تلعب الأحزاب السياسية في المجتمعات الديمقراطية أدوارا تأطيرية مهمة لا يمكن انكارها او حصرها في جميع المجلات الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية ...الخ ، و لذلك فحضورها ضروري ان لم نقل أنه أحد مقومات و أسس المجتمعات الحديثة، التي تنهل من معين الديمقراطية و ثقافة المؤسسات . غير أن وضعية أغلب الأحزاب في هذا الوطن الذي نحتمي بحماه و نحيا بظله تكاد تكون غامضة و غائبة تماما من المشهد المجتمعي الذي لازال يبحث عن أحزاب جادة قادرة على تأطيره و استيعابه و قريبة من همومه ، وتستطيع بكل ما أوتي لها من قوة الدفاع عن المشاكل و الصعوبات التي يعاني منها المواطن من جراء الفقر و البطالة و الهشاشة و غياب العدالة الاجتماعية و هلم جرا .
فكيف يعقل أن الدولة تسمح بتأسيس العديد من الأحزاب التي تستفيد من أموال الدعم المستخلصة من جيوب المواطنين ، و بالمقابل نجدها عاجزة عن أداء الأدوار المنوطة بها ، اذ انها تنشط فقط بشكل موسمي و مناسباتي بدون أي اثر اجتماعي يذكر ، و تكاد تكون مقتصرة على شرذمة من الناس أو من يسمون انفسهم مناظلين يغلقون أبواب التواصل و يكتفون فقط بالدفاع عن أهدافهم و طموحاتهم الشخصية بدون أي اكتراث لمعاناة المواطن .
ان العزوف عن المشاركة في الانتخابات هو اعلان بالدرجة الأولى عن فشل الأحزاب في التأثير و في التأطير ، و في القيام بالأدوار الجليلة التي ينبغي القيام بها من طرف هذه المؤسسات .