بالفعل عاشت الجارة الجزائر أمس السبت انتخابات تشريعية تعد الأولى بعد الاستفتاء الأخير على تعديل الدستور، والأولى كذلك بعد سقوط بوتفليقة والسابعة في إطار التعددية خلال ثلاثة عقَود. وهي الإنتخابات التي عقدت سلطات البلاد آمالا كبيرة على ارتفاع نسب المشاركة فيها خصوصا بعد نسب المقاطعة القياسية التي سجلها الإستفتاء الأخير. انتخابات السبت والتي عرفت مشاركة نحو 25 ألف مرشح توزعوا على 1483 قائمة انتخابية أكثر من نصفها مستقلة، تتسابق للظفر ب407 مقعد بالغرفة الأولى، في حين أعلنت 4 أحزاب مقاطعتها للانتخابات، وهي جبهة القوى الاشتراكية، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وحزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي، وحزب العمال. المشاركة أو بالأحرى المقاطعة صدمت السلطات الجزائرية، وهو ما دفع الرئيس عبد المجيد تبون للتهوين من أهميتها بالقول "إن نسبة المشاركة في الانتخابات لا تهم، بقدر الشرعية الناتجة عن الصندوق، وما تفرزه من نواب برلمانيين يمثلون السلطة التشريعية"، علما أن نسبة التصويت بلغت 10.02 في المئة عند الساعة الواحدة زوالا، بينما بلغت في أول ساعتين 3.78 في المئة فقط، وبلغت عبر كامل التراب الجزائري 14.47 في المئة عند الساعة 4 عصرا، قبل أن يعلن رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، محمد شرفي، عن ارتفاع نسبة المشاركة النهائية لتصل ل30.20 في المئة، بعد تمديد توقيت إغلاق صناديق الاقتراع إلى الساعة 8 مساء بتوقيت الجزائر، فيما لم تتجاوز هاته النسبة خارج الجزائر 5 في المئة، علما أنه تم تخصيص 8 مقاعد لجزائريي الخارج (4 منها بفرنسا). إعلان النتائج سيشهد بدوره تأخرا ما أرجعه رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي، لنظام القائمة المفتوحة المعقد، وحسبه دائما فإن "العملية تكون معقدة شيئا ما بالنظر لنظام القائمة المفتوحة، وتتطلب وقتا أكثر للإعلان عن النتائج" إلا أنه أكد أنها ستعلن قبل مهلة 96 ساعة التي يمنحها قانون الانتخابات للسلطة (منذ تسلمها محاضر الفرز) لكنه لم يقدم وقتا محددا لذلك. العنف كذلك كان حاضرا في انتخابات الجزائر، كصيغة للرفض، والذي وصل في بعض الحالات لتكسير صناديق الإقتراع ورمي محتواها للخارج، كما وقع بمحافظة بجاية شرقي البلاد، حيث منع أشخاص رافضون للانتخابات البرلمانية المبكرة المواطنين من الإدلاء بأصواتهم ب"القوة"، كما قاموا بتكسير صناديق الاقتراع ورمي الأوراق الانتخابية للمرشحين في الشوارع. وشهدت كذلك بعض مراكز ومكاتب التصويت المتواجدة في بعض بلديات البويرة كحيزر ومشدالة والأسنام، عملية تخريب لصناديق وتمزيق لأوراق الانتخاب، مع منع المنتخبين من التصويت، بسبب الأحداث التي شهدتها تلك المراكز، والتي تطورت فيما بعد إلى مناوشات متفرقة بين شباب ومصالح الأمن... علما أن الأحداث التخريبية قد بدأت ببعض المراكز المعينة للعملية الانتخابية للتشريعيات ليلة السبت، حيث اعتدى بعض الشباب عليها، وقاموا بتكسير الصناديق ورمي أوراق الانتخاب في الطريق على غرار ما حدث ببلدية تاغزوت، ليكون نفس المشهد صباحا وبعد انطلاق العملية الإنتخابية عبر عدة بلديات بالجهة الشرقية للولاية، كأحنيف وآث منصور، إذ أقدم شباب على تكسير صناديق الإقتراع ورميها رفقة الأوراق بالشارع، معبرين عن رفضهم للعملية الانتخابية بشعارات وهتافات، الأمر الذي منع إجراء الانتخاب بتلك المراكز التي أغلق بعضها، مع تعذر قيام المسجلين بالانتخاب، لتتطور الأحداث فيما بعد إلى مناوشات متفرقة بين هؤلاء الشباب وأعوان الأمن. وكانت المواجهات الأكثر حدة، في كل من الأسنام وحيزر تؤكد جريدة الشروق الجزائرية.
انتخابات السبت والتي اعتبرها الرئيس تبون «اللبنة الثانية في بناء المسار الديمقراطي"، أكدت وبالملموس عدم رضى الجزائريين عن الوضع ببلادهم... ورفضهم لمسار لم يحقق بعد ما طالبوا به في حراكهم الذي أسقط بوتفليقة لكن بقى كثيرون ممن كانوا معه في مواقعهم بالسلطة..