يقول "جيوجان جريج" الاستشاري في إحدى جمعيات الصحة الجنسية الأمريكية ان الخبراء العلميين لا يستخدمون هذا التعبير، ليس فقط لأنه لا يصف الحالة بشكل علمي وإنما لأن له إيحاءات لها تأثير سلبي.. حيث ان هذه العبارة يطلقها عادة الرجل على المرأة التي لا تتجاوب معه بنفس الحرارة أو ترفض العلاقة في بعض الأحيان. وتبعا لما يؤكده "ألفريد كنزي" الباحث الأمريكي المتخصص في الشؤون والمشاكل الجنسية، فإنه لا توجد امرأة باردة جنسيا وإنما يوجد رجل غير كفء في هذا المجال. ويؤكد: لا يوجد شيء اسمه نساء باردات وإنما يوجد رجال ونساء غير مثقفين جنسيا. فكلما زادت معلومات المرأة حول جسمها، زادت قابليتها على الشعور بالمتعة التي تتلقاها من زوجها. وفي القاهرة توافق الدكتورة هبة قطب استشارية العلاقات والمشاكل الجنسية هذا الرأي قائلة: "نقص الثقافة الجنسية وراء توجيه الرجل لمثل هذا الاتهام لزوجته.. لأن القوالب الجنسية مثل بصمات الأصابع تختلف من شخص لآخر.. فالقالب الجنسي يتكون من جزء ثابت بالنسبة لجنس الرجال وجزء ثابت بالنسبة لكل النساء.. بمعنى أن هناك أشياء في العلاقة الخاصة تمتع كل الرجال وهناك أشياء عامة تمتع كل النساء.. ولكن العلاقة تتكون من جزء آخر متغير ويختلف من شخص لآخر.. فما يعجب شخصاً قد ينفّر شخصاً آخر.. ولكن بسبب الجهل الجنسي يعتقد الرجال أنهم خبراء بينما هم لا يعلمون بحقيقة هذه المتغيرات من امرأة لأخرى.. وينتظرون من كل واحدة أن تتصرف تماما مثل الأخرى.. وإذا لم تفعل يعتقد أنها مصابة بالبرود الجنسي.. لكنني كمتخصصة أعلن أنه لا يوجد علميا مرض نسائي اسمه البرود الجنسي.. وأؤكد أنه مجرد عرض ولكن غالبا ما يحدث خلط بين انعدام الرغبة لدى المرأة والبرود الجنسي الذي يقصد به عدم التجاوب أثناء الأداء نفسه". وتضيف الاختصاصية المصرية قائلة: "البرود الجنسي لا يعتبر عادة مشكلة إلا إذا شكا منه الطرف الآخر ولذلك، ففي الأيام الأولى للزواج نجد الزوج سعيدا بعدم خبرة ومعرفة زوجته.. ويرضيه أنها قطة مغمضة ويسعده أنه يقودها خطوة بخطوة إلى طريق المعرفة بل إن ذلك يشعره برجولته.. ولكن الأمر إذا استمر فإنه يتهمها بالبرود ولا يدرك أن ذلك مجرد عرض لأسباب أخرى، فالمرأة قد تشعر بأنها على استعداد لتقبل العلاقة ولكن على مستوى الأداء لا تستجيب، فالبنت على عكس الولد لم تتعلم في حياتها كيفية التقاط الشعور الجنسي والاستمتاع به.. ولا يبدأ تطور الأمور عندها إلا بعد البلوغ بينما الولد يبدأ تطور الشعور الجنسي لديه وهو ما زال جنينا في بطن أمه.. ولذلك فمن غير الممكن أن نرى ولدا لا يعرف ما هي الإثارة الجنسية بينما المرأة قد تكون متزوجة منذ سنوات ولديها أطفال وما زالت لا تعلم شيئا عن هذه المشاعر بل إن علاقتها بزوجها لا تتعدى الناحية العملية ولا علم لها بالمشاعر التي لم تتعلم كيف تلتقط الإحساس بها وتترجمه في ذهنها عمليا". أسباب نفسية المرأة حسب رأي الخبراء لا تصاب بالبرود الجنسي، فما هو تفسير رفض بعض الزوجات لبعض التصرفات خلال العلاقة والتي تعد طبيعية بل وضرورية لنجاح العلاقة كما يشكو الرجال؟ يقول "جيوجان جريج": "في معظم الحالات لا يمكننا وصف رد فعل الزوجة بأنها برود جنسي وإنما بعدم استجابة. ولكن في بعض الحالات وهي قليلة نجد المرأة تنفر تماما من لمس زوجها وترفض تماما أن يقبلها.. ومثل هذه الحالات لا تسمى برودا وإنما تعد رفضا لأسباب مرضية نفسية تحتاج للعلاج النفسي". الدكتورة سماء العبد اختصاصية الأمراض النفسية في لندن تتفق مع رأى الخبير الأمريكي وتشرح ذلك قائلة: "ان الإنسان بطبيعته لا يحب الاعتراف بأن المشكلة تتمركز فيه ولهذا يلقي الرجل بالاتهام على زوجته.. وتصرف الرجل هذا طبيعة إنسانية بحتة ولكن ذلك لا يعني صحته.. فالمرأة وإن كانت لا تصاب بالبرود الجنسي إلا أنها قد تفقد القدرة على الاستجابة لأسباب نفسية متعددة مثل تجربة قاسية مرت بها في طفولتها كمحاولة اعتداء.. أو بسبب قصة مخيفة سمعتها في صغرها.. وربما لسنوات من الرعب شاهدت فيها سوء معاملة والدها لوالدتها.. وكل هذه الذكريات تسقط في العقل الباطن فتصاب الفتاة كلما اقترب منها زوجها بحالة من الانقباضات تسمى علميا "ديسبارونيا" Dysparunia. والأسباب النفسية التي تتسبب في عدم استجابة المرأة متعددة كما تقول استشارية الأمراض النفسية.. فبالإضافة إلى الذكريات السيئة أو المخيفة في الطفولة هناك مرض الاكتئاب الذي من أعراضه فقد الرغبة وعدم الاستجابة للعلاقة الخاصة.. وأيضا تؤدي حالات القلق الزائد إلى نفس النتيجة. كما أن الكثير من أدوية علاج بعض الأمراض العضوية من آثارها الجانبية فقدان الرغبة الجنسية حتى عند الرجال. والحمل أيضا في بعض الأحيان يؤدي إلى عدم تقبل المرأة للعلاقة الحميمة بسبب تغير الهورمونات في جسمها.. ومن الحالات النفسية التي تؤدي إلى ذلك أيضا مرض الاكتئاب النفسي بعد الولادة. وإجمالا الأسباب كثيرة وتختلف من حالة إلى أخرى، لذلك فلا بد من ألا يخجل الزوجان من عرض المشكلة على المتخصصين وطلب العلاج". طبيعة مختلفة وتثير اختصاصية علم الاجتماع، اللبنانية ندى غانم نقطة هامة فتشير إلى أن عدم تجاوب الزوجة أحيانا يعود إلى أن طبيعة علاقة الرجل بالجنس تختلف عن علاقة المرأة، فالرجل يركز بالدرجة الأولى على العملية نفسها أما المرأة فهي تسعى بالدرجة الأولى إلى كسب حنان زوجها والشعور بحبه وبأنها متميزة ومرغوبة من قبله.. كما أن اهتمامها بالعلاقة الحميمة مع شريكها مربوط بشكل أساسي بوضعها النفسي ومدى انسجامها الإجمالي معه في حياتهما اليومية.. وما مشاكل البرود الجنسي عند المرأة إلا نتيجة لعدم استعدادها النفسي للعلاقة الجنسية.. ففي حين يسعى الرجل لهذه العلاقة حتى ولو كان متخاصماً مع زوجته نجد الزوجة عاجزة عن إتمام العلاقة ما لم تكن في حالة رضاء عن زوجها وهي في هذه الحالة تخضع عن شعور بالواجب أو منعا لزيادة تصاعد المشاكل وليس عن رغبة.. ومن الطبيعي في مثل هذه الحالة أن تكون مشاعرها أقل حرارة أو باردة تماما. وكثيرا ما نجد زوجات يمارسن العملية الجنسية لإرضاء أزواجهن بالدرجة الأولى أكثر من إرضاء أنفسهن.. خاصة لو كانت الزوجة متعبة بسبب العمل. رفض للخضوع حديث الاختصاصية الاجتماعية اللبنانية يثير قضية هامة وهي قضية تأثير خروج المرأة للعمل والحياة العامة.. فالسؤال الذي يطرح نفسه هو.. إذا كان القلق والتعب يؤديان إلى عدم استعداد المرأة لتقبل العلاقة الخاصة على عكس الرجل لاختلاف الطبيعة بين الجنسين.. فهل عمل المرأة من أسباب تصاعد عدد الشاكين من الأزواج خلال السنوات الأخيرة؟ كما أثبتت وقائع الدراسة التي نشرناها في العدد الماضي حول تأثير عدم التوافق الجنسي على نجاح الزواج؟ الدكتورة سماء العبد تنفي ذلك بشدة ففي رأيها أن الإرهاق في العمل أو ما يسببه من قلق نفسي لا يسبب مطلقا رفض الزوجة أو عدم استعدادها للتجاوب مع زوجها في العلاقة الحميمية.. ولكنها تربط زيادة عدد الأزواج الشاكين بزيادة نسبة تعليم المرأة واستقلالها المادي والمهني الذي جعل شخصيتها أقوى وقدرتها أكبر على رفض تنفيذ ما لا تريده.. الزوجة اليوم أصبح لها رأي في علاقتها الخاصة بزوجها والكثيرات لم يعدن يشعرن بالخجل من إعلان هذا الرأي. زوجة اليوم كما تضيف استشارية الأمراض النفسية في لندن.. أصبحت أكثر قدرة على النطق بكلمة لا على عكس امرأة الأمس التي كانت على حد قول إحدى الزوجات اللائي ترددن على عيادتها.. تغلق عينيها وتترك زوجها يفعل ما يريد لخوفها من التشرد هي وأولادها بالطلاق. أنانية الرجل إذا كانت الأسباب النفسية هى أكثر الدوافع وراء عدم استجابة المرأة.. فما هو العلاج أو الحل الذي قد ينقذ الكثير من الزيجات من التحطم على صخور الطلاق؟ تجيب الدكتورة سماء العبد قائلة: "كل حالة يختلف أسلوب علاجها حسب السبب الذي أدى إليها. ولكن هناك قاعدة أساسية تؤدي بشكل مؤكد إلى علاقة ناجحة وهي أن يراعي الطرفان مشاعر بعضهما البعض خاصة الزوج لأن الكثير من الرجال أنانيون لا يفكرون إلا في متعتهم الخاصة.. وأنانيتهم تنعكس عليهم بشكل سيىء لأن من نتيجتها أن تفقد الزوجة الاهتمام بالعملية الخاصة.. وبالتالي يبدأ الرجل في الشكوى لأن عدم تجاوب زوجته يقلل من متعته رغم أن أنانيته كانت هي السبب.. وهكذا تسير الأمور في حلقات مفرغة.. ولعلاج مثل هذه الحالات يعمل الطبيب النفسي على تعليم الطرفين كيف يسيران بنفس السرعة والدرجة حتى لا يسبق أحدهما الآخر.. وكيف يعامل الرجل زوجته لتهيئتها نفسيا للاستجابة له.. وقبل كل ذلك علاج كل حالة حسب المسبب النفسي لها إذا كان ذلك نفسيا أما إذا كان السبب عضويا فلا بد من علاجه لدى الطبيب العضوي المتخصص في الحالة. لكل مشكلة علاج ما أنهت به الدكتورة سماء حديثها يثير تساؤلا هاما وهو علاج الحالات العضوية وما إذا كانت توجد علاجات وأدوية لزيادة درجة استجابة النساء. الدكتورة شذا زيدان اختصاصية الأمراض النسائية في لندن تزيل الغموض عن هذا التساؤل الذي يحّير الكثيرين بقولها: يتضمن البحث عن العلاج الكشف على الأمراض العضوية المسببة وعلاجها، كل على حدة. وأنصح النساء بتنظيف المهبل بالماء فقط من دون صابون لأنه يمتلك آلية التنظيف.. واستخدام كريمات الاستروجين الموضعية مثل كريم "بريمارين" Premarin مرتين في الأسبوع لأن هذا يساعد على التخلص من مشكلة الجفاف. بعض الأطباء يصفون الأدوية الهورمونية المعوضة بعد سن اليأس لتساعد على حل مشكلة فقدان الرغبة الجنسية في هذا العمر.. ولكنها لها محاذيرها.. ولذلك يجب الحرص على تقييم حالة السيدة الصحية بشكل كامل من قبل طبيبها قبل البدء بالعلاج. تجارب فاشلة والحديث عن العلاجات المختلفة يدفع إلى الذهن تساؤلا حول سبب اختراع دواء مثل "الفياجرا" الذي حل مشكلة العديد من الرجال بينما فشل العلم حتى الآن في إيجاد دواء مماثل للنساء.. فما هو السبب؟ تجيب اختصاصية الأمراض النسائية قائلة: "لم يتمكن العلماء حتى الآن من إيجاد العلاج الشافي فبالرغم من الثورة الطبية التي أحدثها عقار "فياجرا" في علاج مثل هذه الحالة عند الرجال إلا أن نفس شركة الأدوية التي أنتجته فشلت في انتاج دواء مماثل للنساء والسبب أنه تبين بالبحث أن الرغبة تبدأ عند النساء بتحريض الدماغ لديهن، أي على عكس الرجل تحصل المرأة على معظم الشعور بالإشباع من خلال استثارة الدماغ وليس أي عضو آخر. كما تبين للبحث العلمي وجود خلاف جوهري بين الرجال والنساء حيث تتحقق الاستثارة لدى المرأة بعوامل مختلفة أساسها العلاقة المشتركة مع زوجها والتفكير المتقارب والإحساس العاطفي على عكس الاستجابة الفيزيائية البسيطة التي تحدث لدى الرجل والتي غالبا ما تقود إلى شعوره بالرغبة في ممارسة الجنس.. بينما لم يكتشف العلماء وجود عامل واضح مماثل لدى المرأة ولذلك فقد بدأوا في إجراء أبحاث جديدة تركز على كيمياء الدماغ لدى النساء لإيجاد حل جديد.. خاصة بعد فشل المحاولات السابقة والتي اعتمدت على انتاج حبوب أو لصقات موضعية من "التستستيرون" تساعد على زيادة الرغبة عند النساء.. اعتمادا على حقيقة علمية مفادها أن هذا الهورمون يوجد عند المرأة ولكن بكمية أقل مما هو عند الرجل.. ولكن هذه الحبوب واللصقات نتج عنها بالتجربة مشكلة صحية، حيث تسببت في ظهور الشعر بكثافة مع خشونة الصوت لدى النساء إلى جانب حدوث تحولات في الجسم لدى المرأة تجعلها مشابهة للرجل الأمر الذي رفض تماما من النساء ففشل هذا الحل كعلاج. ولأن مبعث الاستثارة لدى المرأة كما سبق ذكره يخضع لتفاعل عوامل متعددة بدنية وعاطفية وانفعالية بالإضافة إلى عوامل طبيعة العلاقة بين الزوجة والزوج فقد فشلت أيضا التجربة التي قام بها الدكتور "ميلوي" Dr. S. Meloy والذي زرع جهاز في العمود الفقري لعشر نساء لمدة تسعة أيام، حيث وضع الإبرة في أسفل الظهر ثم مرر من خلالها مسرى كهربائيا إلى المنطقة التي يعتقد أنها مصدر الأعصاب التي تؤثر على الأعضاء التناسلية.. ثم وصل المسرى الكهربائي إلى جهاز تحكم عن بعد وضع مع المرأة لوصله وقطعه بالتيار الكهربائي حسب الرغبة.. ولكن تبين من التجربة أن الجهاز لم يكن فعالا لأن مبدأ العلاج يقوم على رد الفعل الانعكاسي.. فألغيت الفكرة وإن كانت الأبحاث العلمية ما زالت مستمرة لاكتشاف علاج حاسم للمشكلة.