"قتلتها انتقاماً من نفسي لأني لم أعرف كيف أربيها" أدلى بهذا الاعتراف قاتل طفلته البالغة من العمر (16 عاماً), وقعت الجريمة في لواء ناعور القريبة من العاصمة عمان, وفي جنوب الأردن قتل شاب في مدينة معان, شقيقته (15 عاماً) خنقاً بمساعدة والدته وشقيقه. وكبل شاب يدي شقيقته المطلقة, وقام بخنقها بيديه, فيما طعن آخر شقيقته المتزوجة سبع طعنات مميتة. وكلتا الجريمتان وقعتا في محافظة اربد بشمال الأردن. فيما أمطر رجل جسد ابنة شقيقه البالغة من العمر (16 عاماً) بمشط كلاشنكوف, لأنها تعرضت للإغتصاب, بالرغم من أن ولده تزوجها قبل تنفيذه الجريمة بشهرين. تلك بعض الجرائم التي ارتكبت في العام 2010 بحق النساء, ووصفت على أنها جرائم شرف, والتي بلغ عددها 14 جريمة. بينما سجل العام 2009 (22) جريمة, والعام 2008 (13) جريمة, والعام 2007 (18) جريمة, والعام 2006 (12) جريمة. وتشير إحصاءات حديثة للأمن العام إلى أن الجرائم الواقعة بين الأهل, بلغت 26 من أصل 57 جريمة قتل عمد وقصد عمد, وقعت خلال الشهور العشرة الأولى من العام 2010. وتوزعت صلة القرابة بين الجناة والضحايا, توزعت على النحو التالي: الأخ 26%, الابن 5.8%, النسيب 8.8%, الزوج 17.6%, الابن أو الأخت 5.8%, الأب 26.4%, ابن عم 2.9%, والعم 5.8%. وتبين الإحصاءات أن أعمار الجناة تراوحت من 1827, وهم من الفئات العاطلة عن العمل والأعمال الحرة, فيما بلغت تراوحت أعمار الضحايا من 1827 سنة. وتشير إلى أن الدوافع التي تم رصدها من خلال الإفادات التحقيقية تنوعت بين خلافات سابقة وعائلية أو شخصية, خلافات وليدة اللحظة والادعاء ب "الحفاظ على الشرف", أسباب مالية, انتقام, التمهيد لجريمة أخرى. فيما ارتكبت جرائم أخرى بدافع الثأر, أسباب عاطفية, أو أمراض نفسية, دفاع عن النفس وتحت تأثير المشروبات. فيما تظهر سجلات دار الوفاق الأسري (حكومية) والتي تأسست عام 2007 ارتفاع حالات العنف الأسري خلال السنوات الثلاث الماضية, إذ بلغ عدد النساء اللواتي تعاملت الدار معهن عام 2007 ( 299 ) حالة, و( 501 ) حالة عام 2008, و( 806) حالات عام 2009. وتشكل نسبة30 بالمئة من الحالات التي تتعامل معها الدار, لفتيات متغيبات عن منازلهن, كان التفكك الأسري وغياب الأم ( الوفاة أو الطلاق) سبباً رئيساً وراء التغيب عن منازل أسرهن, إضافة إلى العنف النفسي والجسدي, وتتراوح أعمارهن من 12 18 عاماً. نسب منخفضة يؤكد مستشار الطب الشرعي في وزارة الصحة والخبير الدولي في مواجهة العنف, الدكتور هاني جهشان بأن نسبة جرائم القتل في الأردن منخفضة, فهي لا تتجاوز 2.6 لكل مائة الف من السكان في سنوياً مقارنة مع النسبة العالمية, والتي تبلغ 7.2 لكل مائة ألف سنوياً، وتشكل جرائم القتل داخل الأسرة ثلث هذه الجرائم, وهي نسبة عالمية, حيث يكون هناك تاريخ سابق لعلاقة حميمية أو علاقة قرابة من الدرجة الأولى بين الجناة والضحايا. الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي في وزارة الصحة والخبير الدولي في مواجهة العنف ويقول د. جهشان بأنه لا يوجد أي مؤشرات يستدل منها على زيادة معدلات الجريمة في المجتمع بمرجعية دراسات أكاديمية محكمة، وإنما إلإنطباع السائد بزيادة معدلات الجريمة يعود لتطور تكنولوجيا وسائل الإعلام والإتصال، أما زيادة أرقام الإحصاءات في جرائم العنف الأسري فسببه زيادة التبليغ عن الحالات ولا يعكس زيادة في نسبة هذه الجرائم ذاتها. مؤكداً أن الأردن شهد خلال العامين الماضين إنخفاضاً ملموساً في عدد جرائم الشرف, بسبب زيادة الوعي لدى النساء بخطورة العنف, ووجود مؤسسات ومراكز مؤهلة للتعامل مع العنف. وتثني المحامية أسمى خضر, الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة على كلام جهشان ولكن من زاوية أخرى, إذ تؤكد أن جرائم الشرف تتناقص، فقبل عشر سنوات كان يتراوح عددها من 20 إلى 25 حالة سنويا, فيما تناقصت في السنوات الخمس الأخيرة إلى 15 حالة سنوياً. وتشير إلى أن التشدد في تطبيق المادة 340 من قانون العقوبات حد من نسبة وقوع هذه الجرائم. مستدركة أن قتل فتاة واحدة هو جريمة كبرى, خاصة إذا كانت صغيرة السن أو كانت بريئة, حسبما يثبت الطب الشرعي في معظم الحالات. شرف الطفولة..! عائشة وولاء ضحايا جرائم الشرف المعلن عنها, قتلتا في أوائل كانون أول/ديسمبر من العام 2010. قتلت ولاء (15 عاما) وهي مكبلة بالسلاسل خنقاً من قبل شقيقها, بينما أفرغ والد عائشة (16 عاما) سبع رصاصات في رقبتها. وتشير التحقيقات الأمنية إلى أن ولاء اعتادت الهروب من منزلها منذ كانت في الثالثة عشر من عمرها, وعندما بلغت الخامسة عشرة تم تزويجها, لكنها لم تمض مع الزوج سوى ثلاثة أشهر. وقد طلقت قبل شهر ونصف من وقوع جريمة قتلها. وعندما عادت إلى منزل عائلتها, هربت ولاء, وتم القبض عليها من قبل الشرطة التي قامت بإعادتها إلى عائلتها, فعمدت العائلة إلى تقييدها ليلاً لمنعها من الهرب. وفي إحدى الليالي قام شقيقها بخنقها بمساعدة والدته وشقيقه. وادعت العائلة أن ولاء توفيت جراء المرض، وتمكنت من الحصول على إذن الدفن من المختار. إلا أن معلومات وردت إلى الشرطة تشكك براوية العائلة, دفعت إلى استخراج الجثة من القبر بعد مرور أسبوع على دفنها. أثبت التشريح أن ولاء تعرضت إلى الخنق قبل وفاتها. ولم تجد أجهزة الأمن في شرطة معان أي إسباقيات أو سلوكيات مشينة بحق ولاء، سوى أنها كانت تعاني من اضطرابات نفسية, تقودها إلى الهرب من بيت أهلها, الذين كانوا يقومون بتقييدها بالسلاسل. أما والد عائشة فقد وجه مدعي عام محكمة الجنايات الكبرى له ثلاث تهم؛ القتل العمد، هتك العرض وحيازة سلاح ناري دون ترخيص. فيما تم توجيه تهمة مواقعة أنثى لم تكمل الثامنة عشر لسائق أربعيني, اعترف بإقامة علاقة مع عائشة قبل ستة أشهر من مقتلها, وأنها أخبرته بأن والدها يعتدي عليها جنسياً منذ عامين. وقد رفض الأربعيني الزواج من عائشة بعد أن طلب والدها ذلك. وتؤكد تحقيقات الأمن العام أن الأم اعترفت بأن عائشة أخبرتها بأن "والدها اعتاد أن يلمس جسدها". وفي التحقيق معه, قال الوالد " اعترف بهتك عرض ابنتي والتحسيس عليها واجلاسها على حضني اكثر من 10 مرات والشيطان شاطر.. وقعت في المعصية..إلا أني لم أقم بفض بكارتها.. قتلتها انتقاماً من نفسي لأني لم اعرف كيف اربيها". جرائم هادئة يقول مستشار الطب النفسي, الدكتور محمد حباشنة بأن أعلى حالات السفاح تكون بين الأب وابنته. وأن من يقومون بالإعتداء على محارمهم, يعانون من "اضطرابات الشخصية" والتي يندرج تحتها, حب الأطفال, انحراف جنسي, العزلة الاجتماعية, عدم الكفاءة الذاتية, الشعور بالنقص, الشعور بعدم الجاذبية الداخلية والخارجية, إضافة إلى إدمان البعض منهم الكحول والمخدرات. الدكتور محمد حباشنة مستشار الطب النفسي ويبين د. حباشنة بأن الأرقام المعلنة عن هذه الجرائم, لا تمثل الواقع, ذلك أنها تحدث بهدوء, وتمر دون أن يجري التبليغ عنها. ويتساءل حباشنة: من تجرؤ على الإبلاغ عن والدها أو شقيقها..؟! لذلك, إن كانت نسبة هذه الجرائم مرتفعة, فنحن لا نعلم بها. ويبني د. حباشنة سيناريو واحد لكافة جرائم السفاح, حيث تكون الفتاة محظية عند والدها, من خلال قيامها بواجبات الزوجة, (الرعاية المنزلية, شؤون الأب بدلاً من الزوجة, حتى في الوقت الذي يقضيه معها). وبذلك, تحل مكان الزوجة, إما لأن الأم غير موجودة, أو أنها موجودة, ولكنها ضعيفة أو منسحبة, وغير قادرة على المواجهة وتعرف بما يحدث, ولكنها لا تجرؤ على كشفه. ولا يستغرب د. حباشنة إن وصف هؤلاء الجناة بالاحترام والتقدير من قبل معارفهم, لأن جرائمهم لا تجري في العلن, موضحاً بأن إقدام الأب على قتل ابنته, سببه أنه يعتبرها ملكية خاصة, لا يحق لأي شخص مشاركته فيها. دوافع العنف الجنسي يصنف د. جهشان المعتدين داخل الأسرة إلى خمسة أنواع وهي: 1 عاشقي الأطفال, وهي حالة نفسية مرضية تتصف بدافع ممارسة الجنس مع الأطفال عامة, وقد يستغل المعتدى فرصة أن يكون الضحية أحد أفراد أسرته, وعادة يبدأ التحرش بطفل أو طفلة عمرها أقل من ست سنوات ويستمر حتى سن البلوغ. 2 المعتدي الذي تتصف شخصيته بارتدادها لصفات المراهقة وهؤلاء يتصفون بعدم النضوج الجنسي ويستغلون ضحاياهم داخل الأسرة عندما يصلن إلى سن المراهقة. 3 المعتدي الذي تتصف شخصيته بالإستحواذ للمتعة الجنسية, وينتقون ضحاياهم من داخل الأسرة كوسيلة للتخيلات الجنسية، وتتصف أنشطتهم الإستغلالية بأنها متفرقة وغالباً يشعرون بالندم عقب كل إعتداء. 4 المعتدي الذي تتصف شخصيته بخلل ونقص عاطفي، حيث يكون وحيداً ومكتئباً, ويرتكب الأنشطة الجنسية داخل الأسرة لشعوره بالحاجة إلى التقرب والآلفة من ضحيته, ولا يكون الجنس دافعه الرئيسي. 5 المعتدي الذي تتصف شخصيته بالغضب ويمارس الجنس مع ضحية من ضمن أسرته, إما للإنتقام من زوجته, أو بسبب دوافع تولدت في نفسه. تقول رنا: "توفيت والدتي ونحن صغار, ولم يكن والدي يستطيع تحمل مسؤولية خمس فتيات, وكان عمي يساعدنا مالياً, وقد بدأ التحرش بي وأنا في الثالثة عشرة من عمري, أخبرت والدي, فطالبني بتوفير المال إن رغبت بإيقاف تحرش عمي, فاضطررت إلى ترك المدرسة, وخرجت إلى الشارع للبحث عن العمل, فوقعت فريسة للمستغلين الذين سلبوني إنسانيتي ووجودي.. كنت أقضي أياماً خارج المنزل, وعندما أعود يسألني والدي: هل أحضرت مالاً, دون أن يسألني عن مصدر المال". أبشع جرائم السفاح إذا كانت رنا يتيمة الأم ولم تجد من يدفع عنها تحرشات عمها المنحرف, لماذا صمتت أم بديعة وامتنعت عن إيقاف جريمة كبرى بمختلف المقاييس الإنسانية والإجتماعية والدينية..؟! تعد جريمة قتل بديعة (19 عاماً) أبشع جرائم السفاح التي شهدها الأردن. وقعت الحادثة بمدينة الزرقاء في العام 2009. وفي التفاصيل, اعتاد والد بديعة (64 عاماً) ممارسة السفاح معها منذ كانت في الرابعة عشر من عمرها, وكان الوالد يرتكب جريمته بمعرفة الأم. وبعد خمس سنوات حملت بديعة, فقام الوالد بشق بطنها واستخراج الجنين البالغ من العمر 5 أشهر, ورميه في الحاوية.. كل ذلك جرى بعلم ومساعدة الأم. وأفاد تقرير الطب الشرعي بأن الوالد قام بشق بطن بديعة وهي في حالة وعي, وقام بخياطة الشق الذي أحدثه في بطن ابنته دون خياطة الرحم, ما عرض بديعة إلى تمزق في الرحم وإصابتها بنزيف شديد أودى بحياتها. مرة أخرى, نسأل لماذا التزمت أم بديعة الصمت إزاء ما يحدث بحق ابنتها من إجرام..؟! يجيب د. جهشان أن العنف الجنسي داخل الأسرة, يعتبر وصمة عار, تخشى الأم من الإعلان عنه لعدة أسباب, منها, الخوف من تدمير الأسرة, فقدان معيل الأسرة, التعرض للعنف من قبل الزوج, الأمل بتغيير الحال. وربما لا تطلب الأم المساعدة لإعتقادها بأنها هي السبب في وقوع العنف, أو لأنها لا تعلم بوجود مؤسسات اجتماعية قادرة على مساعدتها وحمايتها وأطفالها من العنف الأسري. أسمى خضر الوزيرة السابقة والأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة وتعزو خضر الوزيرة السابقة, أسباب خضوع المرأة للعنف وعدم الإفصاح عنه لطبيعتها التي تعطي الأولوية للاستقرار الأسري متحاشية الصدامات التي قد تؤدي إلى الطلاق وحرمانها من رعاية أطفالها. وكذلك غياب التضامن الأسري والإجتماعي مع المرأة, الذي يجبرها على تقبل العنف خجلاً من مواجهة الاتهامات وخوفاً من القانون الذي تجهله. مشيرة إلى أن سيادة القانون وتطبيقه بعدالة, ونشر الوعي والثقافة في المجتمع بعقوبات من يقومون بهذه الجرائم, إضافة إلى تمكين النساء في مختلف المجالات, وايجاد البدائل لهن, هو الإجراء الأنجع للقضاء على العنف. واجهة خادعة يؤكد قانونيون وناشطون في مجال المرأة أن ما اصطلح على تسميته "جرائم الشرف" ليس سوى واجهة خادعة, حيث يستغل الجناة مرونة القانون وجهل المجتمع, للتخلص من النساء بسبب الميراث أو خلافات عائلية أو لإخفاء جرائم أخرى. قررت مها (18 عاماً) التخلص من العمل بالدعارة التي امتهنتها عائلتها, فقتلها شقيقها بحجة الحفاظ على شرف العائلة, وقعت الجريمة في العام 2006. مصادر أمنية أشارت إلى أن الجاني يتعاطى المخدرات وصاحب سجل إجرامي, وكان يعمل في الدعارة, ولديه 70 أسبقية, منها اغتصاب، سرقة، سطو مسلح، والشروع بالقتل.. ومع ذلك استفاد من العذر المخفف في قانون العقوبات الأردني. وتعطي المادة 340 من قانون العقوبات "عذرا مخففا" لمرتكبي هذا النوع من الجرائم, إن ارتكبوا جرائمهم وهم في سورة غضب، وتنص على أنه "يستفيد من عذر مخفف من فوجئ بزوجته أو إحدى أصوله أو فروعه أو أخواته في حال تلبس بجريمة الزنا أو في فراش غير مشروع, فقتلها في الحال أو قتل من يزني بها أو قتلهما معا أو اعتدى عليها أو عليهما اعتداء أفضى إلى موت أو جرح أو إيذاء أو عاهة دائمة". ولم يقتصر الإستفادة من العذر المخفف على الرجال, فقد طبقت لأول مرة بالأردن على سبعينية قتلت بساطور ابنتها التي حملت سفاحاً من شقيقها بعدما أنجبت طفلها. وقد أفرج عن الأم القاتلة لأنها ارتكبت الجريمة تحت سورة غضب, وهي المرة الأولى التي ترتكب فيها امرأة جريمة شرف, وغالباً يكون القاتل رجلاً. ومنذ عامين يتشدد القضاء الأردني في عقاب مرتكبي جرائم الشرف, ففي السابق كانت تصل العقوبات إلى الإعدام وتخفف إلى ستة أشهر أو سنة عند الأخذ بالعذر المخفف، بينما وصل الحكم إلى 15 عاما في واحدة من أحدث القضايا التي جرى الفصل فيها خلال العام 2009. وتوضح خضر, أن القضاء بات يتشدد كثيراً مع مرتكبي جرائم الشرف, فيما يتعلق بشرطي التلبس والمفاجأة, ففي السابق, لم يكن يجري التشدد في التحقق من هذين الشرطين, ولم يطبق القانون سوى مرة واحدة في تاريخ المملكة خلال عدة عقود, حيث ضبط زوج من جنسية سورية زوجته في حالة تلبس بالزنا في فراش الزوجية. فيما يؤكد وزير العدل السابق أيمن عودة أنه خلال الإحدى عشر عاماً الماضية, طبق القانون مرة واحدة, في العام 2008. ما يعني أن شروط تحقق التلبس والمفاجأة التي تبيح للقاتل الإستفادة من العذر المخفف تحققت في كلا الجريمتين. يشار إلى أن التعديلات التي اجريت على المادة (340), قبل عامين, تنص على أن "يستفيد من العذر المخفف من فوجئ بزوجته أو إحدى أصوله أو فروعه أو أخواته حال تلبسها بجريمة الزنا أو في فراش غير مشروع فقتلها في الحال أو قتل من يزني بها أو قتلهما معاً أو اعتدى عليها أو عليهما اعتداء أفضى إلى موت أو جرح أو إيذاء أو عاهة دائمة". وتستفيد من العذر نفسه الزوجة كما جاء في النص أعلاه. إضافة إلى أنه "لا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي بحق من يستفيد من هذا العذر ولا تطبق عليه أحكام الظروف المشددة". تشدد الشرع الإسلامي وتبدو نظرة الشرع الإسلامي إلى جرائم الشرف أكثر تشدداً من قانون العقوبات الأردني في التحقق من وقوع الجريمة وعقاب مرتكبها, كما يتبين من رأي الدكتور حمدي مراد الأستاذ في الجامعة الإسلامية العالمية في الأردن, الذي بدأ حديثه قائلاً: إن العذر المخفف المنصوص عليه في قانون العقوبات, ليس له أي وجه شرعي, وللأسف هو مادة قانونية وضعية, ربما تم الإستعانة برأي ضعيف من آراء الفقه الإسلامي عندما تم تشريعها. حمدي مراد الأستاذ في الجامعة الإسلامية العالمية في الأردن ويقول د. مراد إن الشرع الإسلامي يتشدد كثيراً في مسألة التثبت من وقوع جريمة الزنا, ففي حال إثباتها, حدد الشرع الإسلامي حكماً واضحاً للزنا, فإن كان الزاني أو الزانية بكراً, يجلد كل منهما مئة جلدة, شرط أن لا يؤدي العقاب إلى "كسر العظم أو قطع اللحم أو شق الجلد", أي أن لا يؤدي إلى إيذاءهما ودخولهما إلى المشفى. أما المحصن الذي سبق له الزواج, رجلاً كان أم امرأة, فحكمه الرجم حتى الموت. ويشترط لإقامة الحد, إقرار المذنب من غير إكراه وشهادة أربعة عدول, ممن يشهد لهم بالتقوى والصدق, أنهم شاهدوا الواقعة بدون أي لبس, كما وضح الرسول عليه الصلاة والسلام "كالمرود في المكحلة", أي حدوث العملية الجنسية, وليس رؤية الرجل والمرأة يدخلان إلى نفس البيت, أو وجودهما عاريان في نفس السرير, فهذا وإن اعتبر فسوقاً ويستحقان عليه العقاب, لكنه لا يعد فعل زنا, ولا يقام حد الزنا عليهما. وفي حال شهد ثلاثة من الشهود العدول بوقوع الزنا, فلا يؤخذ بشهاداتهم ويتم جلدهم, وتعتبر شهادتهم فسوقاً وعصياناً حتى لو كانوا صادقين, وهنا لا يجري ايقاع الحد بحق المتهمين. أما إن كان الرجل هو من شاهد زوجته, فليس له أن يقيم عليها الحد, ويترك ذلك للقضاء, وهنا يطلب القاضي من الزوج إما أن يطلق, وإما أن يشهد بوقوع جريمة الزنا, فإن شهد, يطلب القاضي من الزوجين أن يقسم كل منهما خمسة أيمان. وهنا يسقط الحد عن الزوجة, ويفرق القاضي بينهما ابدياً, أي طلاقاً بائن بينونة أبدية, وليس بينونة كبرى, فلا تحل له بأي شكل.. لقد تم التفريق بينهما بتهمة الزنا, فلا يجوز لهما أن يجتمعا إلى الابد, كيف تعود لمن اتهمها بالزنا. ويؤكد د. مراد الأمين العام لوزارة الأوقاف الأسبق, بأن التاريخ الإسلامي لم يشهد حدوث جريمة زنا أقر بوقوعها أربعة شهود, سوى مجموعة قضايا لا تعد على أصابع اليد الواحدة, خلال أربعة عشر قرناً, وذلك بسبب الضوابط التي اشترطها الشرع للتحقق من وقوع هذه الجرائم, حفظاً لأعراض الناس, لكي لا يلوكها من تسول له نفسه إيذاء الآخرين. ويقول: نحن نتحدث عن شرع حكيم عادل.. من احتال على الشرع وفلت من العقاب في الدنيا, فإنه لا يحتال على الله يوم القيامة وهو المطلع على كل شيئ, وحساب الآخرة أشد بكثير من حساب الدنيا. المطالبة بالإعدام ويطالب د. مراد بإيقاع أشد العقوبات فيمن يرتكب جريمة الزنا في محارمه, وأن يحكم بالإعدام. ويتساءل: كيف يمكن لمن استؤمن على عرضه ومن ينبغي عليه حفظه وصونه, أن يعتدي عليه. ولا يرى الشيخ مراد ضرراً من اجهاض أطفال السفاح, إن لم يتعد الجنين الأربعة أشهر, حيث لا تكون الروح متخلقة خلال هذه الفترة. أما إن تعدى الجنين الأربعة أشهر, فلا يجوز اجهاضه, وهو ضحية يجب أن يعامل برحمة واحترام, لأنه لا ذنب له, وهو مولود طاهر بما أن الله أوجد فيه الروح, فقد طهره, وإن لم يطهر فعل من أنجباه, والله سبحانه وتعالى أعطى هذا الجنين ذكراً أو أنثى حق العيش الكريم, ولا يحق للناس أن يتعاملوا معه بدونية. وتتفق خضر مع د. مراد على اجهاض أجنة السفاح من نفس المنظور, وعلى إنزال أشد العقوبات بالجناة, وتقترح أن تصل العقوبة إلى مؤبد, أو 15 عاماً في حدها الأدنى, إن تم إسقاط الحق الشخصي, وأن يتم إسقاط العذر المخفف, إن كان الجاني والضحية ينتميان لأسرة واحدة. ويبدو رأي الطب النفسي فيما يتعلق بإجهاض أجنة السفاح أكثر صراحة, إذ يطالب الدكتور محمد حباشنة بتشريع إباحة إجهاضها, لما يترتب عليها من آثار نفسية مدمرة على هؤلاء الأطفال مستقبلاً. ويؤكد د. حباشنة إن حمل السفاح بحد ذاته يشكل حملاً ثقيلاً على المرأة التي تتعرض للإغتصاب وأن التخلص من هذا الحمل يُعد تخفيفاً لهذا الحمل, حيث تصاب المرأة باضطرابات النفاس, والتي تظهر منذ بدء الحمل وتستمر حتى الولادة. وقد تتطور إلى اكتئاب النفاس أو ذهان النفاس, والتي تشمل القلق, شعور مزمن بفقدان الثقة بالنفس, والنظرة الدونية للنفس. ويقول الحباشنة إن 1015% من حالات الاكتئاب تودي إلى الانتحار, وهذا الأمر يتعزز أكثر في حال أطفال السفاح والذي يترتب عليه ضغوط اجتماعية ودينية تزيد من تفاقم المشكلة. وبالرغم من ذلك, يؤكد د. حباشنة بأن إمكانية العلاج هنا واردة بالنسبة للضحايا, ممن لم يتعرضن لعنف السفاح, ولكنها تحتاج إلى علاج طويل, قد يمتد إلى سنوات. الموقوفات إدارياً وتضيف قضية الموقوفات إدارياً, معاناة أخرى للنساء المعنفات, وخاصة الموقوفات على قضايا الشرف. إذ يلجأ الحكام الإداريين (المحافظ أو المتصرف) إلى تزويج الفتيات اللواتي يضبطن بعلاقة غير مشروعة أو يتعرضن لاعتداء جنسي, وهنا يتوقف القضاء عن ملاحقة الجاني. ومع ذلك لم يحُل هذا الإجراء دون إقدام البعض من ارتكاب جريمة القتل بحق الفتاة. وتحتجز فتيات آخريات متهمات بجرائم "الشرف" في مراكز الإصلاح والتأهيل (السجون) من أجل سلامتهن, ولا يسمح لهن بمغادرة السجن إلا عندما يتعهد الأهل بعدم التعدي عليهن وضمان سلامتهن. وهو ما حصل مع فتاة، تعرضت للإغتصاب من قبل ابن عمها, وتم سجنها حتى لا تتعرض للقتل, ومع أن عائلتها وقعت تعهداً بعدم التعرض لها بأذى، إلا أن اشقاءها امطروها بوابل من الرصاص, مزق جسدها بمجرد خروجها من السجن. ويشير تقرير صادر عن المركز الوطني لحقوق الإنسان إلى أن عدد الموقوفات ادارياً في مركز إصلاح وتأهيل النساء "الجويدة" يبلغ 13 موقوفة, مضى على توقيف بعضهن أكثر من عشر سنوات خوفاً من تعرضهن للقتل, فيما تؤكد منظمة "هيومان رايتس ووتش" على وجود موقوفة ادارياً منذ أكثر من 20 عاماً. لكن, الناشطة الحقوقية أسمى خضر تشير إلى أن مشروع "شمعة", الذي تشارك فيه مؤسسات حكومية ومؤسسات مجتمع مدنية أخرى بالعمل على حل المشاكل بين الفتيات الموقوفات وأسرهن, وتأهيل وتدريب الفتيات, وتوفير فرص عمل لهن بعد مغادرة مراكز التأهيل والإصلاح, حتى يتمكن من مواصلة الحياة بصورة طبيعية سواء من خلال العودة للعائلة أو الزواج من الشريك. وتؤكد خضر بأن نسبة جيدة من الأهل تقبلوا ذلك. 80 بالمئة عذروات وتشير تقارير أمنية وطبية إلى أن 80 بالمائة من ضحايا جرائم الشرف كن عذراوات. إذ أن غالبية جرائم القتل أو الإيذاء التي تجري بحق معظم الفتيات بدعوى الشرف, تتم دون وجه حق، ويبين الطب الشرعي أنهن عذراوات، ولا تظهر عليهن آثاراً لأي فعل جنسي, وأن معظمهن يقتلن جراء الشائعات. ففي محافظة الكرك بجنوب الأردن وفي العام 2009, تلقت فتاة 6 رصاصات و48 طعنة من شقيقها ووالدها, فيما تلقى خطيبها 4 رصاصات و29 طعنة. ظناً أنهما يغسلان العار الذي لحق بهما. وقد تقدم الشاب لخطبة الفتاة, ووافقت العائلة خوفاً من الشائعات التي تزعم وجود علاقة غير مشروعة بين الشاب والفتاة, وقبل موعد الزفاف بأيام استدرج الوالد خطيب ابنته بحجة الإتفاق على ترتيبات الزواج, وقد اظهر الطب الشرعي بأن الفتاة الضحية كانت عذراء. وقتل شاب يبلغ من العمر (26 عاماً) شقيقته (23 عاماً) في جنوب عمان, بسبب تغيبها عن المنزل أربعة أشهر برفقة شخص، إلا أن فحوصات الطب الشرعي أثبتت عذريتها. بالرغم من التعديلات التي أجرها الأردن على قانون العقوبات فيما يخص التشدد بتطبيق المادة (34), إضافة إلى أن عدد جرائم الشرف في الأردن يعتبر عدداً منخفضاً مقارنة بدول عربية أخرى, مثل اليمن أو حتى لبنان التي تشير تقارير حقوق الإنسان إلى أنه لا يمر شهر إلا وترتكب فيه جريمة شرف, إلا أن الأردن لا يزال مطالباً بإحداث تعديلات أخرى على قانون العقوبات للحد من وقوع هذه الجرائم, حيث أعربت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن قلقها من استمرار جرائم الشرف في الأردن, وقالت في رسالة وجهتها إلى وزارة العدل إن "عدد الضحايا لم يتغير, بل وربما شهد زيادة بسيطة", مشيرة إلى أن "الجهود المبذولة في ما مضى لمكافحة هذه الجريمة لم تكن بالمثمرة". وطالبت المنظمة الحكومة الأردنية بضرورة "إسقاط مواد من قانون العقوبات تسمح بتخفيض العقوبة للظروف المخففة لمرتكبي ما يسمى جرائم الشرف".