لم يجد عشرات لآلاف من المزارعين الهنود سبيلاً أمامهم سوى الانتحار للتخلص من أعباء الديون التي أثقلت كاهلهم، نتيجة التغيرات التي فرضتها "العولمة" على القطاع الزراعي في الهند، بدءاً من أسعار البذور والحبوب، وحتى النظم الزراعية الحديثة التي قلصت من حجم الأيدي العاملة بالزراعة. وقالت الناشطة البيئية فاندانا شيفا، في مقابلة مع كريستيان أمانبور، أذاعتها شبكة CNN الثلاثاء، إن ظاهرة "انتحار المزارعين بدأت في عام 1997، في أعقاب ظهور مؤسسات التحكم في إنتاج البذور"، وأضافت: "كما ترتبط الظاهرة بشكل مباشر بالمديوينات التي تمخضت نتيجة عاملين يرتبطان بالعولمة." وأوضحت شيفا، التي تعمل عن قرب مع المزارعين في مختلف أنحاء الهند، أن أول هذين العاملين هو إسناد مهمة توفير البذور إلى مؤسسات صناعية كيميائية، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج للمزارعين الذين يعانون بالفعل من الفقر، بالإضافة إلى انخفاض أسعار السلع الغذائية نتيجة الاقتصاد الزراعي العالمي ووفق التقديرات الرسمية الصادرة عن الحكومة الهندية، فقد دفعت هذه التحولات نحو 200 ألف مزارع إلى الانتحار، خلال ال13 عاماً الماضية، أي منذ عام 1997، بعد إجبار المزارعين على شراء البذور في كل موسم، بدلاً من البذور التي كانوا يقومون بتوفيرها وتخزينها من المحصول على مدى قرون. وذكرت شيفا أن "لقد أدى ذلك إلى تراكم الديون على المزارعين، وفي اليوم الذي يشعر فيه المزارع بأنه سيفقد أرضه بسبب أعباء توفير البذور والمخصبات الكيماوية، فإنه سيكون ذلك اليوم الذي سيقدم فيه المزارع على تناول السم." وأضافت: "وهذا كله له ارتباط وثيق بالاقتصاد السلبي في القطاع الزراعي، حيث أصبحت عمليات الإنتاج تفرض أعباء على المزارعين أكثر مما يمكن أن يكسبه." إلا أن أستاذ الاقتصاد بجامعة كولومبيا، جاغديش باغواتي، وهو مستشار سابق للحكومة الهندية، قال إن العولمة ليست المسؤولة عن انتشار حالات الانتحار بين مزارعي القطن في ولايتي "ماهاراشترا" و"أندرا براديش" بالهند. وأضاف باغواتي قائلاً: "هناك مزارعون في ولايات أخرى في الهند يحققون نجاحاً في زراعة وإنتاج القطن، لذلك فيجب أن تسأل: لماذا يحدث ذلك في تلك الولايات؟" وأجاب بقوله: "ما يحدث يشبه إلى حد كبير ما شهده قطاع العقارات في الولاياتالمتحدة، حيث قام الوسطاء ببيع عقارات إلى أناس لا يمكنهم سداد قيمتها"، بحسب قوله.