تشهد الانتخابات البرلمانية الجزائرية التي تُجرى، اليوم السبت، بكافة ولايات الجزائر، على وقع أحداث عنف وفوضى ومقاطعة كبيرة من طرف المواطنين، حيث شهدت عدة مراكز اقتراع اشتباكات عنيفة بين مواطنين وقوات الأمن، استعملت فيها الغازات المسيلة للدموع. ووفق ما توصلت به جريدة" العمق" من معطيات، فإن عددا من مراكز الاقتراع شهدت فوضى كبيرة، وصلت إلى درجة اقتحام مكاتب التصويت وتخريب الصناديق المخصصة للتصويت وإحراق أوراق التصويت، فيما تتواصل المواجهات في عدد من الولايات. ففي بلدية خراطة بولاية بجاية، قام متظاهرون بتعليق صندوق التصويت على كابل كهربائي معلق في السماء، تعبيرا منهم على رفضهم لهذه الانتخابات التي يعتبرونها "محاولة لشرعنة النظام القائم"، وهي الانتخابات الأولى منذ بدء الحراك الشعبي الجزائري وفق نظام اقتراع جديد. وشهدت بلديتي بشلول والسنام بولاية البويرة، ومركز آيت مصلين بولاية تيزي وزو، اشتباكات عنيفة بين الأمن والمتظاهرين، فيما أصر سكان منطقة بومارو بجماعة الناصرية بولاية بومرداس، على مقاطعة الانتخابات بشكل تام، ما دفع الشرطة لقمع المتظاهرين. وفي الوقت الذي سُجلت فيه نسب متدنية جدا للتصويت في معظم الولايات، شهدت بعض الولايات مقاطعة كاملة للانتخابات، خاصة ولايات القبائل، في حين تحاول الجهات الرسمية تغطية ما يقع من مواجهات وعزوف والاكتفاء بتصريحات مقتضبة ومتباعدة حول نسب التصويت. وأعلن رئيس سلطة الانتخابات في الجزائر، محمد شرفي، أن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات بلغت 10.02 في المائة حتى الساعة الواحدة ظهرا، مشيرا إلى أن 2.5 مليون ناخب أدلوا بأصواتهم حتى الظهر، من مجموع 24 مليون ناخب مسجلين في اللائحة الانتخابية. ولم تتجاوز نسبة التصويت في العاصمة الجزائرية نسبة 5.6 في المائة، وسجلت ولاية تيزي وزو أدنى نسبة تصويت بما يعادل 0.73 في المائة، ما يعادل ثلاثة آلاف ناخب من مجموع 600 ألف ناخب مسجلين في اللائحة الولائية، فيما صوت 33 ألف ناخب فقط من أفراد الجالية في الانتخابات، من أصل مليون ناخب في اللائحة. يأتي ذلك في وقت فرضت فيه وزارة الداخلية إجراءات أمنية مشددة، فيما أعلنت وزارة العدل الجزائرية عن تشديد العقوبات ضد كل من يعرقل عمليات التصويت. ويتنافس في هذه الانتخابات أكثر من 22 ألف مرشح على نيل عضوية 407 مقاعد في المجلس الشعبي الوطني، وهي الغرفة الأولى للبرلمان، حيث يتوزع المرشحون على 2288 قائمة، منها 1080 قائمة حزبية، و1208 قوائم مستقلة، في حين بلغ عدد النساء المرشحات 5 آلاف و744 امرأة. تبون: نسبة التصويت لا تهم وفي تصريح له عقب الإدلاء بصوته، قال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، اليوم السبت، إن نسبة المشاركة في الانتخابات لا تهم، بقدر الشرعية الناتجة عن الصندوق، وما تفرزه من نواب برلمانيين يمثلون السلطة التشريعية، وفق تعبيره. وأشار تبون في تصريحات صحافية إلى أنه يحترم قرار المقاطعين للانتخابات "لكن دون أن يفرضوا رأيهم على الآخرين"، مضيفا: "من حق كل جزائري أن يعبر عن رأيه لكن مع احترام الآخرين، ذلك أن الأغلبية تحترم الأقلية إلا أنها من تقرر". ولم يفوت تبون الفرصة، كعادته، دون مهاجمة دول أخرى دون أن يسميها، قائلا إن "بعض الدول لا يرضيها أن الجزائر تدخل الديمقراطية من بابها الواسع"، معتبرا أن بلاده تسير على الطريق الصحيح، وأن الانتخابات البلدية ستعقد عما قريب، حسب قوله. وخصصت الجزائر 13 ألف مركز اقتراع، بالإضافة إلى 61543 مكتب اقتراع داخل البلاد، و357 مكتب اقتراع في الخارج، بالإضافة إلى 139 مكتب متنقل، وفقا لما ذكرته السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات. وتجرى الانتخابات البرلمانية الجزائرية على أساس نظام انتخابي جديد، إذ لا يستطيع الناخب أن يصوت لأكثر من قائمة أو أن يصوت لقائمة معينة أو لمرشحين في قائمة أخرى. فبحسب هذا النظام الجديد، يجب على الناخب اختيار قائمة واحدة، ثم التأشير على المرشحين الذين اختارهم بما يتناسب مع عدد المقاعد البرلمانية المخصصة لولايته. وتأتي الانتخابات البرلمانية في سياق يتسم بتصاعد أعمال القمع ضد المتظاهرين الذين يواصلون احتجاجاتهم للإطاحة بالنظام الحالي، والذي يعتبرونه امتدادا للنظام السابق،في حين تعتقل السلطات مئات من النشطاء في سجونها. يُشار إلى أن "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" و"حزب العمال" و"الاتحاد من أجل التغيير والتقدم"، كانت من الهيئات السباقة إلى إعلان مقاطعتها لهذه الانتخابات، إلى جانب نشطاء الحراك الشعبي الذي أطاح بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة من السلطة. https://al3omk.com/wp-content/uploads/2021/06/60c4f5076927b.mp4 https://al3omk.com/wp-content/uploads/2021/06/60c4ef56d101b.mp4