان الثمن يكون أكبر، سيما في ظل ظرفية اقتصادية صعبة"، مضيفا أنه رغم ذلك، ستتم تعبئة الإمكانيات المتاحة، المتمثلة في الميزانية العامة وممتلكات وزارة العدل والحريات ودعم بعض المؤسسات الدولية، منها على الخصوص الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي. وفي ما يتعلق بحماية الحقوق والحريات، أبرز الوزير أن هذا الموضوع شكل أحد الأهداف الأساسية لميثاق إصلاح منظومة العدالة الذي تضمن عددا من المقتضيات تهم، بالأساس، ملاءمة الأحكام الزجرية مع الدستور والاتفاقيات والدولية، وبدائل العقوبات، وإقرار العقوبات المالية في بعض الجرائم بدل العقوبات الزجرية، وحماية النساء من العنف. وأشار، بهذا الخصوص، إلى أنه تمت بلورة مشروع قانون لمحاربة العنف ضد النساء تم إيداعه لدى الأمانة العامة للحكومة.