بعد انكشاف حقيقة ارتزاقها أمام الإعلام الفرنسي، تحاول منظمة "مراسلون بلا حدود" أن ترتق بكرتها النضالية، عبر اختلاق ملفات حقوقية للمتاجرة بها. استراتيجية حاولت المنظمة أن تستخدمها للإضرار بصورة المملكة المغربية، لكن المعطيات على أرض الواقع ساهمت في فضحها أمام المنتظم الدولي. في هذا التحقيق، نكشف الصورة الحقيقية لهذه المنظمة داخل بلدها الأم فرنسا، وكيف تحولت إلى مجرد آلة لنشر الأخبار الزائفة. مراسلون بلا حدود... المنظمة المنبوذة قبل بضعة أيام، ألقت الفرقة الأمنية لحماية القاصرين بفرنسا القبض على صحافي، بعد الاشتباه في كونه اعتدى جنسيا على قاصرين وحيازة صور بورنوغرافية لهم.. وبعدما تبين للسلطات القضائية، أن التهم الموجهة للمعني بالأمر، لا تعوزها القرائن والأدلة المادية، أمرت بوضعه رهن الحراسة النظرية.
نذكر بهذه الواقعة، التي لا تعدو أن تكون مجرد حدث عابر في الإعلام الفرنسي، من باب كشف تناقضات وازدواجية معايير منظمة "مراسلون بلا حدود"، التي يوجد مقرها في فرنسا. فلو كان الخبر يتعلق بصحافي مغربي، كنا سنجدها من أوائل المتضامنين معه، حتى قبل الاطلاع على ملفه القضائي، والإسراع في اعتبار أن التهمة ملفقة، أما وأن القضية تجري فوق التراب الفرنسي، فإنه لا مجال لأي مزايدات والصمت هو سيد الموقف.
منطق بئيس يكرس تفوقا مفترضا للإنسان الغربي ومؤسسات بلده على الإنسان الشرقي ومؤسسات وطنه، فبالنسبة لأصحاب هذا المنطق، القضاء في فرنسا مستقل مهما كانت ملاحظاتنا عليه، والقضاء في المغرب غير مستقل مهما قدم من ضمانات المحاكمة العادلة المتعارف عليها كونيا !!
لهذا، لم يكن غريبا في تقديرنا أن ينتمي واحد من مؤسسي "مراسلون بلا حدود"، وهو الفرنسي روبير مينار، والذي ترأسها لأزيد من عقدين من الزمن، إلى الحزب اليميني الفرنسي المتطرف المعادي للمهاجرين "الجبهة الوطنية"، وهو حزب كما هو معلوم يكرس منطق تفوق الحضارة الغربية، ولا يتوانى قادته في إطلاق تصريحات عنصرية معادية ضد كل من هو خارج هذه الحضارة.
روبير مينار وهو الأب الروحي المؤسس لهذه المنظمة، سبق له أن حوكم بتهمة التحريض على الكراهية، وقضت محكمة بتغريمه ألفي أورو، بعدما صرح بأن "ثمة عددًا كبيرًا جدًا من الأطفال المسلمين في مدارس مدينته".
تحول مؤسسها من "مدافع عن حقوق الإنسان" إلى محرض على الكراهية ليس الحادث الوحيد، الذي يفقد "مراسلون بلا حدود" مصداقيتها. قبل حوالي شهرين بدأ البرلمان الفرنسي مناقشة قانون "الأمن الشامل"، والذي يعزز سلطات الشرطة في المراقبة، ويجرم نشر صور أفرادها أثناء تدخلهم لضبط الأمن، وهو المشروع الذي لقي معارضة من طرف عدد من الجمعيات والنقابات المدافعة عن الصحافيين بفرنسا، التي تحفظت على حضور "مراسلون بلا حدود" معها في حواراتها مع الحكومة بشأن مشروع القانون المذكور.
والسبب في ذلك، يرجع إلى الموقف المتخاذل ل"مراسلون بلا حدود"، بحكم موقفها المتخاذل واصطفافها إلى جانب الحكومة الفرنسية ودخولها في حرب مع الإعلاميين والصحافيين الفرنسيين، فكانت عرضة لسهام نقد عدد من وسائل الإعلام الذائعة الصيت في بلاد جون جاك روسو كجريدة لوموند وماريان وليبيراسيون..
ولم تجد المنظمة، التي تدعي الدفاع عن حرية الرأي والتعبير، سوى ترهيب منتقديها بسبب موقفهم منها، عبر اللجوء إلى القضاء لمتابعة بعض الإعلاميين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، كما هو الحال بالنسبة لكل من "طه بوحابس" و"كاسبار كلانتز"..
منظمة فاقدة للمصداقية المنظمة الفاقدة اليوم للمصداقية داخل بلدها الأم فرنسا، يلجأ إليها بعض مدعي الدفاع عن حقوق الإنسان في بلادنا من أجل الدفاع عن أطروحتهم. "فمراسلون بلا حدود"، لا تتوانى في اختلاق الملفات الحقوقية حتى لا نقول الأكاذيب، لأنها تعلم جيدا أن استراتيجية البحث عن الانتهاكات المزعومة في دول مثل المغرب، هي التي يمكن أن تضمن لها الحصول على التمويل من الجهات المانحة، بعدما انتهت صلاحية بضاعتها داخل البلد الذي توجد فيه.
زيف الادعاءات، التي تنشرها المنظمة لا تحتاج مجهودا كثيرا من أجل فضحها، رغم تنطع البعض عبر محاولتهم الاستدلال بها. فمن المعلوم، أن توخي الحيطة والحذر، والتأني قبل إصدار أي موقف، تعد من بين أهم قواعد مراقبة المحاكمات من طرف المنظمات الدولية، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بقضايا تم تحريكها بناء على شكايات لضحايا الاعتداءات الجنسية ضد متهمين مفترضين.
والحال أن هذه المنظمة، لم تكن تتردد ثانية واحدة في الإعلان عن "موقف"، بمجرد أن يعلن عن اعتقال صحافي أو "ناشط سياسي"، كما تدعي، فمتى تسنى لها الاطلاع على الملفات؟ ومتى استمعت إلى الضحايا؟ وهذا ما أوقعها في أخطاء لا تغتفر، كما جرى عندما قامت بنسب حادث اعتداء مفترض على طاقم صحافي للأجهزة الأمنية، قبل أن تصدر المديرية العامة للأمن الوطني بلاغا للنفي والتنديد بسلوك "مراسلون بلا حدود" التي اضطرت للاعتذار عن خطئها.
وكم كانت الحكومة محقة في البلاغ الصادر عن القطاع المكلف بالإعلام، الذي جاء فيه أن منظمة "مراسلون بلا حدود" أنكرت، "على ضحايا الاعتداءات الجنسية المفترضين حقهم الأساسي في اللجوء إلى القضاء لمواجهة الجناة المفترضين، من خلال التشكيك في مصداقية شكاواهم في انتهاك للمبادئ والمعايير العالمية المعمول بها في هذا الشأن".
وحتى نكون أكثر دقة، دعونا نلقي نظرة على مواقف هذه المنظمة، التي تجاوزت كل الحدود المقبولة، في التعاطي غير الموضوعي مع الوضع في المغرب، وهي المواقف التي أعادت التذكير بها بشكل مختصر في كبسولة سمعية بصرية، تم بثها عبر منصاتها على شبكات التواصل الاجتماعي..
ملفات حقوقية مختلقة نبدأ بآخر القضايا التي أثارت الجدل، وهي قضية المعطي منجب، والذي تصر مراسلون بلا حدود على تقديمه زيفا كصحافي، والحال أنه أستاذ في التعليم العالي لمادة التاريخ المعاصر. المعني بالأمر متابع بتهمة تبييض الأموال، عبر التلاعب بالدعم الأجنبي الذي كانت تقدمه منظمات دولية له في مركزه من أجل القيام بأعمال ذات هدف غير ربحي ويشتبه في كونه استخدمها لتحقيق أهداف ربحية، بناء على تحقيق قضائي مستقل أنجزته المصالح الأمنية تحت إشراف النيابة العامة.
"مراسلون بلا حدود" اعتبرت -دون تريث- أن هذه التهم لها ارتباط بنشاط المشتبه فيه وبمواقفه السياسية المفترضة. لا ندري صراحة المنهجية التي اعتمدتها المنظمة، ولكن لنطرح التساؤل: ألم يكن حريا ب"مراسلون بلا حدود"، الالتزام بالحد الأدنى من الموضوعية وأن تطلع على الملف القضائي للمعني بالأمر؟ وألم يكن بإمكانها الإعلان عن مراقبة محاكمة منجب خصوصا وأنها تتوفر على مراسلة بالمغرب نعتقد أنها تعمل بكل حرية؟
في قضية الصحافي سليمان الريسوني، اتبعت المنظمة نفس النهج المضلل للرأي العام الدولي، عبر استباق كل الإجراءات القضائية وحتى قبيل توقيف المعني بالأمر ولا معرفة حتى التهم الموجهة إليه، لتعلن تضامنها معه.
"مراسلون بلا حدود"، لم تعر أدنى اهتمام لشخص ينتمي لمجتمع "الميم-عين" تقدم بشكاية يتهم فيها الريسوني بهتك العرض بالعنف والاحتجاز، رغم أنه قدم أدلة مادية على أقواله عبر بلاغ رسمي تداوله الإعلام، كما لم تأخذ بعين الاعتبار تدوينة للصحافي المتهم تضمنت عددا من الإيحاءات المحرضة على كراهية المثليين.
منظمات دولية في مجال حقوق الإنسان ك"هيومن رايتس ووتش" و"أمنيستي"، نأت بنفسها عن الموضوع، عندما اتضح لها أن الملف لا علاقة له بقضايا الصحافة والنشر، وإنما هو ملف ذو صبغة جنائية، رغم أن هاتين المنظمتين لا تربطهما علاقة جيدة بالسلطات المغربية، وتتحينان الفرصة دائما من أجل مهاجمة مؤسسات الدولة المغربية.
ثالث الملفات، يهم الصحافي عمر الراضي، المتابع بتهمتي التخابر والاغتصاب، "مراسلون بلا حدود" وكحال جزء صغير من الإعلام الفرنسي، الذي مازال يحن لفترة الاستعمار، وفي إطار الدفاع عن رفيقهم وأحد الناطقين باسمهم، أعلنت مساندتها للصحافي المتدرب، دون تحقق من التهم الموجهة إليه.
دعونا من تهمة التخابر الموجهة للمعني بالأمر بناء على الفصلين 191 و206 من القانون الجنائي، هل بادرت المنظمة للاستماع إلى الضحية التي تتهم الراضي باغتصابها؟ الجواب هو لا، لأن هذا من شأنه تحطيم الرواية المزعومة للمنظمة والقائمة على ترويج المغالطات لأهداف ذكرناها سابقا، مع العلم أن المقتضيات الدولية تمنعها بشكل نهائي من عدم مراعاة وجهة نظر الضحية في قضايا الاغتصاب.
محاولة يائسة للإضرار بصورة المغرب حملة "مراسلون بلا حدود"، ضد المغرب لم تقتصر على البلاغات، وإنما امتدت إلى محاولتها الإضرار بصورة المملكة المغربية أمميا، عبر الاعتماد على أصوات معزولة داخليا من أجل صياغة مراسلة للأمم المتحدة، تتهم فيها السلطات المغربية باستخدام قضايا جنسية للنيل من المعارضين. ودون الدخول في تفاصيل هذا الموقف المتهافت، دعونا نتساءل: لماذا لم تأخذ هذه المراسلة رأي مجموعة من الفاعلين المدنيين والحقوقيين المستقلين بهذا الشأن من أجل ضمان تعددية وتنوع الآراء؟ الجواب من دون شك يعرفه ورثة روبير مينار.
هل نستمر في كشف زيف هذه المنظمة، التي تدعي الدفاع عن حرية الرأي والتعبير، وهي المنبوذة حاليا من طرف كل القوى الحية في بلدها، كما أنها منبوذة في المغرب من طرف كل الفاعلين في قطاع الاعلام، إلا من بعض السياسيين- الحقوقيين أصحاب الخطابات العدمية؟
"مراسلون بلا حدود"، تذكرنا بموقفها من قضية الصحافية هاجر الريسوني، وتدعي زورا أن المعنية بالأمر استهدفت لقلمها بسبب تغطيتها للاحتجاجات التي عرفتها الحسيمة، وليس لأنها اعتقلت جراء ارتكابها أعمالا تقع تحت طائلة القانون الجنائي، قبل استفادتها من عفو ملكي.
قد نتفهم أن يتضامن البعض مع الصحافية هاجر الريسوني، بسبب متابعتها بنصوص جنائية تثير الجدل ويرفضها جل الفاعلين المدنيين والجمعيات الحقوقية في بلادنا، على اعتبار أنها غير ملائمة للمواثيق الدولية، أما أن تصرح "مراسلون بلا حدود" أن هاجر الريسوني اعتقلت بسبب تغطيتها لاحتجاجات الحسيمة، فهذا يثير السخرية أكثر منه شيئا آخر، لأننا والحالة هاته سوف نطرح السؤال: ما الذي ميز تغطية هاجر الريسوني لهذا الحدث بخلاف باقي الزميلات والزملاء الصحافيين الذين تنقلوا إلى عين المكان؟ الجواب هو لا شيء، وبالتالي ليس هناك أي استهداف، لأن عشرات الصحافيين المغاربة والأجانب قاموا بتغطية احتجاجات الحسيمة بكل حرية.
هل نختم هذا التقرير الاستقصائي بقضية توفيق بوعشرين، الذي حولته مراسلون بلا حدود من مذنب إلى ضحية؟ وذلك عبر الادعاء أنه حكم عليه بالسجن 15 سنة في إطار تصفية حسابات سياسية معه بسبب الخط التحريري لجريدته!!!
سوف نتغاضى للحظة، أنه لا وجود لمشتكيات في ملف توفيق بوعشرين، اللواتي اتهمنه بالاغتصاب واستغلال النفوذ والاتجار في البشر، وجرى تصويرهن دون علمهن، فهل "مراسلون بلا حدود" أصدرت تقريرا بشأن ملاحظتها لمحاكمة المعني بالأمر؟ وهل استعمت للضحايا كما تنص على ذلك معايير العمل الحقوقي الاحترافي؟ في الواقع، تصرفت المنظمة الفرنسية كأي جمعية مبتدئة في مجال الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان تكتفي بإصدار بلاغات من أجل المزايدة على البلدان.
إن كل ما سبق، يبين أن لجوء "مراسلون بلا حدود"، لنشر أخبار زائفة عن المغرب، يرجع إلى كون المهمة الموكولة لها هي الإضرار بصورة المملكة حقوقيا على الصعيد الأممي، وإلا كيف يمكن أن نفسر إصرارها على تسييس قضايا ذات طابع جنائي وتزوير الحقائق بخصوصها؟
وإذا كانت "مراسلون بلا حدود" تزور الحقائق والمعطيات بشأن عدد من القضايا المعروضة على أنظار القضاء المغربي، فإن المنظمة أيضا، لا تلتزم بالأخلاقيات والمعايير الدولية المتعارف عليها بخصوص متابعة المحاكمات، ما يحتم على السلطات المغربية مواجهتها وإن وصل الأمر إلى متابعتها أمام القضاء الفرنسي.