من الأهوال الجديدة التي بدأت أفغانستان تشهدها في الآونة الأخيرة أن ينتزع تجار المخدرات أبناء المزارعين الفقراء العاجزين عن سداد ديونهم لهم، ومن ثم يسخّرون هؤلاء الصغار لإشباع رغباتهم الجنسية و/أو بيعهم عبيدًا للجنس في الخارج. وحتى قبل وصولهم إلى وجهاتهم المشترية فهم يُحمّلون إليها بشحنات من الهيروين، وهكذا يصبحون مصدر متعة وربح هائل للتاجر. صلاح أحمد: و يأتي هذا في فيلم وثائقي صوّرته شبكة PBS «بي بي إس» الأميركية، وجاء فيه أن هذه الحال المروعة جاءت نتيجة أن المزارعين يستدينون أموال حصاد مزارع الخشخاش من كبار تجار الأفيون والهيروين، لكن قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) تدمّره، فتبقى الديون بلا عائد مالي يسددها. وعندما يعجز المزارعون عن العمل إزاء هذا الوضع، يطالبهم التجار بصغارهم (خاصة الصبايا) سدادًا لها. أتى في الفيلم المعنون «عرائس الأفيون» مشهد يُقطع فيه رأس مزارع ببطء بمطواة قديمة مثلمة. وكان هذا الإعدام الوحشي عقابًا له – وعبرة لغيره – لأنه رفض تسليم ابنته سداداً لما استدان. التقت نجمة «سي إن إن»، كريستيان أمانبور، مع منتج الفيلم جيمي دوران ومقدمه الصحافي المحقق نجيب الله قريشي، فقالا إن ما شهداه في أفغانستان «شيء تقشعر له الأبدان، ويبدو أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع. عملية إعدام المزارع بمطواة قديمة عقابًا له على رفض تسليم طفلته لمديّنه كلها مصّورة لدينا. هذا ما يفعلونه بك إذا رفضت تسليم أبنائك لهم». ويأتي في الفيلم أيضًا لقاء مع صبيّة صغيرة في حوالى السادسة من عمرها يطالب التجار والدتها بتسليمها إليهم فدية لإرجاع أبيها الذي اختطفوه بعد عجزه عن سداد ديونه لهم. وقالت هذه الصبية: «سيأخذونني بالقوة، وأمي لا تستطيع وقفهم». كان الدائنون قد بعثوا بشريط فيديو إلى الأسرة، يُظهر الأب معصوب العينين في مكان مظلم. ويقول الأب في رسالة إلى زوجته: «هذا مكان سيء حقًا. أتوسل إليك، أعطهم ما يطلبون». وتقول الأم من جهتها: «سيتعيّن عليّ أن أسلمهم ابنتي من أجل عودة زوجي». يقول دوران وقريشي إنهما يعتقدان أن هناك المئات، إن لم يكن الآلاف، من الصبايا اللائي يطالب الدائنون أهلهم بهن وأؤلئك الذين هربوا من براثن مهرّبي المخدرات وتجار البشر. ويقول قريشي إن هذه المأساة ستتضاعف مرات عديدة بعد رحيل قوات الناتو عن أفغانستان في 2014. وأوضح دوران: «للأسف فليس من حل لهذه المشكلة المروعة، لأن العالم يريد حصاد الخشخاش بدافع إدمانه الهيروين. ربما تعيّن علينا ألا نلقي باللائمة على الحكومة الأفغانية، وأن نعترف بأن الطلب من جانبنا هو وقود هذه المأساة. فلننظر إلى دواخلنا أولًا».