كلما ضرب زلزال أو تسونامي مناطق بعينها، أو انتشر وباء في أناس، أو فاضت الأمطار، إلا وخرج متخصصون في ربط الكوارث برب الكون وخالقه، مهووسون بشكل مرضي بربط مصائب الأرض بالسماء. هؤلاء موجودون في كل الديانات والمذاهب، ينظرون إلى ما يحصل في الأرض نظرة تشاؤمية، فكل الناس بالنسبة لهم مخطئين ومقامهم النار ذات الوقود. الجيولوجيون يعرفون أن الأرض تتزلزل على خط الزلازل، خط يمر بدول مسلمة وغير مسلمة، وعلى أساس ذلك ضربت وستضرب الزلازل البرتغال والمغرب والجزائر وتركيا وإيطاليا واليونان وإيران والصين وباكستان والهند، لكونها دول تتواجد على هذا الخط؛ ولن تضرب شمال أوروبا وأفريقيا جنوب الصحراء وغربها؛ فالمسألة مسألة قانون جيولوجي جعله الله في الارض ورسخه فيها. والأعاصير كالزلالزل كذلك، فهي تخضع لقوانين يوم أن خلق الله الأرض، تضرب المكسيك وفلوريدا والغرب الامريكي ولا تضرب مصر والسودان، لأسباب يدرك المتخصصون مسبباتها. الذين يربطون الكوارث بالذنوب يصرون على فعلهم بشكل جزافي ويطلقون أحكامهم على عواهنها، فهم يفتقدون إحصائيات حقيقية تجعلهم يميزون المجتمعات المذنبة من الفاضلة. فعلى مر الأزمنة والعصور تعرضت الأرض وسكانها لأوبئة فتاكة وكوارث هائلة، وتلك سنة الله في كونه، ولن تجد لسنة الله تبديلا. أرض الحسيمة تزلزلت من قبل، وتتزلزل من حين ل0خر، فهل سكانها عصاة!! وهل عاثوا رذيلة أكثر مما تفعل جماعات الشاذين نيويورك ونيوجيرسي وباريس واستوكهولم.
صحيح أن الله عزوجل عاقب أمما بعينها نظير تماديها في العصيان كعاد وثمود والمؤتفكات و0ل فرعون وقوم لوط، لكنها كانت وقائع ارتبطت بالأنبياء وزمن المعجزات، بينما نحن نعيش زمن العلم واقرأ باسم ربك الذي خلق. فالمعجزات محددة في زمانها ومكانها ولأصحابها، موسى عليه السلام مثلا شق البحر إلا أنه لم يوطن الجسور، لكن بالعلم والهندسة ربط المهندسون السويد بالدنماؤك وفرنسا ببريطانيا عبر المانش والكثير من الجزر المتناثرة في مناطق أخرى في مناطق أخرى. عيسى عالج الأبرص لكنه لم ينقل لمن جاء بعد صلبه علما في علاج داء البرص ولا دشن مستشفيات متخصصة بهذا المرض، لكن بالعلم تمكن الأطباء والكيميائيون من صناعة أدوية لأوبئة فتاكة فتكت من قبل بالملايين، وقدموا خدمات جليلة لصالح الإنسانية. ولو أخفقت العلوم في الإجابة عن أمراض أخرى إلا أن المسيرة سائرة وتتقدم وحتما ستتوج المجهودات المضنية للعلماء بنجاحات باهرة، وبالعلم بنى البشر مستشفيات هائلة وطائرات نفاثة وفضائيات ناقلة و شبكة عنكبوتية عالمية. إننا مدينون في زماننا للعلم ومحاسنه، من حيث أنه أجاب ونفس وأشبع وعالج ويسر، وكذلك نحن خائفون من استثمار هذا العلم فيما لا ينفع الناس. ويظل الكون كله 0يات وما يدركها إلا أولو الألباب كهوكينغ وانشتاين وباسكال وشرودنغر وباستور وفريدمان وابن رشد وابن الهيثم ونيوتن وستيف جوب وبيل غيتس وأديسون وريذرفورد وغيرهم.