"..فلسطين اليوم بعد العراق وأفغانستان مكان للتجارب لآخر الأسلحة والإستراتيجيات وأساليب الحروب النفسية.هناك تخطيط لمسلسل مدروس.العراق ستضرب بطريقة أو بأخرى,سيأتي وقت سورياوإيران...", هكذا تكلم المفكر المغربي المهدي المنجرة في كتابه"الإهانة في عهد الميغاإمبريالية" ص 75. إن الفقرة الآنفة ليست عبارة عن كلمات صحافية أو خواطر عابرة.., بقدر ما كانت رؤية استشرافية تعود لأوخر القرن 20م ومستهل القرن 21م, كتبت بقلم المناضل والمفكر المغربي الراحل المهدي المنجرة. فهي إن دلت على شيء فإنما تدل على الكشف المسبق للمخطط الأمريكي ومن ورائه بنوا صهيون,-الذي-(أي المخطط) استطاع أن يجد له موطىء قدم في الجغرافية العربية و"الإسلامية",وذلك, بمساعدة وكلائه العرب وغير العرب في ذات المنطقة.
فبعدما تنبأ المنجرة في السبعينيات من القرن الماضي بحتمية غزو العراق, على -يد- حلف الناتو,بقيادة الولاياتالمتحدة الأمريكيية وبمباركة من جامعة الدول العربية,ناهيك عن "كراكيز" أمريكا المتحكم فيهما "الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي",والتي(أي الحرب) كانت بدايتها على العراق سنة 1990م,حيث سماها المنجرة بأنها أول "حرب حضارية" على الجغرافية العربية و"الإسلامية" وكان بذلك,له السبق على المنظر الأمريكي "صامويل هنتنجتون" صاحب كتاب"صدام الحضارات" 1993م, وباعتراف هذا الأخير بأفضلية المهدي المنجرة في التنظير للحروب سواء الحرب على العراق أو الحروب والإنتفاضات الشعبية العربية في المستقبل والتي نشهدها على الراهن..,إذ اعتبرها المنجرة أنها لن تتوقف بإسقاط نظام صدام حسين وإعدامه في يوم مخطط له كذلك مسبقا,هو يوم عيد الأضحى,عيد كل الشعوب "الإسلامية" على امتداد خط المغرب/أندونيسيا, بل ستستمر إلى ان يتحقق المشروع المخطط له, من طرف "الإمبرياليات" وهذه الرؤية المستقبلية واردة في كتابه(أي المنجرة) "الحرب الحضارية الأولى"1991م.
لكن,الخطير ما في الأمر,هو أن المنجرة,استشرف الحرب على سوريا قبل اندلاعها بعقد ونيف من الزمن,التي بدأ تفعيلها وتنفيذ الجزء الثاني من المخطط "الأمريكوصهيوبريطاني"سنة 2011م بالتوازي مع ما أطلق عليه تمويها للشعوب العربية ب"الربيع العربي"..
بيد,أن هذا المخطط المدروس بشكل دقيق,يروم في المقام الأول بإعادة رسم خريطة جيوسياسية جديدة للشرق الأوسط منبع الثروة خاصة, ومن ثم العالم العربي عامة,بالتالي,استعباد شعوب المنطقة برمتها..
فبالرغم من أن"صامويل هنتنجتون" و"بيرنار لويس"وكوندليزا رايس"و"هينري كسنجر"و"جوزيف ناي"و"هيلاري كلنتون" و"بوش" الإبن والأب(...) وأخيرا وليس آخرا"دونالد ترامب" كلهم أشاروا بشكل واضح, بالكتابة أو التنظير لهذا المخطط التدميري,إلا أن الحكام العرب كلهم بدون اسثناء غضوا الطرف عن ذلك المخطط, إما عن قصد, بتسوية من تحت الطاولة, وإما بجهلهم المقدس, وتجهيلهم لشعوبهم وتهميش وإقصاء مفكريهم, لذلك, فعلا, ينطبق عليهم قول الشاعر العربي عندما قال " لكل داء دواء يستطب به إلا الحمق والغباء والجهل والإنبطاح لا دواء لهم"
ويبدو ان"ترامب دونالد" هو من سيطبق ويحقق تنبؤات المفكر المغربي المهدي المنجرة على الواقع,إذ في عهد "ترامب" بدأت إرهاصات "تضعضع" النظام الإيراني تطفو بالملموس على راهنه الآني, ذلك إثر إنسحاب "ترامب" ومن ورائه "حكومة الظل"الصهيونية, من الإتفاق النووي الإيراني وما ترتب عنه من فرض عقوبات اقتصادية شاملة, شملت كل القطاعات الحيوية لدولة إيران,إذ بالمحصلة كما هو معلوم بشكل مدروس عند أمريكا,سيترتب عن تلك العقوبات "فوضى خلاقة" عارمة, بتعبير "كوندليزا رايس" في الداخل الإيراني, من خلال ارتفاع الأسعار على كافة الأصعدة,مما أفضى إلى احتجاجات شعبية كما نتابعها على الهواء مباشرة, تارة, رافعة شعارات نقابية وتارة, شعارات سياسية, ويبدو,أن رقعتها سوف تتسع لتشمل كل الجغرافية الإيرانية,هذا إن لم تحدث "معجزة" ويصير"ترامب" صديقا عزيزا ل"روحاني", وهذا أمر مستبعد تمام الإستبعاد, في ظل وجود التناقض الكبير بين التوجهين السياسيين, الإيراني والأمريكي..,طبيعي إذن, أن أمريكا وأتباعها المتربصون بالنظام السياسي الإيراني -الذي- في نظرهم يشكل آخر خطر على الكيان الصهيوني ووكلاء الغرب من العرب و"المسلمون" في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا..., سينتظرون الوقت المناسب للتدخل العسكري, بطبيعة الحال كما هو معلوم بذريعة حماية الشعب الإيراني وكذا بالذريعة القديمة /الجديدة,المتمثلة في نزع الأسلحة النووية ونشر "الديمقراطية" أو بذريعة القضاء على الإرهاب,علما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية أقامت دولتها على جامجم 120 مليون من السكان الأصليون الهنود الحمر,علاوة على إلقاء القنبلتين النوويتين على الشعب اليباني في عهد "ترومان" وهذا هو الإرهاب الحقيقي بدون نقاش..,بالنتيجة, وبحكم عدم التعاون العسكري العربي/العربي, وكذا بسبب الحروب الأهلية والتآمر العربي /العربي على بعضهم البعض وكذا استبداد الحكام العرب لشعوبهم إرضاء للإرادات "الأمريكوصهيونية" والتفريط في القضية الفلسطينية والمساومة عليها وما إلى ذلك..ستجد إيران نفسها في نهاية المطاف وجها لوجه أمام حلف الناتو وأتباعه من العرب, وطبيعي كما يقال" بالتعاون والإتحاد يهزم الأسد" إذاك يصح القول الشعبي الذي يقول"أكلت يوم أكل الثور الأبيض" فهل سيتحقق بالملموس استشراف المفكر المغربي المهدي المنجرة حول إيران, كما تحققت استشرافاته العلمية في العراقوسوريا..,وكذا الإنتفاضات الشعبية في العالم العربي المستمرة..؟