فلسطين تثمن جهود الملك محمد السادس من أجل حل أزمة الأموال الفلسطينية المحتجزة لدى "إسرائيل"    محمد زريدة يعزز صفوف الاتحاد الليبي    توقيف شخص بالرباط بشبهة التخدير وإلحاق خسائر مادية بممتلكات خاصة    يوعابد يكشف ل"برلمان.كوم" توقعات أحوال الطقس خلال الأيام المقبلة    شاطئ الحسيمة يلفظ حوتًا ضخمًا    إحباط محاولة تهريب 230 كلغ من الحشيش بمعبر باب سبتة    مجلس المستشارين يعقد جلسة عمومية غدا الثلاثاء    الأستاذ البعمري يكتب: "تهجير الفلسطينيين للمغرب.. الكذبة الكبيرة!"    الغرفة الثانية تقر مدونة الأدوية    الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية: وسائل التواصل الاجتماعي مليئة بالمناكر والتشهير وتحتاج لإصلاح ديني وأخلاقي    بنك المغرب: الأصول الاحتياطية الرسمية تبلغ ما مقداره 369,8 مليار درهم    فريق "الأحرار" يتولّى الدفاع عن الوزيرة بنعلي أمام مجلس الحسابات    المغرب في شراكة للذكاء الاصطناعي    بعد إدانته بالإعدام ابتدائيا.. تأجيل المحاكمة الاستئنافية لقاتل "بدر"    المستشفى الحسني يفرض الكمامة على المواطنين    فلسطين تشكر جلالة الملك على حل أزمة الأموال المحتجزة لدى إسرائيل    محامي فؤاد عبد المومني يطالب بتطبيق قانون الصحافة في قضية تدوينة موكله حول زيارة ماكرون    أوزين عن التصويت لصالح قانون الإضراب :"نشرع للوطن وليس لموقع في الوطن"    الفنان عبد الحفيظ الدوزي يصدر أغنيته الجديدة "اش هدا"    ترتيب البطولة الاحترافية المغربية للقسم الأول "الدورة 20"    المغرب يشارك في المؤتمر العام الثامن للاتحاد العربي للكهرباء بالرياض    وفاة الفنانة السورية الشابة إنجي مراد في ظروف مأساوية    الندوة الدولية الثالثة حول مصطفى الأزموري (إستيبانيكو) في نيويورك تكرس الروابط الأطلسية بين المغرب وأمريكا    أرقام قياسيها تحققها الصناعة السينمائية المغربية خلال سنة 2024    من كازابلانكا إلى فاس.. أوركسترا مزيكا تُطلق جولتها الموسيقية في المغرب    نهضة بركان ينفرد بصدارة البطولة ويواصل الزحف نحو اللقب هذا الموسم    حقيقة إستعانة المغرب بممرضات مصريات    خبراء يحذرون من التأثيرات الخطيرة لسوء استخدام الأدوية والمكملات الغذائية    المغرب يصدر أزيد من 5 آلاف طن من البصل إلى الإمارات    الذهب قرب ذروة مع تزايد الطلب على الملاذ آمن بعد خطط رسوم جمركية جديدة    أسعار الغاز الطبيعي ترتفع بأوروبا    كونسينتريكس تدعم التنمية بجهة فاس    البرتغالي "ألكسندر دوس سانتوس" مدربا جديدا للجيش الملكي    إقصاء مبكر.. ليفربول يتجرع خسارة مُذلة على يد فريق في أسفل الترتيب    تصفيات كأس إفريقيا للريكبي…المنتخب المغربي يبلغ النهائيات بفوزه على نظيره التونسي    ترامب يصعّد حرب الرسوم الجمركية    علماء أمريكيون يطورون كاميرا فائقة السرعة تعالج الصور فور التقاطها    فيلم "دوغ مان" يواصل تصدّر شباك التذاكر في الصالات الأميركية    تهجير الفلسطينيين مخالف للقانون الدولي ومهدد للسلم والامن الدوليين    المغرب يقترب من التأهل التاريخي إلى مونديال 2026 بعد إقصاء هذا المنتخب    ترامب: أمريكا قد تفقد صبرها تجاه وقف إطلاق النار في غزة بعد الحالة المتردية لرهائن إسرائيليين    بولعجول يرد على "الفحص التقني"    السعودية تطيح ب 3 شبكات إجرامية لتهريب المخدرات    حركة استقلال القبائل تفتح قنوات الاتصال مع إدارة ترامب ووزير خارجية وتطلب فرض عقوبات على النظام الجزائري    ترامب مٌصرّ على تهجير الفلسطينيين: ملتزم بشراء غزة وسأعطي أجزاء من القطاع لدول أخرى في المنطقة    بكراوي يهدي "إستوريل" هدفين    تدخل ناجح للوقاية المدنية لإنقاذ مسن بعد سقوطه بسطح منزله في طنجة (فيديو)    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    دراسة: القهوة تقلل خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني    أستاذ بكلية الآداب بتطوان يفوز بالمرتبة الأولى لجائزة الدوحة للكتاب العربي    تطوان شهدت 43 حالة انتحار و10 جرائم قتل خلال سنة 2024    الاتحاد الأوروبي يسمح باستخدام مسحوق حشرات في الأغذية    وداعا للشراهة في تناول الطعام.. دراسة تكشف عن نتائج غير متوقعة    سفيان الشاط يحصل على الدكتوراه بميزة مشرف جدًا مع التوصية بالنشر    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تساؤلات حول النظم السياسية1: بين السياسة والقانون
نشر في أخبارنا يوم 29 - 05 - 2023

السياسة هي مصدر ساس يسوس، بمعنى قاد يقود. ويصطلح بها على تنظيم شؤون الجماعة البشرية ورعاية مصالحها، خصوصا عندما تنتظم في "دولة". فهي إذن ضرورة اجتماعية تقتضيها التجمعات البشرية، بسبب تداخل المصالح والمآرب والأغراض والمصائر، وتدخل الأنانيات، وطغيان الناس على الناس، إن لم يجدوا من يزجرهم، ويحفظ حق ضعيفهم، ويرعى مصالحهم، عن طريق سن القوانين الكفيلة بتحقيق ذلك، والعمل على تنفيذها..
فهي بهذا المعنى موجودة بالقوة، واجبة الإيجاد بالفعل، ما دام الناس موجودون،، ومتجمعون متعايشون.. وهي كذلك "كائن محايد"، يمكن أن تكون صالحة أو طالحة، حسب من يدير دفة أمورها، وحسب المنظومة والترسانة التي تمارس فيها.. وهي أيضا تتغير حسب الزمان والمكان، وفق العوامل المذكورة.،، وقد كانت عندنا(نحن المسلمين) رشيدة في تاريخ وجغرافيا معينين، وهي الآن كذلك عند الكثير من غيرنا.. فليست هي الداء، كما يحاولون تصويرها("لعن الله السياسة والسياسيين"، "السياسة نجاسة"...)، وإنما ممارسوها في زمن الانحطاط هذا هم الأدواء..
ومطية إعمال السياسة، وتنزيل بنودها، وتفعيل مقتضياتها هي النصوص القانونية، الموجودة منها، والمحدثة، والمغيَّرة.. لذا يحاط القانون بهالة من "القدسية" والسمو والتجرد، لأنه، كما يشاع، فوق جميع "المواطنين"، ويخضع له كل الناس،، بمن فيهم "السياسيون"..
والملموس أن السياسي("المتغير" افتراضا) يجاوز القانوني("الثابت" افتراضا) في واقع الأمر، لأن القانوني هو نتاج تصميم السياسي وانعكاس له في الحقيقة.. بل السياسي هو من يصوغ القانوني أو يلغيه، ويفعّله أو يعطله. متى شاء، وأينما شاء، وكيفما شاء. ويتعامل معه بحربائية وانتقائية وظرفية وانتهازية..
فالقانوني هو المرتبط بالسياسي والمؤسس عليه، لأن أي تغيير سياسي غالبا ما يتبعه تغيير قانوني. حتى إذا ما كان التغيير السياسي "جذريا" تلاه، بالضرورة، تغيير قانوني، قد يطال حتى جذور المنظومة القانونية السابقة وأركانها، ولو تعلق الأمر بالاختيارات الكبرى أو الراديكالية للمجتمع.. كما أنه في "المراحل الانتقالية" يعطِّل السياسيُّ القانونيَّ بالقوة(الانقلابات تعطل حتما "الدستور")،، وبالفعل(الثورات "تحتل" المساحات وتعوق تطبيق القوانين التنظيمية مثلا(احتلال الملك العام، قانون السير...))، بحيث يصبح للقانوني سند مستجد قد يوجهه عكس وجهته قبل ساعة من حدوث التغيير السياسي الطارئ..
لذا، ورغم تلك الهالة التي يحاط بها القانون بوصفه ضمانا -بإطلاق- لحماية الضعيف(أما القوي فهو قادر على حماية نفسه بنفسه)، إلا أنه كثيرا ما يكون وسيلة لحماية القوي المسيطر الذي يصوغه وفق ما يحمي مصالحه. فهو إذن "كائن متحول"، قد تسنّه القوة الغاشمة المحتلة، أو يتحدث بلسان الطغمة الفاسدة التي تمتلك وسائل التأثير والتوجيه(المال، الإعلام...)، أو يعبر عن رأي الغوغاء والكثرة الخرقاء(نتيجة عقود التجهيل الممنهج)...،، قد يكون تلك الوسيلة ما لم تسنده قيم معنوية إنسانية ثابتة، ذات خلفية شرعية أو أخلاقية أو غيرها من قيم الخير المتوارثة بين البشر...
وحتى في حالات "الاستقرار"، فإن السياسي هو من يحتل المرتبة العليا في دواليب الدولة، وخصوصا القطاع العمومي منها، لأنه هو الذي يستشرف الرؤى، ويحدد الاختيارات.. ومع أنه قد يكون دون أي مستوى، وفي أي مجال، إلا أنه هو الأقوى، يستمد قوته(النظرية) من تفويض الشعب، ولو كان هذا التفويض ليس شريفا ولا نزيها ولا سليما بالضرورة، ما دامت وراءه هندسة وطبخ وحملات ممولة ماديا(...) ومروجة إعلاميا.. ورغم ذلك فهو الذي يسخّر الإداريَّ ويتحكم فيه..
ويحتل هذا الإداري المرتبة الثانية في القوة والتأثير والحماية، بعد السياسي، لأنه تعلّم فنون التحكم في النظُم والبشر. وهو بدوره يتحكم في التقني الذي لا يقوم بغير إنجاز وتنفيذ ما اختاره الأول، وخطط له الثاني.. ومع ذلك فهو الحلقة الأضعف، لأنه، على كفاءته وعلمه ومعرفته وتقنيته وتخصصه، في أدنى درجات السلّم، ثم لأنه يتعامل مع الجماد(الأشياء غير المتأثرة بالعواطف والشحن والتوجيه والتجييش والتجنيد)،، وفي الغالب ليس له أية يد في الفشل، على الأقل الاستراتيجي منه، لكنهما(السياسي والإداري) يقدمانه دائما كبش فداء، ويعملان على استبداله هو دون غير ممن قرر أو خطط!!!..
ملاحظة عابرة هنا، وهي يمكن أن يكون هذا الانحدار في "القوة" دلالة على أن القوة تتناقص كلما "ابتعد التفويض" عن مصدره الأصلي، أي صاحب السلطة الأول في النظم الديمقراطية: الشعب، ما دام السياسي المفوض مباشرة أقوى من المعيّن(والتعيين هو تفويض مَن فوضه الناس لشخص آخر كي يقوم بمهام يحددها له هو(المفوض الأول من الشعب)، أي يمكن أن نعتبر "التعيين" بمثابة "تفويض التفويض") ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.