الغيرة عند الطفل - طفلي يبلغ من العمر 6 سنوات، يضرب أخاه كثيرا، وأصبح عدوانيا معي ومع والده. سلوكه تغير عند ازدياد أخيه، ما الحل؟ < أولا، يجب التذكير بأن الغيرة هي حالة انفعالية طبيعية يشعر بها الطفل عند ازدياد مولود جديد، تظهر من خلال أفعال سلوكية يقوم بها، وهي مزيج من الإحساس بالفشل والغضب. وتعد الغيرة إحدى المشاعر الطبيعية الموجودة عند الإنسان كالحب. فالطفل الذي لا يحس أبدا بالغيرة يعاني من مشكل نفسي في أغلب الأحيان، لذا يجب على الوالدين تقبل الغيرة كمعطى واقعي، وفي نفس الوقت لا يسمحان لها بالتضخم، فالقليل من الغيرة حافز على المنافسة والتفوق، أما الكثير منها فمضر بشخصية ونمو الطفل. ومن مظاهر الغيرة لدى الأطفال نذكر ظهور السلوك العدواني، أي أن الطفل يصبح عاجزا عن التحكم في أحاسيس الغضب التي تنتابه، بالإضافة إلى الأنانية الزائدة، النقد، والثورة الدائمة على المحيط الذي يعيش فيه، ومن ناحية أخرى قد يعبر الطفل عن غيرته المفرطة بالانطواء وعدم المشاركة، وبالتالي تصبح علاقته مع محيطه الأسري مضطربة. فهو عندما يرى والدته تهتم بأخيه أو أخته يضن بأنها لم تعد تحبه فيقول لأمه: «لم تعودي تحبينني كما في السابق»، كذلك قد يتعمد الطفل إلى جذب الأنظار إليه، فيبدأ هنا بالانتقام، ويتظاهر بالمرض أو البكاء أو العناد والسلبية، كل ذلك من أجل احتلال «المركز الأول». وقد تتعدى الغيرة المحيط الأسري ليصبح الطفل يعاني من مشاكل دراسية ك»عدم التركيز، الشغب والعنف داخل المدرسة». فعلى الوالدين إدراك أن ذلك ما هو إلا طريقة للتعبير عن الخبرات الصادمة أو ما يلاقيه الطفل من تسلط وقهر في البيت والمدرسة . عليك إذن تهيئة الطفل قبل مجيء المولود، وأن تشاركيه في اكتشاف أخيه الجديد، دعيه يساعدك في إحضار أغراض الطفل من غيارات وحفاظات. ساعديه من أجل أن يعي بأن مسألة وجود أخ له لا يعني التخلي عنه، لا تعاقبي طفلك إذا اعتدى على أخيه الصغير، فالعقاب سيزيد من كراهيته له، خصوصا إذا شعر الطفل أنها عاقبته بسبب هذا الطفل الجديد، أكثري من احتضان طفلك، خصوصا إذا أقبل عليك وأنت منشغلة بالمولود الجديد، ولا بأس أن تضعيه جانبا وتخبريه بأنك تحبينه لأنه يساعدك ولا يتعبك كما يفعل أخوه الصغير، فمن الطبيعي أن يظهر الطفل انزعاجه ودور الآباء يكمن في إظهار مشاعرهم تجاهه. قد تظهر الغيرة عن طريق ضرب الطفل لأخيه، في هذه الحالة على الأبوين حث الطفل على التعبير عن مشاعره المزعجة عن طريق القول له: «ربما تشعر الآن بأنك لا تحب أخاك لكن هذا لا يعني أنه من حقك أن تضربه»، وهكذا تعطي للطفل فرصة للتعبير عما يشعر به، لأن عدم سماح الأهل للطفل بإظهار مشاعر الغيرة على نحو سليم يساهم في كبت هذه المشاعر مما يعزز لدى الطفل الإحساس بأنه منبوذ وغير مرغوب فيه فيزداد لديه الإحباط وعدم الثقة بالنفس. كما يجب عليك تحسيسه بأن والديه يتفهمان مشاعره، كما يجب تفادي إيهام الطفل أنه أحسن من أخيه وأن له امتيازات عليه وبأنه لا داعي لهذه الغيرة، لأنه هو الوحيد الذي يحبه والديه وبأن المولود الجديد لا يعني لهما شيئا، لأن هذا الإيهام يمكن أن يزعزع ثقة الطفل في والديه اللذان من الواضح عليهما أنهما يحبان الأخ الأصغر، كما أن الطفل يمكن أن يعتقد بأنه أفضل من أخيه وأفضل من الآخرين أيضا. السلوكات العنيفة عند الطفل - مؤخرا أصبح الأساتذة يشتكون من السلوكات العدوانية لابني الذي يبلغ من العمر 8 سنوات، تجاه زملائه. وحتى في المنزل عندما يأتي أطفال الأقارب يتصرف بنفس السلوك، فبمجرد ما يزعجه شيء ما يقوم بالتعبير عنه بطريقة عدوانية. قمنا بضربه والصراخ عليه مرات عديدة لكن بدون فائدة. < الإحساس بمشاعر عدوانية تجاه الآخر هو إحساس طبيعي مثل جميع الأحاسيس الأخرى (الخوف، الفرح، الحزن...). هذا الإحساس يتولد من الصغر، لكننا نلاحظ بأن بعض الأطفال لا يتمكنون من التعبير عن أحاسيسهم غالب الأحيان خوفا من فقدان بعض الامتيازات كالمحبة والعطف، خصوصا عند مقدم مولود جديد يتصور أنه سيزاحمه في حنان أبويه. هناك بعض الأسر التي يغلب عليها طابع العنف (تعامل الوالدين مع بعضهما بعنف مثلا) فالطفل في هذه الحالة يصعب عليه التعرف على طريقة أخرى للتعبير عما يحس به غير العنف، فالعنف دائما موجود في الأسرة إما لفظي أو جسدي، وبالتالي فالطفل ليست لديه القدرة على التمييز بين أنواع التصرفات اللائقة والأخرى التي ينبغي تجنبها مما يدفعه إلى إعادة إنتاج نفس السلوك، كما أن الطفل يحب الحركة والنشاط، بينما يقوم الأهل بكبته في حياة مغلقة ليس فيها تجديد، ولا أي نوع من النشاط مما يدفعه إلى ممارسة سلوك عنيف. هناك سبب ثان لعنف الأطفال يتمثل في عدم وضع حدود لرغبات الطفل التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتحقق بأكملها تجعله غير قادر على تحمل الإحباطات التي يواجهها في عالمه الخارجي كتواجده في المدرسة، وبالتالي يتخيل أن كل ما يقوم به جائز، فيعبر عن عدم تقبله لهذه الإحباطات بالعنف، كما أنه من الممكن أن يكون الطفل قد تعرض لصدمات نفسية من قبيل التعرض لاعتداء أو موت قريب، وبالتالي فهو يعبر عنها بتلك الوسيلة. ثالثا عليك السماح لطفلك بالتعبير والإفصاح عن مشاعره، مثلا أن تسمحي له حين يغضب بالتعبير عما يزعجه، ألا تمارسي عليه القمع في التعبير عن مشاعره داخل أسرته، مثلا: «حين يريد طفلك أخذ شيئا يعود للغير ليس عليك ضربه، بل فسري له أن هذا الفعل ممنوع، أقنعيه بضرورة التنازل عن رغباته التي يمكن أن تضر به أو بالآخر، بالتالي يتعلم الطفل تقبل إحباطات الحياة اليومية تدريجيا.» أتيحي لطفلك الفرصة من أجل التعبير عن إحباطاته بطريقة متحضرة ومقبولة عن طريق قيامه بأنشطة فنية أو رياضية، يعوضها بما لا يمكن له تحقيقه في الواقع. كخلاصة، عندما يكون الطفل عنيفا بصفة مستمرة، على الآباء البحث عن الدوافع والأسباب الحقيقية وراء هذا العنف كعرضه على أخصائي، والتواصل معه، وأؤكد على أن العقاب والضرب لا يحل المشكلة، بل يزيد من تفاقمها، وحتى إن تغير سلوك الطفل العنيف لأنه عوقب أو ضرب فإن هذا التغير لا يكون ناتجا إلا عن الخوف من الوالدين وليس لأنه فهم لماذا لا يجب عليه أن يتصف بعنف مع الآخرين.