أربك انتخاب حميد شباط أمينا عاما لحزب الإستقلال كل الحسابات التي راهن عليها السيد بنكيران في التعاطي مع ملف معطلي " محضر 20 يوليوز" الذي ما يزال مودعا في رفوف الإنتظار منذ تولي حكومة البيجيدي تدبير الشأن العام. وليس من المبالغة القول بأن مسار ملف أطر " المحضر" قد ينحو في الفترة المقبلة منحى جديدا في ظل هذا المتغير.ويأمل معطلو " المحضر" الذين باشروا اتصالاتهم خلال الأيام الماضية بالسيد شباط أن يفي بالتزامه الذي قطعه على نفسه حينما وعدهم خلال لقائه بهم بأن منطوق محضرهم لا بد وأن يتم تفعيله باعتباره يشكل استمرارية للمرفق العام وأنه سيكثف جهوده من أجل تحقيق هذا الهدف.وحري بالذكر أن أطر " المحضر" طالما انتقدت الموقف السلبي الذي تبناه حزب الميزان منذ تولي حكومة بنكيران مسؤولية تدبير الشأن العام. ويشار في هذا الصدد إلى أن ذلك الموقف اتسم في عمومه بالفتور والسلبية حيال الحيف الذي مورس على هذه الشريحة من المعطلين التي وقعت معها حكومة عباس الفاسي يوم 20 يوليوز من السنة المنصرمة محضرا يقضي بتوظيفها بشكل مباشر في أسلاك الوظيفة بناء على مرسوم وزاري صدر لأجل ذلك الغرض. ولعل آمال فئة من معطلي " المحضر" أصبحت الآن معقودة على التحركات التي من المنتظر أن يدشنها السيد شباط من أجل حث حكومة بنكيران على تفعيل مقتضيات المحضر المعلوم ، بينما لا تخفي فئة أخرى منهم تخوفها من أن يكون مآل التصريحات التي أطلقها الأمين العام لحزب الإستقلال بخصوص ملفها لا يختلف عن مآل تصريحات مشابهة لمسؤولين حكوميين أطلقوها في نفس الشأن، بيد أنه اتضح لا حقا أنها كانت للإستهلاك ليس إلا.وفي هذا الخضم تستمر معاناة معطلي" المحضر" التي دخلت شهرها العشرين دون أن تلوح في الأفق بوادر توحي برغبة حكومة بنكيران في وضع حد لنزيفها، وبالتالي في طي هذا الملف الذي بات يؤرقها بسبب التصعيد الذي باتت تشهده وتيرة احتجاجات ذويه في الآونة الأخيرة من جهة ، وبسبب سهام الإنتقادات المتنامية التي ما فتئت تصوب إليها من جهة أخرى من طرف مختلف الفاعلين الحقوقيين والقانونيين نتيجة تراجعها المجحف عن إحقاق حق تلك الشريحة من المعطلين في التوظيف المباشر.ولا مراء في أن حكومة بنكيران باتت أكثر من أي وقت مضى في حاجة ماسة إلى إطفاء فتيل تلك الإحتجاجات وسحب البساط من تحت أقدام ذوي الإنتقادات . ولعل ذلك يتطلب منها التحلي بالجرأة والشجاعة واتخاذ قرار عادل ومنصف يقضي بتنفيذ الإلتزام الحكومي القاضي بإدماج معطلي " المحضر " في أسلاك الوظيفة بدل تماديها في تبني أسلوب العناد والتصلب والتعنت الذي لن يزيد أوضاع المحتجين إلا توترا وتأججا . إن حكومة بنكيران يلزمها أن تغير من تصورها ومن نظرتها إلى المطلب العادل لمعطلي " المحضر" الذي تصاعدت من أجله وتيرة احتجاجاتهم منذ إعلان السيد بنكيران تحت قبة البرلمان في ماي المنصرم عن تراجعه عن تنفيذ مقتضيات محضرهم. فما يلزمها معرفته هو أن هؤلاء المعطلين لا يطالبون بالتوظيف المباشر كما تحاول هي أن تدعي ، وإنما هم يطالبون بتنفيذ مضمون الإلتزام الحكومي القاضي بإدماجهم كدفعة ثانية تتمة لعملية إدماج الدفعة الأولى .ولا ريب أن هذا المطلب الأخير يحرجها ويربك حساباتها لأنه من جهة يتعلق بالتزام حكومي ملزم التفعيل باعتباره يجسد استمرارية المرفق العام، ولأن تنفيذه يعد من جهة أخرى تكريسا لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المعطلين المعنيين به .ولا غرابة في أن بعض مسؤولي الحكومة حاولوا سدى الإلتفاف على مسار هذا الملف عبر الزج به في متاهات قانونية التوظيف المباشر من عدمه في ظل الدستور الجديد . إن ما يلزم حكومة بنكيران معرفته عن ملف " محضر 20 يوليوز" أن المعطلين المعنيين به بالرغم من أنهم قد أوشكوا على صرف سنتين من عمرهم من الإحتجاجات والمسيرات والإعتصامات السلمية في شوارع الرباط فإنهم لم يهنوا أو يستكينوا ، بل إن حراكهم السلمي قد تضاعفت وتيرته بما يوحي بأن نفسهم النضالي طويل وإيمانهم بعدالة قضيتهم قوي وأنه لا مجال أمام الحكومة للرهان على عامل الزمن من أجل إخماد لهيب حراكهم السلمي. إن ما يلزم حكومة بنكيران معرفته عن معطلي " المحضر" ، أنها مسؤولة عن حالة التذمر والإستياء التي يعيشها هؤلاء ، وأن سياسة اللامبالاة والتجاهل التي تنتهجها في التعاطي مع ملفهم هي ما يزيد أوضاعهم اشتعالا واحتجاجاتهم غليانا.ومن ثم بات لزاما عليها إن هي أرادت تهدئة أوضاعهم أن تفتح باب الحوار معهم . والحوار المنشود في هذا الإطار هو الذي يفضي إلى إنصافهم ووضع حد لنزيف معاناتهم ،وليس الحوارالعقيم الذي تؤطره الإعتبارات الإعلامية الدعائية والحسابات السياسوية.