يتصادم السياسي عند بداية حملته الانتخابية بأربع أنواع من المواطنين الأولى لا يرى الا ما سيجنيه من أموال وغنائم من الحملة الانتخابية، فيضع بجانبه بطائق وطنية ويهيئ ملفه ويجلس مع مرشحي مختلف الأحزاب على طاولة المفاوضات ،سأعطيك كذا صوتا مقابل مبلغ كذا ،المزايدة في أولها ألا أونو ألا دوي ألا تري من يدفع أكثر يربح أكثر ، هذا النوع من المواطنين لا تهمه الوعود بقدر ما تهمه الغنائم التي سيجنيها في موسم الحملة الانتخابية. المواطن التاني ما نسميه بالمواطن المهتم الذي يطلب منك البرنامج الانتخابي ويقرر دون أي اغراءات،فيقول لك مرحبا اتنا ببرنامج حزبك فتشرح له تفاصيل البرنامج ويطرح عليك أسئلة يرى أنها ضرورية لتحقيق التنمية ، أو لإصلاح مشاكل الفئة التي ينتمي إليها مثل العمال ،بائعي الخضر المستفيدين من السكن بدل دور الصفيح، تجار القرب وغير ذلك ، هذه الفئة يجب أن تقنعها ولا تتحدث مع موزع الأوراق ،وإنما تريد المرشح نفسه و تحمله المسؤولية . الفئة الثالتة تأخد منك الورقة وتقول يكون خير مع ترديد كلمات بصوت خافت غير مفهومة . الفئة الأخيرة والرابعة عازفة عن الانتخابات ولاتريد الاقتناع بأي برنامج ،باعتبارها أكاديب تتبخر بعد الجلوس على كرسي المناصب ،وأغلبية المواطنين الذين ينتمون لهذه الفئة تجدهم إما واقعيون أم محبطون من سلوك المنتخبين ،أم يؤمنون بأن الأحزاب السياسية فاسدة ولا تصلح للتدبير الوطني والمحلي . هذا المزيج الغير المتجانس يخلق عدة مشاكل فعدم مشاركة الفئة الأخيرة تؤثر على نسبة التصويت، وتفسح المجال لاكتساح التصويت من طرف فئة الانتهازيين والمتصلقين وتدوب فئة الطموحين للتغيير وتحقيق التنمية وسط موجة المصلحة الذاتية والأنانية. لماذا يتخلى المواطنين عن حقه ويغيب حسه الوطني في الإصلاح ومحاربة الفساد ؟ فأصبح السياسي متحررا من أي حسيب أو رقيب،لماذا يضرب المواطن طموح جيل عرض الحائط ، لملأ جيبه في موسم الانتخابات؟الفقر الحاجة ممكن لكن الفكر الانتهازي المتسلق يغلب على الإرادة الشعبية . الان جاء دور الدولة لتصحيح المسار فقد شهدت المرحلة الولاية الانتخابية الأخيرة الإطاحة ببعض البرلمانيين ورؤساء الجماعات والمقاطعات، تحت شعار تخليق الحياة السياسية وتطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ، وتحرك المجلس الأعلى للحسابات لوضع تقارير حول التدبير والمساءلة وأصبح هذا الموضوع حديث السوشن ميديا وموضوع ندوات، أن انفتاح الدولة وتغيير منهجها بفضح الفساد وفتح ملفات كانت تمتل طابوهات فيما سبق ،وسياسيين لم يتوقع المواطن متابعتهم لنفودهم الشديد،وشهرتهم كما أن الحصانة البرلمانية لم تعد غطاءا للجرائم، بفضل الدولة ومناضلي السلطة القضائية أعيدت التقة ، فهل سترتفع نسبة المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية ؟ فهل هذا كاف لتخليق الحياة السياسية ؟ الظاهر أن حصة الأسد في التغيير تعتمد على الأحزاب السياسية بالدرجة الأولى والمواطن بالدرجة التانية . الحزب السياسي والتزكية واختيارات التمثيل ، اختيار الحزب المرشحين يجب أن تحكمه معايير أهمها النزاهة وحسن الخلق ، فدفع مرشح فاسد هو مشاركة في جرم الفساد ويتحمل الحزب كل المسؤولية في الفضائح التي سينتجها السياسي الفاسد ،نظافة اليد يحب أن تكون شرطا قد يتوفر في مواطن بسيط والنتيجة يجب أن يطالب بها المرشح مقابل التزكية. أما المواطن فغير معدور في مقاطعة الانتخابات وترك المجال لاختبارات غير مناسبة ،تعليق الحياة السياسية يجب أن يشارك فيها الشعب لتتقوى ،لأنها ستخدم الأجيال القادمة الأبناء والأحفاد حيث لن يجد ابني وحفيدي صعوبة لولوج العالم السياسي ، دون باك صاحبي والمسؤولية والزبونية سيكون ابني وحفيدي مفتخرين بمجتمعهم ، سيصير ابني وحفيدي من كبار المسؤولين الذين يقودون الدولة لتحقيق أهدافها، كما أن الوصول إلى هذا الهدف يقتضي محاربة الفقر لتتحرر الطبقة الهشة من الولاء الانتخابي لمن يعطيها درهما زائدا ، فتهان وتدل من أجل حقها في العيش الكريم . الدولة قطعت أشواط لتحقيق العدالة الاجتماعية حيث فتحت أوراش من شأنها رفع مستوى العيش ،فتحت أوراش ملكية بحجم الحماية الاجتماعية شمولية التغطية الصحية والتقليص من القطاعات الغير المهيكلة بالرغم من ما يواجه هذا المشروع من معيقات التمويل وصعوبة الخراط الشعب لانجاح هذا الورش . كما أن بطالة الشباب المرتفعة تجعل الشاب بدون طموح ويسقط ضحية الإغراءات فقد أصبحت البطالة مشكل عالمي وأن ارتفع معدل النمو في المغرب هذه السنة وتجاوز الخط الأحمر وانقدت قطاعات تضررت في كرونا كالسياحة والخدمات . مشكل الفقر البطالة لابد من محاربتهما لتحقيق التنمية وتحرير إرادة المواطن وإعادة تقته في كيان الدولة ، حتى يوقف النهب وتظهر الثروة الحقيقية ، وتتحقق التنمية والعدالة الاجتماعية وتخلق السياسة ويصتف المغرب ضمن الدول المتقدمة