"مراسلون بلا حدود" اسم رنان يشير إلى الحرية في التعبير وعدم الانحياز لهذا الطرف على حساب الآخر، فعلا مهام نبيلة لا يعرفها إلا من يتصفون بدماثة الأخلاق والحس المهني العالي المقترن بالحياد؛ هذا الأخير الذي لا يمكن أن يكون لا إيجابيا ولا سلبيا وإنما براغماتيا. مع إصدار "مراسلون بلا حدود" لتصنيف لا أحد يعرف ماهيته ولا مصادره، محتوى لا يعبر عن حقيقة الأوضاع، لا لشيء إلا لأنه مخالف لواقع الحال، فالجزائر وفرنسا تتقدمان بالرغم مما تعرفانه من حراك لا ينضب له جفن، والمغرب يتم تأخير ساعة ترتيبه، لا لشيء إلا لأنه مستقر سياسيا وحقوقيا وأمنيًا. ثالوث استقرار المغرب لا يختلف عليه اثنان، لأنه يحظى بتقدير خبراء محنكين في القانون الدولي والعلاقات الدولية، فمن يمكن أن يخالف خرجات الامين العام للأمم المتحدة أنطونيو كوتريس، الذي ما فتئ يعبر عن تقديره للتقدم الذي يعرفه المغرب، وماذا عن التقارير الأمريكية وحتى تلك الصادرة عن الاتحاد الأوروبي، والمخالفة لترهات البرلمان الأوروبي التي تؤكد كلها باستثنائية التقدم والازدهار اللذين تعرفنا المملكة، واللذين يقترنان دائما بدولة الحق والقانون، ولائحة الإشادات في حق المملكة كثيرة. إن الاحتفال بتقدم دولة الجزائر في هذا التصنيف المفبرك لا يمثل إلا دليلا واحدا، ألا وهو ضلوع المخزن الجزائري في تغليط "مراسلين بلا حدود"، وتقديم معلومات عن المغرب لا تعرفها إلا هي، وما حضور ممثل عن المنظمة إلا عنوان على الاستخفاف بالمنظمة وأطرها وعلى أرض مهزوزة حقوقيا تكمم فيها أفواه أصحاب الحق، يفر من يفر الى الخارج واللائحة عريضة وتعرفها الجزائر جيدا كما يتم سجن البقية. فهل هذه هي المؤشرات التي تتقدم بها الدول في مثل هكذا تصنيفات، وهل المغرب أصبح يخيف لهذا الحد الجزائر، وهل ليس لمراسلين بلا حدود قنوات للتواصل مع الهيئات المغربية ذات الباب المفتوح وخاصة الحقوقية منها؛ كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بهدف المقارنة بين المصادر الرئيسية والموضوعة، لماذا هذه المنظمة لم تتحر الحقيقة، وبماذا ينتشي تبون بحضور مراسليها؟ هل بغطرسة نظامه أم بمحاولة حجب الشمس بالغربال. إن الوضع الحقوقي واضح بالمغرب؛ بل ولا يخفي حتى تاريخه، والدليل هيئة الانصاف والمصالحة، ودسترة الحقوق والواجبات، وتكريس ضمانات المحاكمة العادلة بحضور حقوقيات وحقوقيين من جل بقاع المعمور، فشتان بين القانون الجنائي وقانون الصحافة. وبالتالي، فواقع الحال يؤكد مرة أخرى ضلوع المخزن الجزائري في توريط البرلمان الأوروبي، وها هو الآن يخدش صورة منظمات دولية من طينة مراسلين بلا حدود، أضف إلى ذلك بأن للجزائر غصة حقيقة تجاه المملكة، غير أن نسبة العدوى قد انتقلت إلى أبواق اللاهثين وراء الغاز الجزائري المسيل للعاب. *أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس في الرباط، والمدير العام للمجلة الإفريقية للسياسات العامة