في الوقت الذي تمر عملية السلام بين الفلسطينيين واسرائيل بحالة من الجمود التام، بادر عدد من القيادات الامنية الاسرائيلية السابقة، في مقدمتهم رئيس الموساد الاسبق "داني ياتوم" الى بلورة "مبادرة سلام اسرائيلية" تقابل مبادرة السلام العربية. عاصمة الدولة الفلسطينية وتنص المبادرة التي يزاح الستار عن نصها غداً الاربعاء على الانسحاب الاسرائيلي من القدسالشرقية وتحويل شطر المدينة الى عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية، وعدم سيطرة اي من الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي على المسجد الاقصى، وتعويض اللاجئين عن حق العودة بمقابل مادي، والانسحاب الاسرائيلي من هضبة الجولان السورية. ووفقاً لتعليق معدو المبادرة السياسية الجديدة، باتت هناك ازمة لنزع فتيل ازمة العملية السياسية في ضوء التطورات المتواترة التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط، وتهدف المباردة الى ممارسة ضغوطات جديدة على حكومة الليكود، لاستئناف المحادثات مع الفلسطينيين، وسوف يُكشف عن المبادرة رسمياً غداً الاربعاء بحسب صحيفة نيويورك تايمز الاميركية. وعكف على صياغة وثيقة المبادرة الجديدة عدد من قيادات جهاز الامن العام الاسرائيلي ال "شاباك" السابقين، وفي طليعتهم "يعقوب بري"، و"عامي أيلون"، ورئيس الموساد الاسبق "داني ياتوم"، وقائد اركان الجيش الاسرائيلي الاسبق الجنرال المتقاعد "أمنون ليفكين شاحك"، وآخرين. ويدعو هؤلاء بحسب صحيفة يديعوت احرونوت العبرية الى اقامة دولة فلسطينية على معظم اراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، بما في ذلك القدسالشرقية، ليصبح الشطر الشرقي من المدينة عاصمة للدولة الفلسطينية. وتشير بنود المبادرة التي يجري الحديث عنها الى انسحاب اسرائيل من هضبة الجولان السورية، واقامة اجهزة امنية اقليمية فيها، وخلق قنوات من اتبادل الاقتصادي معها، على ان يكون اساس تفعيل المبادرة قائماً على الانسحاب الاسرائيلي حتى حدود 1967. ووقع على المبادرة السياسية الجديدة 40 شخصية اسرائيلية بارزة في مجالات مختلفة، وتضم هذه الاسماء كوادر قيادية سابقة في الجيش الاسرائيلي، ورجال اعمال. رؤية بيل كلينتون ويعيد حل اقامة الدولتين بالذاكرة الى الرؤية السياسية التي اقترحها في حينه الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون لانهاء النزاع الفلسطيني الاسرائيلي، على ان تصبح الدولة الفلسطينية ذات قومية فلسطينية مستقلة، ويتم الاعتراف باسرائيل على انها دولة ذات قومية يهودية، ويصبح للاقلية العربية فيها "عرب اسرائيل" كامل حقوق المساواة باليهود. ووفقاً للمبادرة الجديدة تعتبر حدود 67 اساساً لترسيم الحدود بين الدولة الفلسطينية المستقبلية واسرائيل، على ان تُجري تغييرات متفق عليها بين الجانبين، ليتم خلالها مبادلة اراضي بنسبة لا تتجاوز 7% من اراضي الضفة الغربية. كما تشير الخطوط العريضة للمبادرة الاسرائيلية الى ان تظل الاحياء اليهودية في مدينة القدس تحت السيادة الاسرائيلية، في حين يسيطر الفلسطينيون على الاحياء العربية بالمدينة، شريطة الا يكون المسجد الاقصى تحت سيادة احد من الجانبين، في الوقت الذي يظل فيه حائط المبكي والمربع اليهودي في المدينة تحت السيطرة الاسرائيلية، وفيما يخص اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة، تقترح المبادرة الجديدة منحهم تعويضاً مادياً وعودتهم الى الدولة الفلسطينية وليس الى اسرائيل، الا في ظروف استثنائية إذ يمكن لبعضهم العودة الى اسرائيل باتفاق مسبق مع الفلسطينيين. وفيما يتعلق بهضبة الجولان جاء في مسودة الوثيقة بحسب ما نقلته يديعوت احرونوت عن صحيفة نيويورك تايمز، تنسحب اسرائيل من الهضبة في اطار تغييرات طفيفة وتبادل لأراضي على مراحل لا تستغرق اكثر من خمس سنوات. وتعليقاً على ذلك قال رئيس الموساد الاسبق داني ياتوم للصحيفة العبرية: "ان اهم اهداف المبادرة السياسية الاسرائيلية حصول الانطباع لدى الدول العربية خاصة "دول الجوار الاسرائيلي" بأن اسرائيل ترغب في منح الفلسطينيين والسوريين المعتدلين افقاً جديداً وضوءاً في نهاية النفق المظلم". ووفقاً ليديعوت احرونوت يقدم الموقعون على الوثيقة مبادرتهم غداً الاربعاء، وسياعدهم في بلورة مفهوم مبادرتهم امام الدوائر السياسية في اسرائيل عدد من الخبراء الاسرائيليين، اعتماداً على نتائج المفاوضات التي جرت مع الفلسطينيين خلال العقد الاخير، وعلى اساس الحلول المطروحة لكافة الاشكاليات الاساسية في المنطقة، كما سيتم طرح رؤى أخرى للتقدم على المسار السياسي. تغيرات مفصلية في المنطقة ووفقا لل "نيويورك تايمز" يقول داني ياتوم: "نظرنا حولنا لكل ما يجري في منطقة الشرق الاوسط من تغيرات مفصلية، وبتنا على قناعة بأنه حان الوقت ان ينطلق صوت الجماهير الاسرائيلية حالياً ايضاً. اما رئيس ال "شاباك" الاسبق "يعقوب بري"، فأوضح انه بعث بمسودة المبادرة الجديدة الى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو يوم الاحد الماضي، ورد الاخير بأنه يتطلع الى قراءتها ودراستها". واضاف بري: "بتنا منعزلون عن العالم، انطلاقاً من وجهة النظر الدولية، ويعاملنا الجميع على اننا نرفض التوصل الى السلام". واعرب بري عن امله في ان تدفع رئيس الوزراء قليلاً، سيما انه آن الاوان لأن تبادر اسرائيل لصنع السلام. وفي تعليقها على المبادرة رأت يديعوت احرونوت ان الهدف منها هو حل كافة المشاكل ووضع حد للنزاع العربي - الاسرائيلي، إذ يبادر المقترح الجديد بالاعتراف بمعاناة اللاجئين الفلسطينيين منذ حرب 1948، الى جانب اعترافها بمن وصفتهم الصحيفة باللاجئين اليهود في الدول العربية، وجاء في وثيقة المبادرة ايضا: "ان المبادرة الاسرائيلية الجديدة تشاطر مبادرة السلام العربية مبدأ ان الحل العسكري للنزاع لن يُفضي الى سلام ولن يحقق الامن لكافة الاطراف الضالعة في النزاع". جدير بالذكر ان رئيس الموساد الاسرائيلي الاسبق "داني ياتوم"، الذي يتصدر معدي المبادرة الاسرائيلية، كان رئيساً للجهاز الامني الاسرائيلي في وقت حاولت تل ابيب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في الاردن عام 1997، وكان اول رئيس للموساد يتم الكشف عن اسمه في تاريخ المؤسسة الاستخباراتية الاولى بالدولة العبرية. وولد ياتوم في الخامس عشر من آذار/ مارس عام 1945، وكان عضواً سابقاً في البرلمان الاسرائيلي "الكنيست" من قبل حزب العمل، وفي الثاني من تموز/ يوليو استقال ياتوم من الكنيست بسبب مواصلة حزب العمل دعمه لحكومة ايهود اولمرت. وياتوم متزوج وأب لخمسة ابناء ويقيم في منطقة "كوكاف يائير.