أثار موضوع « هروب « أو « تغييب « مجموعة من الفتيات بمناطق متفرقة من الجنوب الشرقي جدلا كبيرا ,جعلنا نحاول فهم بعض الثاوي خلف هذه الحالات التي وصفت بالظاهرة الخطيرة و « الدخيلة» خاصة بعد أن بلغ عددهن 9 حالات خلال الستة أشهر الأخيرة. بداية، فهذه الظاهرة ليست جديدة، وليست خاصة بمنطقة دون أخرى، كما أنها ليست « دخيلة « ولا « خارجة «، فهي ظاهرة اجتماعية تعرفها وعرفتها، كل المجتمعات عبر التاريخ، وكغيرها من الظواهر الإنسانية لا يمكن التعميم بشأنها، ولا يمكن إرجاعها إلى سبب محدد، فلكل حالة أسباب نزول معينة بين الاجتماعي والاقتصادي والنفسي... تمكنا،بتعاون مع مرصد دادس للتنمية والحكامة الجيدة، من الحصول على معطيات صادمة وتكاد تكون مفارقة لأغلب ما تداولته الشبكات الاجتماعية ومواقع الكترونية حول ظاهرة اختفاء فتيات بإقليم تنغير، والتي ربطتها بشكل مباشر أو غير مباشر بالانحراف الأخلاقي « الجنسي». في هذا التحقيق سنضطر للسكوت عن بعض التفاصيل حماية للمعطيات الشخصية، وكي لا تتشابه الأحداث والمعطيات مع حالات مغايرة، فكل تشابه في التفاصيل فهو من محض الصدفة. هاربات من «القهرة»متهمات بتلطيخ «الشرف» بعد تتبعنا لبعض حالات « الهروب « أو « الاختفاء « أو « التغييب « ، كانت صدمتنا عندما وجدنا أن أسبابا تكاد تكون « تافهة « وبسيطة وراء اضطرار مجمل « الهاربات « لمغادرة الكنف الأسري، لكن قهرية الوصم الاجتماعي لما بعد انتشار خبر « الاختفاء « يجعل المشكل يتطور ويتعقد بسبب العقلية الذكورية السائدة، كما وجدنا أنه في بعض الأحيان يكون « تغييب « أو «هروب» الفتاة من بيت عائلتها «هروب ايجابي» كحالات الهروب من محاولات الاعتداء الجنسي من أحد المحارم، أو الهروب من «زواج قسري»، أو حالات اختباء فتيات عند أقارب أو أصدقاء بعد اكتشافهن حقائق حساسة كانت مخفية عنهن، كحالة إحدى «المختفيات» التي اكتشفت أنها»بنت بالتبني» فلجأت إلى عائلة إحدى صديقاتها «هربا» من الحقيقة الصادمة. إن عدم عودة فتاة إلى البيت لفترة يجعل الكل ينخرط في التأويل والتحليل وإطلاق الأوصاف والنعوت والتي غالبا ما تكون سلبية ضدها، حيث تتحرك آليات الوصم الاجتماعي، مما يزيد في تعقيد المشكل. كنا، وربما الكثيرون غيرنا، نعتقد أن مشاكل معقدة وكبرى وراء اختفاء هؤلاء «الهاربات»، لكن واقع الكثير منهن غير ذلك تماما، كما أن هناك من رجح فرضية وجود مافيا تستقطب الفتيات للدعارة بحكم تقارب حالات هذه الاختفاءات زمنيا، فالكثير منا يحكم على الأمر منذ الوهلة الأولى بمقولة « ليس هناك دخان بدون نار». إحدى اللائي استقصينا حالاتهن، مراهقة متمدرسة، غادرت منزل عائلتها هربا من مشاهد العنف اليومي الذي يمارسه الأب على الأم، «لم أعد قادرة على تحمل رؤية أمي تتعذب»؛ «تمنيت أن أعيش يوما بعيدا عن ذلك» هكذا عبرت عن قصتها في جمل، غادرت منزلها ذات صباح إلى بيت أحدى صديقاتها دون إخبار أحد، وظلت هناك لأيام قبل أن تعود. حالة أخرى ل « هاربة « من « تزويج قسري « ، وأخرى لم توافق عائلتها على «علاقتها» مع أحد الشباب الذي وعدها بالزواج، فهي تحب شخصا والعائلة تريد لها شخصا آخر، وأخرى اختفت بعد أن اتهمها أقاربها بالفساد، لأنهم اكتشفوا لديها هاتفا محمولا تلقته هدية من زميلها، والأقارب «طبعا»لم يتقبلوا الأمر ولم يتفهموه، وواجهوها بالضرب والكلام الجارح والعنف المادي والمعنوي، فحزمت بعض ملابسها وخرجت نحو المجهول، وحالة أخرى «هربت» من كثرة الأعمال المنزلية وما سمته «أعمال السخرة» لزوجات الإخوة أو «الهروب»من « تمارا» و «القهرة» بين الحقول والجبال، أو أخرى «هربت» بعد أن عنفت داخل الأسرة بسبب سرقتها ل 500درهم من أبيها. لا أحد سيفهم مثلا أن فتاة هربت لأنها لم تعد تتقبل «بخل أبيها الغني» وإحساسها بنوع من الظلم و «الحكرة» عندما تقارن «حالها» بحال بنات أسر فقيرة، لكن يظهرن أفضل منها، ومن حديثها يستشف أن «البخل» هنا ليس فقط مادي، بل عاطفي أيضا، خاصة عندما تقول «كم تمنيت أن يحضنني أبي بحب ولو مرة واحدة في حياتي»، وربما هو حال العديد من الأبناء والبنات، الذين يجدون الأب مشغولا في توفير رغيف العيش ولا يهتم أو لا يعرف فضل قبلة حب لأبنائه أو أهمية لمسة حنان. مجمل الحالات التي توقفنا عندها تعود لفتيات تتراوح أعمارهن بين 15و28 سنة، لمسنا أن أغلبها كان يمكن إيجاد حلول لها بالحنان الأبوي وبالحوار الأسري الشفاف والواضح البعيد عن اللغة الموارية، حيث أن دراسات اجتماعية وسيكولوجية كشفت أن التمويه وتجنب الخطاب المباشر والجريء في الأحاديث الأسرية لا يحل مكامن الصراعات والمشاكل، بل يراكم عقدا اجتماعية ونفسية. مثل هذه الحالات، التي يختلط فيها النفسي بالاجتماعي لا يمكن أن نتسرع بالحكم عليها على أنها « انحراف أخلاقي « ، أو التسرع في إصدار التعميمات و « التيكيتات « الاجتماعية فهي مجرد اختلال في السلوكات يمكن علاجها بتوسيع فضاءات الحوار الأسري. حين تتسبب الأسرة في حالات فرار يكتشف الأهل حالة « الاختفاء « المفاجئ، فينتشر الخبر وتزداد قهرية الأمر على»الهاربة» وعلى «عائلتها» معا، لا أحد سيتفهم أن سبب الاختفاء مشكل بسيط، فغالبا ما يؤول السبب إلى « فساد جنسي» ، فبقدر ما يساعد نشر الخبر والصور عبر وسائل الإعلام والاتصال من العثور على»المختفية» بأقصى سرعة، وربما إنقاذها من السقوط في براثين عصابات «الدعارة»، بذات القدر يشكل ذلك مشكلا آخر يساهم في «وصم» المختفية بنعوت مسيئة. من خلال ما توصلنا به من بعض الحالات وجدنا أن طريقة تعامل الأسر والمجتمع مع اختفاء أحد الأبناء تكون سببا في تعقيد الأمور، فعوض استحضار آليات الحوار والتفهم والتفاهم والإنصات يتم اعتماد مقاربة التهديد والوعيد والعنف، حيث أن سببا بسيطا قد يجعل فتاة «تتغيب» أو تتأخر عن منزلها الأسري، وسوء التعامل والتقدير يجعل فكرة العودة والرجوع صعبة على الفتاة مخافة العقاب، فتجد نفسها بعد ذلك ضحية شبكات الاستغلال الجنسي، التي تترصد مثل هذه الفرص ,عندها تسقط «الهاربة» المستجيرة من نار «العائلة» في جحيم «الدعارة»، فحسب أغلب التصريحات والشهادات التي توصلنابها، لاحظنا أن السقوط في الانحراف الأخلاقي والفساد يكون نتيجة سوء تعامل الأسر مع الفتاة بعد هربها وليس قبله بالضرورة. خلال بحثنا، وجدنا أنه في حالات قليلة فقط كان اختفاء فتيات من المنطقة بسبب «جنسي»، كحالات اكتشاف تعرض الفتاة لاغتصاب، أو علاقات نتج عنها حمل غير مرغوب فيه،إضافة إلى حالة لفتاة تعرضت للابتزاز بنشر صورها عارية من طرف أحد زملائها في الدراسة، أو حين تتعرض فتيات للاستغلال من أشخاص ذو سلطة ونفوذ عليها وتكون ملزمة «اجتماعيا» ب «السترة»فتهرب إلى مكان لا يعرفها فيها أحد ... ففي هذه الحالات تكون العائلة قد أغلقت كل المنافذ والحلول على الفتاة «التي تكون في الأصل ضحية» فلا تجد من حل سوى الهرب، لكنها في المجمل حالات محدودة لا يمكن تعميمها. وحسب دراسات عديدة، تتنوع عموما أسباب»هروب»الفتيات والفتيان من البيوت،بين الحرمان العاطفي والحرمان المادي، أو العنف المادي والرمزي من طرف الأقارب،أو الاستغلال والتحرش الجنسي، أو القهر و الظلم والتهميش والتحقير، أو الحمل غير المرغوب فيه، أو التدليل المبالغ فيه وعدم اهتمام الأسرة وتهاونها، إضافة إلى السقوط ضحايا التغرير، أو صراع القيم بين الآباء والأبناء، والتفكك الأسري، التمييز بين الأبناء وغيرها من الأسباب الكثيرة، فليس لهروب الأطفال من كلا الجنسي سبب واحد يمكن تعميمه. في الحاجة إلى المتابعة الاجتماعية والنفسية في تعليقه على الظاهرة, صرح لنا مستشار اجتماعي أن أسرة « الطفل الهارب أو المتغيب » تكون كلها محتاجة للمصاحبة والمتابعة النفسية والاجتماعية وليس الطفل فقط، وهذه بعض طرق حسن إدارة مشكل هروب الأبناء. ففي تصريح له يقول الأستاذ هشامي محمد،المستشار الاجتماعي والباحث في السياسات الاجتماعية أن «تغيب أو هروب الأبناء من المنزل يعتبر من الطابوهات الاجتماعية قليلة التداول، وغالبا ما يكون موضع تكتم شديد لدى العائلات بسبب ثقافة « العار «و «الشرف» و «السمعة»، وغالبا حتى في الإبلاغ عن «التغيب» يقال أنه «اختطاف»، لأن الوعي الجمعي يعتبر «تغيب» الفتاة عن البيت «فضيحة» في حين قد يكون «التغيب» بسبب نفسي أو بسبب الاستلاب بمعتقدات فكرية أو دينية معينة مخالفة لمعتقدات العائلة أو غيرها من الأسباب» . يضيف هاشمي محمد «لكن على العموم أغلب حالات « التغيب « تكون راجعة للتفسخ الأسري وضعف مراقبة الأسرة وعدم قيام الآباء بأدوارهم التنشئوية، فأغلب الآباء يتزوجون ويلدون دون أن يتوفروا على معرفة وتكوين في طرق التربية السليمة والوسائل الحديثة للتعامل مع مشاكل الأطفال، فعلى الفرد قبل أن يفكر في الإنجاب أن يفكر ماذا أعد لهذا الابن القادم، ويتساءل هل أنا مؤهل أن أكون أبا أو أما، لأنه « ماشي غي أجي وولد الولاد» ، فالآباء والأمهات لا يقومون عادة بنقد ذاتي لممارساتهم في تعاملهم مع أبنائهم حتى ولو وقع المشكل، من جانب آخر تزيد وسائل الإعلام ووسائل التواصل الحديثة الأمر تعقيدا حيث أن الأبناء يقضون معظم أوقاتهم في «عالم افتراضي» لا يعرف عنه الآباء أي شيء» . وردا على سؤال لنا فيما إذا كان غياب الحوار حول الثقافة الجنسية سببا في تفاقم مثل هذه المشاكل داخل الأسر في العالم القروي يقول محمد هاشمي «إن أغلب الآباء، سواء في القرى أو في المدن، لا يكونون على تواصل حقيقي مع أبنائهم، ولا يتحاورون معهم ويصاحبونهم ولا يرافقونهم ويكونوا قريبين منهم، مثلا الأسرة هي النواة الأولى التي يجب أن يتعلم فيها المراهق والمراهقة الثقافة الجنسية بلغة مبسطة لكن واضحة، كي يتعلم الطفل أن يناقش أي مشكل داخل عائلته دون حرج، ويتشجع ليخبرهم بأي شيء كيفما كان، مثلا يمكن أن يتحدث الأبوان مع أبنائهم عن قصة تعارفهما ونشوء الحب بينهما، ويمكن للأم مثلا أن تشرح لابنتها المراهقة معنى العادة الشهرية، والحدود التي لا يجب أن تتجاوزها في حال تعرفها على شاب، وعواقب إقدامها على ممارسة جنسية مع شخص ما، كما يجب على الآباء أن يربوا بناتهم على أن أساس إنسانيتهن في علمهن وإنتاجهن وليس في جسدهن، إلى غير ذلك من الأمور التي يفضل أن يعي بها الأطفال من خلال آبائهم قبل أن يتعرفوا عليها ويكتشفوها بطرق غير سليمة من أصدقاء السوء أو من الانترنت لا أن تكون مهمة الآباء هو توفير المأكل والمشرب فقط». وحول السبل الناجعة للتعامل مع مشكل هروب الأبناء في حال وقوعه، يقول، الباحث في القضايا الاجتماعية، «مجرد وقوع مشكل مثل هذا، قد يجعل الأسرة تنهار، في حين أن الأمر ليس نهاية العالم ونهاية الحياة، ولا يجب أن يصور على أنه كذلك، بل على كل أب وكل أم أن يكون قد فكر في أنه يمكن أن يهرب أحد أبنائه لسبب ما، وأول شيء يجب أن تتنبه إليه الأسر هو حسن إدارة اللحظة الأولى لوقوع المشكل و « اختفاء « الابن سواء بنت أو ولد، نعم بالفعل تكون هناك صدمة نفسية قوية، لكن على الأسرة أن تحسن التصرف، ولا تظهر الوعيد والعنف للمختفي، بل العكس أن تبين أن الأمر لا يستعدي الهروب وأن لكل مشكل حل بالحوار، كما أن البحث عن المتغيب أو المتغيبة يجب أن يكون بوعي، مثلا الأسرة تبدأ بالبحث لدى الأقارب والأصدقاء دون أن تظهر هلعا وغضبا، بل أن تتعامل مع الأمر بشكل عادي، كما أنه من المفروض أن تكون الأم والأب على معرفة بأصدقاء أبنائهم ومحلات سكناهم». ويضيف هشامي محمد «بعد تعذر العثور على حل من الأفضل الاتصال بالشرطة خلال 24 ساعة، حتى لا تكون « المتغيبة « قد ابتعدت كثيرا، وأنصح في حال الاستعانة بالشبكات الاجتماعية والمواقع أن يكون الإعلان مصاغا بطريقة تربوية علمية وليس فيه تهويلا أو ذي طابع فضائحي وبعيد عن التهديد والوعيد» ويسترسل هشامي قائلا «ما يعتقده الكثيرون هو أن الفتاة أو الفتى المختفي هو الذي يحتاج إلى متابعة نفسية بعد عودته، لكن في الحقيقة فالأسرة كلها في تلك الحالة تحتاج إلى مصاحبة نفسية واجتماعية للتكيف مع الوضع الجديد، لتتصرف بطريقة تربوية وعلمية مع الطفل أو الشاب المختفي بعد عودته، مثلا بعد عودة « المتغيبة « يجب استقبالها بحب وعطف وحنان ونستقبلها مثلا ب «لقد اشتقنا لك « «هل أكلت « « هل تشعرين بالجوع « « لقد حزنا لغيابك « عبارات مثل هذه، لا أن نسألها مباشرة عن أسباب الهرب وأين كانت ومع من وماذا فعلت، لأنه في تلك المرحلة لا تكون قد استوعبت الأمر بعد، ومن الأفضل أن لا يناقش في الموضوع إلا بعد مرور فترة من الوقت «. ويؤكد الأستاذ هشامي محمد «أنه بالرغم من الكم الهائل من الجمعيات التي تشتغل في مجال الطفولة والشباب، وبالرغم من ارتفاع نسبة التمدرس, لكن هناك فشل كبير في نشر التوعية الأسرية والتربية السليمة والثقافة الجنسية، مثلا من خلال العديد من الحالات التي صادفتها خلال عملي، هناك حالات لفتيات تعرضن لاغتصاب واستغلال جنسي وهن لم يكن يعرفن أن تلك الممارسات التي كن يمارسنها تؤدي للحمل، كما أن هناك تمثلات كثيرة خاطئة عن الحب والصداقة والتحرش وعدم الوعي أن الشخص الذي تعرض للاغتصاب أو التحرش هو ضحية وليس مجرما، كما لا زالت أسر تعتبر البنات مجرد مشروع زوجات، وهذا يجعلنا ندرك أنه لا يزال هناك مجهود كبير يجب بذله من طرف الأسرة والمدرسة والجمعيات، خاصة على مستوى التنشئة السليمة للأبناء وكذا على مستوى نظرتنا للإنسان وكينونته « خلاصات لابد منها.. ما يمكن أن نخلص إليه من خلال هذا التحقيق، أن القهر والظلم الاجتماعي والأسري الممارس على الكثير من الفتيات، إلى جانب الاغراءات التي تزيد وسائل الإعلام والتواصل الحديثة في كشفها، تخلق حالات من الاغتراب عن الواقع وعدم تقبله، مما يولد ضغطا نفسيا واجتماعيا على بعض الشابات يدفعهن « للهروب « إلى عوالم مجهولة ربما قد تكون أقل ألما، كما أن الارتماء في « الفساد « أو «ممارسة الدعارة « و « التعرض للاغتصاب والاستغلال الجنسي « يكون نتيجة لسوء تدبير التعامل مع « الهروب المؤقت « من البيت الأسري وليس سببا له بالضرورة. كما أن ظاهرة الوصم الاجتماعي السلبي، خاصة في مثل هذه المجتمعات التقليدية، تصعب من الإخبار والتبليغ عن حالات الاختفاء، حيث أن عدم التبليغ المبكر يزيد من فرص « لوبيات « في استقطاب الفتيات لعالم « الدعارة « ، كما تصعب ظاهرة الوصم كذلك من إعادة اندماج الهاربة في حالة عودتها، حيث يبقى الوصم لصيقا بها وبعائلتها في الكثير من الأحيان، حتى وإن كان اختفاؤها لسبب تافه ,بل إن العائلة ذاتها تمارس عليها عنفا رمزيا منذ اللحظة الأولى لعودتها ب « إجراء إختبار سلامة البكرة « وعنفا دائما في انتظار تزويجها لشخص ما « يسترها». كما أن المجتمع لا يستثار كثيرا بهروب « الذكور « مثل استثارته لهروب « الإناث « ، ولا يتعامل معه بالحساسية ذاتها بالرغم من أن « الذكور « قد يتعرضون أيضا للاستغلال الجنسي، كما قد يكون سبب هروبهم « جنسيا « أيضا ، وإن كانت دراسات تشير إلى أن الفتيات هن أكثر هروباً من الفتيان، فعادة لا يهرب « الذكر « حتى وإن اقترف « جرائم أبشع « ، لكن الفتاة قد تهرب لمجرد أن أسرتها وجدت لديها رسالة غرامية من زميل دراسة. لهذا فتزايد حالات الاختفاء في صفوف الشباب, سواء إناث أو ذكورا يتطلب تضافر جهود الجميع، أولا لفهم مثل هذه المشاكل التي قد تتحول إلى ظواهر، ثم لحسن التعامل معها وقاية وعلاجا.