"إل جي" تطلق متجرا إلكترونيا في المغرب    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    الأمانة العامة للحكومة تطلق ورش تحيين ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية وتُعد دليلا للمساطر    محامو المغرب: "لا عودة عن الإضراب حتى تحقيق المطالب"    الشرطة الهولندية توقف 62 شخصاً بعد اشتباكات حادة في شوارع أمستردام    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    مؤسسة وسيط المملكة تعلن نجاح مبادرة التسوية بين طلبة الطب والصيدلة والإدارة        كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    نقطة واحدة تشعل الصراع بين اتحاد يعقوب المنصور وشباب بن جرير    بقرار ملكي…الشيشانيان إسماعيل وإسلام نوردييف يحصلان على الجنسية المغربية    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    غياب زياش عن لائحة المنتخب الوطني تثير فضول الجمهور المغربي من جديد    بورصة البيضاء تستهل التداول بأداء إيجابي    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    مجلة إسبانية: 49 عاما من التقدم والتنمية في الصحراء المغربية    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    الجولة ال10 من البطولة الاحترافية تنطلق اليوم الجمعة بإجراء مبارتين    طواف الشمال يجوب أقاليم جهة طنجة بمشاركة نخبة من المتسابقين المغاربة والأجانب    ضمنهم مغاربة.. الشرطة الهولندية توقف 62 شخصا بأمستردام    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف        ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    كيف ضاع الحلم يا شعوب المغرب الكبير!؟    تحليل اقتصادي: نقص الشفافية وتأخر القرارات وتعقيد الإجراءات البيروقراطية تُضعف التجارة في المغرب    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان    رضوان الحسيني: المغرب بلد رائد في مجال مكافحة العنف ضد الأطفال    كيوسك الجمعة | تفاصيل مشروع قانون نقل مهام "كنوبس" إلى الضمان الاجتماعي        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    طوفان الأقصى ومأزق العمل السياسي..    إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    المدير العام لوكالة التنمية الفرنسية في زيارة إلى العيون والداخلة لإطلاق استثمارات في الصحراء المغربية    "الخارجية" تعلن استراتيجية 2025 من أجل "دبلوماسية استباقية"... 7 محاور و5 إمكانات متاحة (تقرير)    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    الشبري نائبا لرئيس الجمع العام السنوي لإيكوموس في البرازيل    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    طنجة .. مناظرة تناقش التدبير الحكماتي للممتلكات الجماعية كمدخل للتنمية    الأمازيغية تبصم في مهرجان السينما والهجرة ب"إيقاعات تمازغا" و"بوقساس بوتفوناست"    1000 صيدلية تفتح أبوابها للكشف المبكر والمجاني عن مرض السكري    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    بنسعيد يزور مواقع ثقافية بإقليمي العيون وطرفاية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنون الحب الأبوي
نشر في أخبارنا يوم 10 - 09 - 2017

عالم الأحاسيس عالم لا يعرف الهدوء ترتفع أمواجه إلى درجة الهيجان وتعود لتنتهي بلون ناصح البياض وبصوت يبعث الهدوء من جديد، وفي لوحة فنية رائعة مصدر كل جمال.
إنه العالم الذي لا غنى لنا عنه وعن تقلباته، عالم يتجاوز العقل وكل تفكير منطقي ويتحداه بشحناته وعواطفه الجياشة.
هو العالم الوحيد الذي يهدم مبدأ السببية و يتحرك بيننا في شكل جنوني، بل قد يتمظهر في إحساسين متناقضين، يتأرجح بين الحب والكراهية لنفس الموضوع دون مبرر.
هو العالم الذي يبدو فيه الغباء محمودا، وتبدو فيه الطيبوبة قوة بينما يراها عالم العقلاء ضعفا وقهرا لكل قدرة على التغيير.
عالم اللأحاسيس له صوت لا يٌقهر ولا يٌفهم، وله طاقة تندفع وتتدفق بلا حساب لأنها خرجت عن عالم السيطرة الذي يخضع لقوانين إنسانية أخلاقية قيمية جمالية قانونية دينية...
هو عالم لا مرجعية له غير الذات ولا يتواصل إلا معها ولا يستقبل إلا منها الأوامر والنواهي، لا يؤمن إلا بعدالته و لا حق غير لمشاعره .
عالم الأحاسيس هو عالم الحب والبغض، حب يجذب الأشياء والأشخاص ويقرب بينها بنوع من الحنين وبسعادة تغري كل ذات عاقلة تمردت على سؤال لماذا وكيف. بينما البغض يباعد ويفرق باحثا عن أسباب تفسر الوضع وتخلص الذات من أي إحساس بالذنب ، على اعتبار أنه وضع له ما يبرره وله أسباب خارجية قابلة للقياس والتحليل والأخذ والرد...
عالمنا الغريب هذا يثيرنا لطرح السؤال عن الحب الجنوني والمميت وعن الحب بالمقابل والأبدي... وعن كل أنواع الحب الإنساني الذي خرج عن كل أنواع السيطرة فلا نستطيع التنبؤ له إلا بتمني حسن العاقبة...
يحتاج كل إنسان إلى هذا الشعور الذي يجعل من الإستمرار ضرورة، ومن التضحية سر العلاقات الإنسانية، يجعل من حب العطاء له ما يبرره. هكذا قد نرى في الحب الأبوي دلالا وفي نكران الذات ظلما في حقها و أنه على الآباء أن يعيشوا حياتهم ويتعلموا الأنانية في علاقتهم بأبنائهم، والكثير ما قد نرى... ولكن ما أن تصبح أبا حتى ترى مشاعرك توجهك وتفلت منك من حيث لا تدري، ترهق نفسك في التفكير في مستقبل قد لا تعيشه. ستتعلم ما معنى الماضي وما معنى المستقبل ولكنك دون أن تدري ستعيشه في فكرك وستٌقذف فيه بحب وحبا فيمن تحب .
حبك لأبنائك سيجعلك تحب كل شيء لأجلهم ستحب جمع المال وشراء الأشياء والمنافسة مع الآخرين...

تأملنا حب الأم لأبنائها فوجدناه جنونيا حين تحبه لدرجة الضرر حتى قيل عنه من الحب ما قتل، هو الحب الذي تتعذب فيه لكي تسعد الآخر بمنطقها، بل إنه العطاء الذي قد يصبح حرمانا ومعاناة حقيقية، هو الخوف المبالغ فيه حتى صار قتلا لكل استقلال وحرية في الاختيار وفي التميز، وكأنه النسخة التي يجب أن تكون و لا وجود لغيرها. إنه الحب المميت فهو القاتل لكل قدرات الذات والمٌقبر لها في مقبرة النسيان، ومع ذلك قد لا يدرك الحب ولا تمتص الشحنات وقد لا يخترق المشاعر وكأننا أسأنا التعبير عنه، لذلك سيبقى السؤال الذي يطرح نفسه :هل الحب دائما يترجم بالعطاء؟أم أن العطاء تعبير عنه؟ أم أنه حب للخير حتى ولو كان فيه حرمان، ولم يدرك كمعنى حقيقي للحب؟
لا يستطيع أحد أن يعيش دون أن يطمع في حب من يحيط به، وقد يتعذب المحب في التعبير عن حبه مستغلا كل الوسائل وينتهي به الأمر إلى اليأس من علاقة إنسانية إيجابية راغبا في الشعور فيها بنوع من الإنتماء وكل تعاطف ممكن، ويستمر في العطاء دون أي صدى لهذا الصوت.
وكأن الحب إحساس تلقائي وارتياح وانجذاب صارخ لوحده لا يحتاج لوسائل الإيضاح والتعبير، لكننا غالبا ما نحتاج لهذا الإعتراف بالعطاء والسخاء العاطفي في كلمات دالة. لقد تعودنا الكثمان لمشاعرنا الإيجابية مع من يحيط بنا وفي ذلك قهر للذات ولغيرها. والغريب نبحث عن أفلام تثقن العملية ونعيش تلك المشاعر في عالم استيهامي تمنينا أن يكون واقعيا.
مشكلتنا مع مشاعرنا أننا لا نعيشها بقدر ما نعيش عالما ماديا بشكل يومي يجعل علاقاتنا مع بعضنا علاقات تشييئية صادمة لإنسان لا يستطيع أن يتجاهل ويستنكر أحاسيسه التي هي جزء منه .
الحب الأبوي الطاهر يٌقبر كل يوم في حياة مادية.هو الحب الجنوني أو الحب المميت، حب يخزّن في رصيد بنكي يؤمن مستقبل الإبن ونحن لا نعرف أن إحساسه بالحب من سيجعله يعيش حياة متزنة في علاقات اجتماعية آمنة.
هو الحب الأبوي اليوم يرى في الإبن رغبات يجب أن تلبى وكأن الأب موجود لتحقيق والإنصات لميولاته، ونسينا أن من وظائف التربية وضع اللجام على الجانب الهمجي فينا، وخروج الإنسان من فردانيته في اتجاه الآخر على اعتبار أنه عضو في المجتمع ينتظر منه أن يؤدي وظيفته ومن تم تستمد قيمته، فتتم أنسنته بخروجه من العالم الطبيعي إلى العالم الثقافي .
هذا هو المطلوب من الحب الأبوي كان عليه أن يهيئ إنسانا صالحا لنفسه وللآخرين، في الحب إذن عطاء وحرمان يتذوقهما الإبن على اعتبار أن الحياة لا ترحم وأن الحرمان يطاردنا في أي لحظة وأن وجع الألم علينا أن نعتاد عليه حتى لا نشعر به في كثير من الأحيان وأن في كل دواء دائما مرارة.
الحب الأبوي المجنون لا يخضع لضوابط وقد لا يعرف رزانة، فيه اندفاعات تقترب من التهور و السذاجة، هذا التحول العلائقي بين الآباء و الأبناء هو ما أنتج أبناء لا يعرفون غير الأنانية والحقوق دون الواجبات وما يريد دون ما يراد منه.
لا نعجب من أبناء يطالبون دون كلل أو ملل ولا يعرفون النقش على الحجر وقهر الصعاب، لأننا نحن الآباء من عودوهم على أن الحياة بسيطة وأننا مسؤولون عن التوفير والتفكير والتخطيط لمستقبلهم. إنه الحب المجنون الصامت المميت أصبحنا نعيشه اليوم مما يزيد ضغطا على كل أب وما يخيف الشباب اليوم من الدخول للحياة الزوجية التي أصبحت مهمة للأبد لأنه حب أبدي يحسب بالمقابل المادي وليس بالحب المعبر عنه كأحاسيس يجب أن تخترق بعضنا دون استئذان لتنعش عاطفتنا وتقينا من الجفاف والجفاء العاطفي وتزرع الرحمة والحنان والاستلطاف بين البشر،تعكس وجوها بشوشة مقبلة على الناس والحياة.
لم يعد الإنسان ينتظر من الآخر ما يغنيه ولكن ما أحوجنا اليوم للكلمة الطيبة والوجوه البشوشة ترجع الأمل في غد أفضل دون أنانية وقهر لإنسانيتنا والتي إن تخلينا عنها سيكون من الأفضل أن نعود لقانون الغاب، لأن حب الخير من جعلنا ننادي بالمساواة والعدالة والحق والإنصاف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.