1 يحاول اليسار الإسرائيلي، بمساعدة أبواقه الكثيرة جدا في وسائل الإعلام، أن يغرق الوعي العام بتهديدات أيلول (سبتمبر) الأسود القريب. فالسادس من أيلول هو الحادي عشر من أيلول الجديد. «دولة فلسطينية وراء الزاوية» قالوا في «يديعوت أحرونوت» بلغة شاعرية وروجوا لاستطلاع للرأي غامض يقول إن 48 في المائة من الجمهور الإسرائيلي يؤيدون الاعتراف بدولة فلسطينية، أي دولة فلسطينية؟ يدعُون هذا في «يديعوت» في الخيال. لو كان السؤال: هل أنت مستعد للاعتراف بدولة فلسطينية تشتمل داخلها على القدس، ولا تكون منزوعة السلاح، وتعقد أحلافا مع إيران وحزب الله، فكم من الإسرائيليين كانوا سيصوتون مؤيدين هذا الاعتراف؟ الأكثرية الإسرائيلية الوحيدة لهذا موجودة في وسائل الإعلام الإسرائيلية وبين عرب إسرائيل. تقوى دحوض استطلاع الرأي على خلفية حقيقة أنه لا يحسب حسابا للعلاقة الغرامية الجديدة بين السلطة الفلسطينية وحماس. لا تقلقوا، في الوقت القريب ستُسمع أصوات أكثر فأكثر للتحادث مع حماس. يمكن أن نقرأ هذا عند كبار مسؤولي الصحيفة التي كانت لها ذات مرة دولة يهودية وأصبحت لديها اليوم دولة فلسطينية تُقدمها. يحسن أن يقرأ ناس «يديعوت» ميثاق حماس (وهو مبذول في الأنترنيت لكل طالب) الحديث عن ميثاق ما كان ليُخجل كتاب «كفاحي» لهتلر. كذلك استعادت «يديعوت» الفرسان الثلاثة، شاحك ويتوم وبيري، لتروج لنا مبادرة سلام هاذية أخرى ليس الفلسطينيون معنيين بها، لكن ماذا يهم في ذلك إذا كان يمكن بواسطتها ضرب نتنياهو؟ بالمناسبة، انتبهوا إلى أنه لم يوجد في عدد يوم الكارثة من صحيفة «يديعوت» ذكر لنتنياهو في عناوين الصحيفة الرئيسية ولا في العناوين الثانوية. أما المصطلح الذي استعملوه فهو «رؤوس الدولة». فلماذا يُقرن نتنياهو بعنوان إيجابي أو رسمي، فهو بعد كل شيء ليس أبو مازن، الحبيب إلى أسرة التحرير؟ زعمت في عدة فرص أنه قد تم في منتصف الثمانينيات انقلاب في «يديعوت» جعلها صحيفة يسارية. فتحت غطاء صحيفة «وسط» روجت «يديعوت» في العقود الثلاثة الأخيرة أساسا لدعاية اليسار. وأصبحت «سلام الآن» منظمة قريبة من الصحيفة وأصبح اليمين والمستوطنون أعداءها. يُسمي الفلسطينيون أنفسهم «الشعب الخالد» في النشيد الوطني وتشتري «يديعوت» ذلك وكذلك القسَم الفلسطيني على الموت «شهيدا إلى أن تعود أرضي، أرض الكفاح، فلسطين»، كل البلاد وفيها تل أبيب التي توجد داخلها أسرة التحرير التي لا تخجل من «يديعوت». 2 إزاء الدعاية تمهيدا لسبتمبر الأسود، يحسن أن نعود إلى الأمور الواضحة لكل ذي عقل غير «مطارد بالسلام» (كتعريف دان مرغليت الناجح): حتى لو أصبح يوسي بيلين رئيس الحكومة، وعُرضت مبادرة جنيف أو كل مبادرة من اليسار تدع دولة ما لليهود، على الفلسطينيين، فلن يقبلوها وسيحاولون التهرب، وقد بين التاريخ هذا، من معاملة اقتراح التقسيم حتى مقترحات باراك في كامب ديفيد ومقترحات أولمرت المبالغ فيها. ليس الفلسطينيون معنيين بشظايا دولة. فهم يريدون كل شيء. وهم يرون ويمكن في هذا الشأن أن نضيف السلطة إلى حماس أيضا أن ليس لليهود حق ما في هذه البلاد، ولهذا لا تمكن المصالحة عليها. في حين يستجدي اليهود من أجل رؤية الصراع قضية مناطقية تمكن المصالحة عليها، يبرهن الفلسطينيون على اختلاف فصائلهم وطوائفهم، مرة بعد أخرى، على أن الصراع وجودي بالنسبة إليهم. وكما قال المستشرق الكبير برنارد لويس: «لا مصالحة على الوجود». هذا هو الواقع المعوج الذي يرفض اليسار النظر في عينيه. لقد بلغ عماه إلى درجة أن أصبحت الدولة الفلسطينية بالنسبة إليه علة وجوده الثقافي والسياسي. 3 اختار برنامج «إيرتس نهديرت»، كما في السنة الماضية أيضا، أن ينهي بعرض انتحار بدولة اليهود، فمقارنة إسرائيل بمتسادا تشهد على الهاويات المرضية لمنشأ منتجي البرنامج الفكري. ليست الدولة الفلسطينية مع حماس هي التي تهدد إسرائيل، بل حكومة إسرائيل الحالية التي انتخبتها أكثرية مطلقة من مواطني إسرائيل. أيتها القناة الأولى، يكفينا تسويفا، نحن ننتظر ونتوق إلى برنامج هجائي بديل.