من يقرأ الموقف الذي يعتمده الطرف الأساسي داخل تحالف الأغلبية الحكومية في تعامله مع ملف معطلي محضر 20 يوليوز لا بد وأن يلمع في ذهنه أكثر من تساؤل حول الخلفيات الكامنة وراء سياسة التعنت واللاءات التي دأب ذلك الطرف على تبنيها منذ توليه السلطة حيال ذلك الملف وذويه. فمن خلال رصد التصريحات التي بات يطلقها ذلك الطرف كلما أثير ملف معطلي محضر 20 يوليوز يبدو جليا أن هناك توجها واضحا من لدنه نحو تلبيس حق أطر المحضر بالباطل والإلتفاف على ذلك الحق المشروع بهدف حرمان ذويه منه لعلة لا يخطئها عاقل وهي سعي ذلك الطرف نحو وضع حد لمسلسل التوظيف المباشر للأطر العليا المحتجة . وغير خاف أن موقف ذلك الطرف بخصوص ملف الأطر العليا المعطلة عامة وملف أطر المحضر خاصة لا يزيد واقع المعطلين إلا تأججا وغليانا، ذلك أن عدد الأطر المحتجة التي باتت تشد الرحال إلى شوارع العاصمة كل أسبوع أصبح في تزايد مطرد بسبب محدودية مناصب الشغل التي توفرها الحكومة عبر مباريات أصبحت معاييرها وشروط المشاركة فيها موضع نقد من لدن الأطراف المعنية بها . ولعل مما يزيد من تأجيج و احتقان واقع أولائك المعطلين هو سياسة اللامبالاة والتجاهل التي تنتهجها حكومة بنكيران في التعامل مع مطالبهم واحتجاجاتهم السلمية المتواصلة، ذلك أن تلك السياسة قد أثبتت فشلها في احتواء وضع المعطلين المتوتر ، بل إنها أعطت نتائج عكسية ، إذ أنها من جهة جعلت واقع حاملي الشهادات العليا المعطلين مغلفا بالرتابة والتذمر والجمود والإحباط بفعل انسداد الأفاق أمامهم ، ومن جهة أخرى رفعت من منسوب تدفق الأطر العليا المعطلة نحو شوارع العاصمة للمطالبة بتوفير فرص لتشغيلها . ونزعم أنه في ظل هذا الوضع المتفاقم والمقلق الذي بات يشهده واقع الأطر العليا المعطلة أصبح من اللازم على الطرف الأساسي داخل الأغلبية الحاكمة أن يكف عن نهج سياسة عدم الإكتراث تجاه الحراك الإحتجاجي السلمي المتنامي للمعطلين بشوارع الرباط ويقلع عن التمادي في إشهار سلاح اللاءات حيال مطالبهم المشروعة ، ويفتح في مقابل ذلك قنوات للحوار مع ممثليهم ويصغي إليهم في أجواء من الأخذ والعطاء مع تقديم اقتراحات وحلول تخرج واقعهم المحتقن من نفقه المسدود بما يضع حدا لمعاناتهم واحتجاجاتهم . ونعتقد أن أفضل حل يمكن تبنيه في هذا الإطار كمخرج يرضي مختلف الأطراف بما فيها الطرف الحكومي الأساسي الذي يتبنى موقفا معارضا لإدماج الأطر بشكل مباشر هو اعتماد برنامج لتأهيل وتكوين الأطر العليا المعطلة خلال مدة معينة بما يفضي في النهاية إلى إدماجها في أسلاك الوظيفة لتسهم بدورها في استثمار مؤهلاتها العلمية لخدمة التنمية الوطنية لاسيما وأن مختلف القطاعات العمومية تشكو من خصاص مهول في مواردها البشرية بشكل أصبح يؤثرسلبا على أدائها و مردوديتها .