الإطار الوطني محمد رباح من الأطر الرياضية الشابة التي راكمت من التجربة الفنية في عالم كرة القدم العديد من التجارب نظريا، من حيث التكوين الأكاديمي والعلمي المعاصر، وعمليا من خلال الإشراف المباشر ميدانيا على قطاع كرة القدم وتقديم مناظرات ومحاضرات قيمة في كل من كندا والولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج العربي. الرجل حائز على دبلوم المدرب المحترف للاتحاد الأوروبي لكرة القدم أو ما يسمى "باليويفا برو لايسنس" UEFA Pro License)) ويشغل حاليا منصب مدير تقني بقطر، كما لديه دبلومات وشواهد عليا أخرى من إنجلترا وويلز وإيرلندا واسكتلندا وكنداوأمريكا تضاف إلى خبرته الميدانية كونه حاصل علميا على شهادة الماستر في التسيير والتدبير الرياضي و علوم الرياضة والتربية البدنية من كندا ويعمل حاليا أيضا بصفة محاضر في الاتحاد الأميركي لكرة القدم. في هذا الحوار الحصري مع الإطار الوطني، الذي يأتي أياما فقط من الجمع العام السنوي وانتخابات رئيس الجامعة الجديد خلفا للسيد علي الفاسي الفهري المنتهية ولايته، والتي يدخل سباقها كل من رئيس نهضة بركان فوزي لقجع ورئيس الوداد البيضاوي عبد الإله أكرم، سنحاول القيام بعملية استقراء وتشريح لبعض مما تخبئ غابة المشاكل التي تتخبط فيها كرة القدم الوطنية وهي تدخل ما يسمى "بالاحتراف" في غياب العديد من شروطه، وعن التكوين (اللاعب والمدرب ) الذي يعد المزرعة والنواة الأولى للمنتخبات والأندية، وعن التكوين العلمي والمعقلن البعيد عن العشوائية والتخبط من خلال الاعتماد على الكفاءات الوطنية ذات التكوين العلمي والعملي الميداني واستخدام التكنولوجيا الحديثة للتطوير الكفيل بالعودة السريعة بكرة القدم المغربية إلى مكانها الطبيعي على العالم من خلال جهاز إداري جامعي يعتمد على الكفاءة في كل امور تدبير الشأن الكروي وإسناد المهمة لذوي الاختصاص من الأطر المغربية المدربة والمؤهلة علميا وتدريبيا وليس فقط على جانب الخبرة في الميادين بعيدا عن التكوين العلمي. س: هل تتابع الدوري المغربي وأخبار كرة القدم المغربية بشكل عام؟ وما هي أبرز ملاحظاتك عليها خصوصا في ظل ما يسمى بالاحتراف؟ ج: بداية دعني أوضح لك وللجمهور الرياضي المغربي، الذي أوجه له التحية من هذا المنبر لأنه جمهور ذواق ويفهم في الرياضة وكرة القدم، أن كرة القدم المغربية مهما يثار من حديث عن تراجع المستوى إلا أنها مازالت تفرض الاهتمام على الجميع ليس المغاربة فقط بل في العالم العربي وحتى في عدد من دول العالم وهذه حقيقة؛ وبالتالي فمن الطبيعي جدا بالنسبة لي كمواطن أولا ثم كإطار فني أن أتابع وأواكب خطوات كرتنا الوطنية، خصوصا وأنها في السنوات الأخيرة أو في الموسمين الأخيرين انتقلت إلى ما أسميه شخصيا بداية الاحتراف وهي خطوة هامة في اتجاه نية الإصلاح الشامل الذي تحتاجه كرة القدم المغربية. س: ذكرت أنك حاصل على شهادة التدريب الاحترافية المعروفة باسم اليويفا برو لايسنس، ما مميزات هذه الشهادة العالية في التدريب ؟ ج: دبلوم الاتحاد الأوروبي للمدربين المحترفين، أو اليويفا برولايسنس UEFA Pro License هي أعلى شهادة تدريب يحصل عليها المدرب المحترف.وصولي الى هذا الدبلوم جاء بعد المرور بالعديد من مدارس التكوين الاوروبية والامريكية أكثر من 16 سنة (انكترا – ويلز -كندا–أمريكا-أسكتلندا التي تخرج منها مدربين كبار أمثال الاسطورة- أليكس فيرغيسون) هذا الدبلوم كان نتاج لمجهودات كبيرة وطويلة من الممارسة العملية والميدانية بحيث كنت مسؤولا ومشرفا على (22) ناديا بكندالما يناهز( 1000) مدربا و(12000) لاعبا. وقمت بورشات تكوينية عديدة في بلدان ككنداامريكا المغرب ثم قطر. س- ذكرت أيضا أنك تشغل منصب مدير تقني بقطرلكرة القدم وهي وظيفة متعارف عليها في البلدان الرائدة في كرة القدم لتطوير الكرة، ما العمل الذي يقوم به الجهاز الذي تشرفون عليه؟ ج: مهام المدير التقني تتلخص فيوضع برنامج تدريبي فني للاعبي ومدربي الغد،كما يجب على المدير الفني أن تكون لديه رؤية نموذجية للتطوير، والتي من خلالها سوف يكتسب اللاعبون والمدربون الخبرة والمهارات. س- هل لديك مشروع مدروس وعلمي ودقيق لتطوير كرة القدم الوطنية ؟ ج- لقد أعددت بالفعل مشروع يلخص رؤيتي ومقترحاتي كمدير تقني للنهوضبكرة القدم الوطنية للتقدم إلى الأمام، ولكني مازلتأعتقدأن كرة القدم في المغرب لا يمكنها أن تخطو إلى الأمام بدون عمل جماعي تتضافر فيه كل الجهود وتذوب فيه الخلافات من أجل مصلحة واحدة وهي النهوض بالكرة الوطنية ووضعها في مكانتها التي تستحقها. ويتطلب هذا المشروع التزاما مستمرا على جميع المستويات داخل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.التزام المسؤولين بهذا المشروع هو أمر بالغ الأهمية للتقدم وتطور الكرة المغربية.
س-برأيك هل يمكن تطبيق هذا المشروع عمليا في المغرب بالنظر إلى ما يحتاجه من إمكانيات مادية ولوجستيكية وبشرية في ظل اتساع الرقعة الجغرافية وأيضا صعوبة الوصول إلى بعض المناطق؟ ج– هناك مقولة شهيرة للمفكر الإيطالي الشهير مايكل أنجيللو تقول" الخطر الأكبر بالنسبة لمعظمنا ليس أن أهدافنا جد عالية ونفشل في تحقيقها،ولكن ان تكون أهدافنا جد منخفضة ونحققها بسهولة متناهية."في عالم كرة القدم لا وجود للمستحيل إذا ما توفرت الجدية والرغبة الأكيدة من جميع الأطراف الفاعلة في اللعبة، وفي المغرب بالذات شروط النجاح متوفرة لكثرة المواهب وشغف المغاربة بكرة القدم ووجود المهارات الفنية في كل ربوع المملكة، هذه كلها عوامل ينبغي على الإدارة التقنية أن تعمل على استغلالها على الوجه الأمثل. أما فيما يخص الوصول إلى المناطق النائية والرقعة الجغرافية، فإنه تماشيا مع الرؤية الشاملة للجهوية المتقدمة وسياسة القرب وأيضا بالتعاون مع جميع الجهات والمسؤولين والمنتخبين والسلطات المحلية فإن الجميع مطالب بتقديم الدعم وتسهيل الخطوات لضمان استفادة شاملة لكل ابناء الوطن دون الاقتصار على مناطق بعينها وتهميش البقية. س- ما هي الآليات التي شجعتكم على تقديم هذا المقترح خصوصا وأن هناك مشاريع مماثلة قدمت من قبل ولم يكتب لها الخروج إلى حيز التطبيق ؟ ج- طبعا أي مشروع لا يمكنه أن يكون ناجحا او يحقق النجاح إلا إذا تم استخدامه بصورة مدروسة ومبنية على تحديد الأهداف، بحيث أن يكون قابل للتحقق ومعقول ومحدد زمنيا وواضح المعالم وقابل للقياس ومحكوم بخطة عمل متوسطة وطويلة المدى. والأهم في العملية كلها هي عملية التقييم ولا أعتقد شخصيا أنه كان هناك مشروع سابق قائم على أساس التقييم والقياس. وهناك أيضا متغيرات أخرى مهمة وتتمثل في الإدارة المشرفة على الكرة. فالإدارة الحالية والمستقبلية طموحة وتدعم الأشخاص ولديها استعداد لنقل كرة القدم الوطنية نقلة نوعية إلى الأمام والمناخ العام يبدو جيدا ومناسبا للعمل بالطريقة المطلوبة. س- قلت أن لديك مشروع متقدم لتطوير الكرة الوطنية، حدثنا على بعض أهم نقاطه؟ ج- المشروع يتعلق بالهوية الوطنية (MOROCCO-WAY( ووضع نظام وقاعدة تقنية داخل الادارة التقنية الذي يعتبر اولوية لتلبية احتياجات وتطلعات اللاعبين والاداريين والمدربين واخيرا المشجعين لايوجد هناك تطوير بدون هيكل وقاعدة تقنية ولايوجد طريق مختصر للنوعية. الجميع لديه الرغبة في الفوزلكن عدد قليل جدا لديه الرغبة في التحضير للفوز.الفوز يتطلب التحضير والتخطيط الجيد وإذا فشلت في التخطيط والتحضير فعليك أن تحضر نفسك للفشل.لذلك فإنه للنهوض بالكرة الوطنية بشكل شامل وجب علينا أن نقوم بعملية تشخيص دقيقة لمعرفة أين نحن الآن؟ وإلى أين نريد نسير وأن نصل؟ وكيفنصل إلى ذلك؟ هنا فقط يمكن أن نطمئن على مستقبل المنتخبات الوطنية. س- على ذكر المنتخبات الوطنية، ما هي برأيك المشاكل الأساسية التي تواجهها؟ ج-الامر يتعلق بكيفية تعزيز وترسيخ فلسفة وطنية؛ لأن ضرورة العمل على الطريقة او الهوية المغربية او بما يسمى MOROCCO-WAY))، والتي هي حول وضع أسلوب وطني بهوية وطنية،أمر لا بد منه وستحتاج اليه الادارة التقنية لتطوير كرة القدم المغربية. وعلى سبيل المثال، فإنالدول التي عرفت تقدما ملحوظا في كرة القدم في العقود الأخيرة ككوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة، وأستراليا، لم تنقل نموذجها من دول اوروبية بل اتبعت هويتها الخاصة بها مع ترسيخ وتعزيز فلسفة وطنية. ومن هنا يجب علينا أن نفكر من الآن في النظرإلى سبل تطوير اللاعب المحلي وتطوير البنية أو القاعدة لذا نحتاج الى تعريف هذه القاعدة وماهو دورنا في تطويرها، وما هو دور الاخرين . عمليا هناك ثلاث اسئلة مفتاح في هذا الصدد:الجوانب التي يحتاج لاعبونا الى تطويرها والقاعدة التي نحتاج إنشاؤها لتعزيز هذا التطوير والهيكلة التي نحتاج وضعها ثم وهذا هو الأهم كيف يمكننا تطوير جميع هذه العناصر. س-مسار اللاعب الوطني: أين تكمن ضرورة وضع مخطط تطوير اللاعب على المدى البعيد؟ ج-لأنه بدون وجود مخططتطوير اللاعب على المدى البعيد لا يمكن أن تكون لنا فلسفة وهوية وطنية وبالتالي لن يكون بمقدورنا تحقيق النتائج المرجوة، وهذا مرتبط بالتكوين المستمر لإيجاد الخلف باستمرار.لذا يجب على الادارة التقنية وضع برنامج شامل من التاسيس الى التميز مرورا بالتطوير والتحضير والمنافسة مع وضع البرنامج الفني المناسب للفئة العمرية المناسبة . س- على ذكر التكوين المستمر، كثيرا ما نسمع عنه لكن ما مفهومك أنت له؟ ج- التكوين المستمر لا يقتصر على رخص التدريب فقط بل هي عبارة عن حلقات تدريبية تنظم على مدار السنة من طرف خبراء دوليين او محليين من مدارس مختلفة لجميع المدربين لاننا نؤمن بان نوعية وجودة التدريب التي تقدم الى اللاعبين هي أمر اساسي وجوهري في عملية تطويرهم والهدف من التكوين المستمر هو إطلاع المدربين على احدث طرق التدريب لان تطوير اللاعب الجيد رهين بالمدرب الافضل. س- ماهي العناصر الرئيسية للنجاح والمرتبطة بالمخطط الاستراتيجي لتطوير كرة القدم في بلادنا ؟ ج-نحن في حاجة إلى فلسفة وطنية،ووضع مخطط تطوير اللاعب على المدى البعيد،ورؤية بعيدة المدى، وضرورة التواصل بين كل الأطراف المعنية،وبنية جيدة ونظام وقاعدة. وأيضا بحاجة للرجل المناسب في المكان المناسب. عندما تتوفر كل هذه العناصرأولا سنكون الأفضل،وبعد ذلك سوف نكون من الأوائل . إذا هناك ضرورة ملحةلبناء إدارة تقنية ومواكبة الحداثة والتوجهات العصرية الحديثة والاستمرار في التطوير والتحسين ولا نقف موقف المتفرج . س-هل ترى فيك المرشح والرجل المناسب لتطوير كرة القدم وتحمل المسؤولية مع الرئيس القادم؟ ج- أعتقد أنياكتسبت من التجربة والخبرة ما يكفي لتقديم الشيء الكثير لكرة القدم المغربية؛ وبطبعي عاشق للتحدي والمغامرة سلاحي في ذلك التجربة الطويلة وتكويني العميق في مدارس متعددة .أمنيتي أن أخدم بلدي بخبرتي وتجربتي الطويلة. وأعتقد أنه مع المتغيرات القادمة على مستوى جهاز كرة القدم الوطنية وربما رئاسة جديدة للجامعة الملكية كل الطموحات والبرامج ممكنة التحقق على أرض الواقع. س-على ذكر الرئيس القادم، من المرشحين تراه أهلا لتولي المسؤولية وقيادة كرة القدم إلى بر الأمان خصوصا وأن التراجع خطوات سريعة إلى الوراء بات من سمات كرتنا؟ ج- أعتقد أن هناك إرادة قوية وإجماع على النهوض بكرة القدم الوطنية، ومن هذا المنطلق فالكل معني بالمشاركة والانخراط في هذه الإرادة واولهم المكتب الجامعي الجديد الذي ستفرزه الانتخابات القادمة؛ وأن المرشح الذي لديه مشروع متكامل وجدي وواقعي ومدروس هو من سيقود السفينة في السنوات القادمة، فالبرنامج وحده من سيحدد هوية الرئيس القادم على هرم الجامعة.