اغلق احد اهم الطرق التجارية في اسيا الاسبوع الماضي حين اصطحب رجل يصفه الجميع بالجنرال قائد القوات الامريكية وقوات حلف شمال الاطلسي في افغانستان في جولة على الحدود. وصعد الجنرال ستانلي مكريستال على سطح احد المباني حيث حدد " الجنرال " - الذي يشغل رسميا رتبة كولونيل في شرطة الحدود الافغانية- المنطقة التي تعتزم قوات حلف شمال الاطلسي بناء نقطة حدودية جديدة بها بتكلفة 20 مليون دولار. ولا يسمح للقوات الامريكية بالاقتراب من الحدود التي تعج بالحركة عندما تكون مفتوحة لذلك لم تر مطلقا كيف يسيطر الكولونيل عبد الرزاق قائد شرطة الحدود في سبين بولداك وهو في الثلاثينات من العمر بمفرده على تجارة بالمليارات. وتقول القوات الامريكية انه قام بعمل جيد في الحفاظ على الحدود آمنة وفي حالة حركة ونشاط. كما تعتقد انه " محتال ، كما وصفه قائد عسكري كبير ،او كما وصفه اللفتنانت كولونيل بات كين رئيس وحدة حلف شمال الاطلسي التي تحاول تحسين السيطرة على الحدود الافغانية بانه يحافظ على الهدوء هنا. فالشاحنات تتدفق والتجارة تتدفق. في الوقت نفسه يحصل على دخل اضافي " . وتظهر زيارة مكريستال لعبد الرزاق - وهي الثانية له على الاقل هذا العام- الخيارات الصعبة التي يواجهها المسؤولون الامريكيون في محاولة محاربة الفساد في افغانستان في حين يعتمدون على مسؤولين يعتقدون انهم انفسهم فاسدون. وبالنسبة لعبد الرزاق الان فهو رجل الامريكيين في سبين بولداك حيث تتوقع القوات الامريكية منه ان يساعدهم بشكل كبير في زيادة شحناتهم من الامدادات للقوات العسكرية المتزايدة. ويقود عبد الرزاق وهو زعيم احدى القبيلتين الرئيسيتين في منطقة اقليم قندهار الحدودية بضعة الاف من رجال الشرطة المحلية عند الموقع الحدودي في سبين بولداك وهو احد نقطتي عبور شرعيتين بين افغانستانوباكستان. وانشرحت اسارير عبد الرزاق الذي ينفي القيام بأنشطة غير مشروعة وهو يقف الى جانب القائد الامريكي عندما اشاد به مكريستال امام كاميرات التلفزيونات المحلية. وقال مكريستال " الكولونيل عبد الرزاق يحاول ادخال بعض التغييرات التي تسمح بتسهيل حركة المرور... انا متفائل جدا إذ يمكننا بواسطة الخطط التي سمعتها زيادة الكفاءة والحد من الفساد " ويستحيل قياس الارباح التي يحققها عبد الرزاق تحديدا من سيطرته الكاملة على الحدود. وتعبر نحو 700 شاحنة كل يوم الحدود التي تربط باكستانبجنوبافغانستان وايران واسيا الوسطى وما وراءها. وخلال مؤتمر صحافي مع مكريستال وكبار معاونيه قبل الزيارة للقاء عبد الرزاق ابلغ رئيس سلطة الجمارك الافغانية بسم الله كاماوي الضباط الامريكيين ان الفساد عند الموقع الحدودي الذي يسيطر عليه عبد الرزاق" شامل " وقال كاماوي ل" رويترز" ان الحكومة الافغانية تجمع نحو 40 مليون دولار من ايرادات الجمارك في اقليم قندهار كل عام وهو نحو خمس ما ينبغي ان تجمعه مضيفا ان المبلغ المستهدف ما هو الا تقدير في ظل عدم معرفة احد لما يدخل بالفعل الى الاقليم. ويسيطر عبد الزراق ورجاله على احد الطرق الرئيسية الخارجة من قلب المنطقة الزراعية في جنوبافغانستان التي تزرع كل انتاج العالم تقريبا من الخشخاش الذي يصنع منه الأفيون. ووصف تحقيق بمجلة " هاربرز" العام الماضي شمل مقابلات مع تجار مخدرات من البشتون ومهربين على جانبي الحدود عبد الرزاق بانه يسيطر على امبراطورية قيمتها ملايين الدولارات من الرشا سنويا. ووصفت مقره الفخم المليء بالعربات المدرعة وقالت انه يدير شبكة من السجون السرية لمن يقف في طريقه. وذكرت صحيفة " واشنطن بوست " أن تحقيق هاربرز يستخدم لاطلاع عملاء المخابرات الامريكيين على الواقع على الارض في افغانستان. لكن رغم شكوكها الواضحة توافق القوات الامريكية حتى الان على منح عبد الرزاق حرية التصرف بدرجة كبيرة. فبموجب اتفاق جرى التوصل اليه على الارض تعهدت القوات الامريكية الا تزور الحدود عندما تكون مفتوحة. واحد اهداف زيارة مكريستال هو توقيع وثيقة من شأنها ان تسمح لقواته بوصول بلا قيود للحدود. لكن بعد اجتماع استمر ساعتين وكان مليئا بالكلمات عن اهمية التعاون رفض عبد الرزاق ورئيسه في كابول قائد شرطة الحدود محمد يونس نورزاي بأدب التوقيع في غياب وزيرين بالحكومة. ومع وصول 30 الف جندي امريكي اضافي - واغلبهم سيرسل الى قندهار والمناطق المجاورة- في اطار استراتيجة زيادة القوات التي وضعها الرئيس الامريكي باراك اوباما فسيحتاج حلف الاطلسي الى مضاعفة حركة الامدادات الخاصة به عبر سبين بولداك في الشهور المقبلة. وسيكون الحلف بحاجة إلى أن يبقي عبد الرزاق الحدود مفتوحة لفترة اطول بما يمكن من عبور مزيد من الامدادات. وفي مقابلة بعد لقاء عبد الرزاق قال مكريستال ان محاربة الفساد امر حاسم لان ذلك هو ما يدفع الافغان إلى التقرب من المتمردين. لكنه رفض توجيه اتهامات معينة لعبد الرزاق او احمد والي كرزاي الاخ غير الشقيق للرئيس الافغاني رئيس بلدية قندهار الذي تقول تقارير اعلامية غربية انه ضالع في تجارة المخدرات. وقال مكريستال " ان يصل ( الفساد ) لدرجة ان يكون احد اسباب التمرد هو ما يقلقني اكثر من التمرد نفسه. يمكننا محاربة التمرد وهزيمة قوات التمرد.. القوات البرية واي قوات. لكن اذا لم يكن لدينا حكم فعال.. حكم موثوق فيه فلن يمكننا هزيمة سبب التمرد " . الى ذلك ذكرت صحيفة " نيويورك تايمز " امس الاحد أن القوات الامريكية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) غضت النظر عن زراعة الأفيون في منطقة مرجة بولاية هلمند الأفغانية في سعي منها إلى استمالة السكان المحليين بعد الحملة التي شنتها ضد حركة طالبان في المنطقة. وأشارت الصحيفة إلى أن الامريكيين والناتو باتوا في موقع مستغرب، فهم يجادلون ضد القضاء على الأفيون في وقت يسعى فيه بعض المسؤولين الأفغان إلى تدمير المحصول. ونقلت عن مسؤول في الناتو قوله إنه ابتداءً من قائد القوات الامريكية وقوات الناتو في أفغانستان الجنرال ستانلي مكريستال ونزولاً، فان الموقف العسكري واضح " القوات الامريكية لا تقضي (على الأفيون) " . وتعتبر زراعة الأفيون مصدر الرزق الأساسي لما بين 60 و70 " من المزارعين في مرجة التي تمكنت القوات الحليفة من السيطرة عليها وطرد عناصر طلبان منها في هجوم شامل الشهر الماضي " . وقد أمر أفراد البحرية الامريكية في المنطقة بترك حقول المزارعين وشأنها. وقال قائد البحرية جفري إغيرز " مرجة قضية مميزة الآن، لا ندوس على مصدر رزق الأشخاص الذين نحاول استمالتهم " . ويتفق المسؤولون عن المخدرات في الأممالمتحدة مع الامريكيين، وقال جان لوك لوماهيو، المسؤول عن مكتب الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في أفغانستان، إن صور الجنود الامريكيين وجنود الناتو وغيرهم من قوات الحلفاء وهم يمشون قرب حقول الأفيون لن تلقى رداً جيداً لدى الجمهور المحلي، غير أن مقاربة تأجيل القضاء عليها في هذه القضية الخاصة هي حساسة. غير أن المسؤولين الأفغان منقسمون حيال هذا الموضوع، فالبعض منهم يتفق مع الموقف الامريكي في حين يطالب آخرون بالقضاء على المحصول قبل موسم الحصاد بموجب الدستور الأفغاني الذي يمنع هذه الزراعة. وقال المتحدث باسم وزارة مكافحة المخدرات، زولامي أفزلي " كيف يمكننا السماح للعالم في رؤية قوات تطبيق قانون مسؤولة عن مرجة بالقرب من حقول مليئة بالأفيون سيتم حصدها بطريقة أو بأخرى وتحويلها إلى سموم تقتل الآلاف حول العالم " ، مضيفاً ان حركة طالبان هي من تستفيد من زراعة الأفيون.