مشاركة OCP في "سيام".. ترسيخٌ للعنصر البشري في التحول الفلاحي    منتوج غريب يتسبب في تسمم 11 طفلا باشتوكة    الحبس النافذ لرجلي أمن ببنجرير    ريال مدريد يقلص الفارق مع برشلونة    تطورات مفاجئة في قضية "سفاح بن احمد"..    بمشاركة واسعة للطلبة.. عميد كلية العلوم بتطوان يترأس فعاليات توعوية بمناسبة اليوم العالمي للأرض    موتسيبي: نجاح كرة القدم في المغرب يجسد القيادة المتبصرة للملك محمد السادس    بوعياش تدعو إلى صياغة مشروع قانون المسطرة الجنائية ببعد حقوقي    حموشي يستقبل مسؤول الاستعلامات ووفد أمني عن الحرس المدني الإسباني    61 مقعد ل"الأحرار" بالانتخابات الجزئية    بنعلي تعلن عن إنشاء أول محطة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال بالناظور على خلفية ارتفاع لافت للاستثمار في الطاقات المتجددة    وزراء أفارقة يتفقون بمكناس على خطة زراعية ودعم تفاوضي موحّد للقارة    خبراء ينادون بتدريس التنشيط الرياضي    الأردن يتهم "الإخوان" بتصنيع الأسلحة    "توريد أسلحة لإسرائيل" يفجّر استقالات بفرع شركة "ميرسك" بميناء طنجة    وزير الزراعة الفلسطيني يشيد بالدعم المتواصل لوكالة بيت مال القدس الشريف للمزارعين المقدسيين    شباب الريف الحسيمي يراهن على جماهيره في مواجهة وداد صفرو    مقاضاة الدولة وأزمة سيادة القانون: الواقع وال0فاق    الحكم الذاتي والاستفتاء البعدي!    رئيس الحكومة يشرف على انطلاق جولة أبريل من الحوار الاجتماعي    سابقة قضائية.. محكمة النقض تنتصر لشابة تعاني اضطرابات عقلية أنجبت طفلا من شخص بالحسيمة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    وزراء الخارجية العرب يرحبون بانتخاب المغرب لرئاسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان    بعد حوادث في طنجة ومدن أخرى.. العنف المدرسي يصل إلى البرلمان    الابتكار في قطاع المياه في صلب نقاشات الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    بالتعاون مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية.. نقل سيدة إيفوارية من الداخلة إلى مراكش عبر طائرة طبية بعد تدهور حالتها الصحية    في حضرة الوطن... حين يُشوه المعنى باسم القيم    المغرب يجذب مزيدا من الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين الدوليين (صحيفة فرنسية)    الإتحاد الأوروبي يخاطر بإثارة غضب ترامب    وزراء الخارجية العرب يؤكدون على مركزية اتفاق الصخيرات كإطار عام للحل السياسي في ليبيا    بطلة مسلسل "سامحيني" تشكر الجمهور المغربي    الكتاب في يومه العالمي، بين عطر الورق وسرعة البكسل    نادي "الكاك" يعتذر لجمهور القنيطرة    نادي مولودية وجدة يحفز اللاعبين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب إسطنبول    وفاة الإعلامي الفني صبحي عطري    تراجع أسعار الذهب مع انحسار التوترات التجارية    "طنجة المتوسط" يؤكد دعم الصادرات في المعرض الدولي للفلاحة بمكناس    عباس يطالب "حماس" بتسليم السلاح    القضاء يستمع إلى متزوجين في برنامج تلفزيوني أسترالي    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    هذه أغذية مفيدة لحركة الأمعاء في التخلص من الإمساك    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    في الحاجة إلى مغربة دراسات الهجرة..    نقل نعش البابا فرنسيس إلى كاتدرائية القديس بطرس    في جولة أبريل من الحوار الاجتماعي.. الاتحاد العام لمقاولات المغرب يؤكد على تجديد مدونة الشغل والتكوين    المنتخب المغربي للتايكواندو يشارك في كأس رئيس الاتحاد الدولي للتايكوندو بأديس أبابا    "الإيقاع المتسارع للتاريخ" يشغل أكاديمية المملكة المغربية في الدورة الخمسين    الغربة بين الواقع والوهم: تأملات فلسفية في رحلة الهجرة    صحيفة ماركا : فينيسيوس قد يتعرض لعقوبة قاسية (إيقاف لمدة عامين    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطلاق يكون مدمرا بالنسبة للطفل تماما كوفاة أحد الوالدين.. ويجعله يشكك في صحة الزواج والأبوة
كيف يعيش أطفال الطلاق العيد ؟
نشر في العلم يوم 01 - 12 - 2009

الطلاق ابغض الحلال عند الله وابغضه أيضا عند الأطفال، الذين يعتبرون ضحيته الأولى، وتبقى الأعياد من الأيام الصعبة التي تمر على أطفال الطلاق خاصة إذا كانت العلاقة بين الوالدين منقطعة او مازالت تداعيات الطلاق لم تحسم بينهما ،خاصة فيما يتعلق بالنفقة والحضانة وغيرها من التبعات التي تترتب عن الطلاق والتي قد توصلهما إلى المحاكم وقطع حبل الود بشكل نهائي، والدخول في صراعات تغذيها الرغبة في الانتقام من الطرف الذي اخذ قرار الطلاق كحل أو رغبة في إنهاء علاقة الزواج، وغالبا ما يتحول الأطفال إلى أداة لهذا الانتقام وذلك بحرمان الآخر من اللقاء بهم وبالتالي تعريضهم لهزات نفسية واضطراب في السلوك قد يصاحبهم مدى الحياة ويؤثر بشكل عميق ونهائي على مستقبلهم وحياتهم بشكل عام ...
وحتى نتعرف على ما يعنيه الطلاق بالنسبة للصغار ننقل حالة صغيرة انقلبت حياتها رأسا على عقب بعد طلاق والديها، ودخولها إلى عالم الصمت والانطوائية ، بعد أن كانت كباقي الأطفال تلعب وتضحك وتتمرد، لتتحول الى شبح لما كانت عليه ...لا تخرج من صمتها الا عند حضور والدها الذي كان يعني لها الاستقرار والأمان.. إضافة الى ما ضمته آخر الدراسات عن هذا الموضوع..
الصغيرة منى ابنة الأربع سنوات تحولت إلى فتاة انطوائية ، عكس ما كانت عليه قبل انفصال والديها، حيث اضطرت الأم إلى العودة إلى بيت عائلتها الذي يوجد في مدينة أخرى، وهو ما يعني الابتعاد عن الأب والبيت الذي كان بيتها،إضافة إلى عدة تغييرات واضطرابات صاحبت الطلاق قبل وبعد حدوثه ، اذ كانت الأم منهارة وغالبا ما تفرغ شحنات غضبها على منى حيث تشبعها سبا يحمل ضغينة عميقة تجاه الأب ، والذي تحمله كامل المسؤولية عن الطلاق وعن حالة البؤس والتشرد التي وصلت إليها رغم أنها موظفة وتملك استقلالها المادي..وتأمرها أن لا تناديه باسمه ولا تذكرها به ..ومن حظ منى أن جديها من أمها كانا يغدقان عليها من العطف والحنان ما جعلها تعود للجلوس إلى مائدة الطعام ، والذهاب لروض الأطفال، وفي محاولة لجبر الضرر كانا يتصلان خلسة بالأب ليتحدث إلى الصغيرة بالهاتف، ويطمئنها انه سيأتي لرؤيتها، وهو ما كان يفعله خاصة أيام الأعياد والمناسبات..وكانت حالة منى تتغير وتتحول بمجرد رؤيتها لوالدها إلى شعلة من السعادة والفرح تنطفئ مع توديعها له، لان الأم كانت دائما متذمرة وغاضبة ومتعبة بسبب تنقلها للعمل من البيضاء الى الرباط ، ولم تتمكن من الخروج من أزمة ما بعد الطلاق..
منى إذا حالة فقط تعبر عن مأساة الصغار بعد طلاق الوالدين لان الطفل لا يفهم معنى للطلاق او حتى الزواج باعتبار أنهما والديه فقط، وهو الرابط بينهما وليس عقد الزواج أو أي شيء آخر، وتشير الدراسات إلى أن الطلاق يمكن أن يكون مدمرا بالنسبة للأطفال تماما كوفاة أحد الوالدين. ولكن كل هذا يتوقف على الطريقة التي يدار بها هذا الوضع. فالصبيان هم أكثر عرضة من البنات. أصعب الفترات بالنسبة للأطفال هي فترات السنوات الأولى في حياة الطفل، من ثلاث إلى ست سنوات والمراهقة. ومع ذلك، فإن فترة المراهقة، هي الأكثر إيلاما لأنه في هذه السن، يكون الشباب بحاجة ماسة إلى علاقات تتسم بالاستقرار علاوة علي قدرتهم في إدراك الأمور. ما لا يجب فعله هو التقليل من هذه الظواهر كأن يقال لهم أن (الأمر عادي )ولكن يجب ا لاعتراف بالاحتياجات العاطفية المتزايدة للأطفال في هذه الأوقات العصيبة خاصة اذا تزامنت مع احد الاعياد او المناسبات التي تتطلب وجود الوالدين لاكتمال سعادة الصغار خاصة وان الطفل يكون احيانا متشبثا باحد الوالدين اكثر من الاخر وقد يكون الأم او الاب وفصله عنها او عنه هو بمثابة نزع الحياة منه ..
إن تلبية هذه الاحتياجات هي مهمة صعبة بالنسبة للآباء لأنهم هم أنفسهم في فترة أزمة حادة تتسم بالحزن، الشعور بالذنب والاضطراب.
في أعقاب الانفصال تنجم لدي الأطفال ظواهر نفسية وسلوكية متفاوتة تكون بسبب عدم قبول الطفل لوضع لم يعتد عليه حين يري أبويه لم يعودا سويا أمامه كسابق عهدهما فتعتريه ظواهر نفسية سلوكية غير إرادية لتعبيره لاشعوريا عن رفضه أو حزنه حيال تلك الصدمة التي ربما لا يتفهم أبعادها جيدا
الارتداد: كلما كان الأطفال أصغر سنا، كلما طالت فترة الحرمان، كلما زادت المخاطر. ويتطلب انفصال الآباء من الطفل أن يتكيف فجأة علي الوضع الجديد وإعادة تعريف كاملة لعالمه وهو ما يؤدي إلى حدوث تباطؤ في نموه، وحدوث فترة تراجع أو نكوص . ويميل الأطفال من 3 إلى 5 سنوات إلي محاولة انكار الانفصال عبر انتهاج سلوك مرتبط بمرحلة سابقة : "التبول" في الفراش، صعوبة اللغة، الكوابيس الكثيرة.
العدوانية : في أي سن، يعبر الأطفال عن الغضب في بعض الأحيان محاولين بذلك التوصل الى الطرف المذنب. هذا الغضب يمكن أن يفسر كنوع من إخراج شعور مكبوت بالرفض والعجز. الأطفال لا يختارون هذا الانفصال : فهم يعانون من قرار آبائهم، وبالتالي فهم يشعرون بالعزلة. الغضب الذي يحدث بعد صدمة الإعلان عن الانفصال وهو رد فعل طبيعي، و يمكن اعتباره بناء.
الحزن: في كثير من الأحيان يعيش الأطفال والمراهقون وحدهم. هذا الشعور العميق بخيبة الأمل حيث يزعزع الصورة التي لديهم عن أنفسهم وعن علاقتهم بالآخرين.
الشعور بالذنب: يتساءل الأطفال عن سلوكهم وتصرفاتهم السابقة، ويشعرون بالمسؤولية عن المنازعات التي حدثت بين والديهم أو عن قرارهما بالانفصال. دون فهم "لماذا" ، فهم يستنتجون أنهم هم المسؤولون، وخصوصا في سن 8-9 سنوات.
الخوف من أن يتركهم الآباء: غالبا ما يترك الطفل مع الأم، وبالتالي يعتقد أنه قد فقد أباه لأنه لا يراه في كثير من الأحيان كما كان الحال من قبل. وبناء على ذلك، كثيرا ما يخافون أيضا من فقدان الأم لأن هذه الأخيرة بسبب هذه الحالة، ستضطر للعمل أو استئناف دراستها، وبدورها ستكون أقل تواجدا مع هذا الطفل.
محاولة المصالحة : لدى الأطفال رغبة قوية جدا، حتى بعد 10 سنوات، في التوفيق بين والديهم. فهم يبتكرون العديد من الخطط في سبيل ذلك، إذ أنهم يرون أن خطوة الانفصال تنذر باضطرابات وتحمل نذر خطيرة .
وبخاصة في مرحلة المراهقة التي تتسم بسلوك واضح من اللا المبالاة . يمكن للطلاق أن يزيد من مشاعر القلق ولكن بشكل عام، يميل المراهقون إلى مزيد من الانسحاب من أجل مجابهة الألم الناتج عن تفكك الأسرة. بعد أن شهدوا صعوبات الحياة الزوجية، فإنه يشكك في صحة الزواج والأبوة.
تضارب الولاء : كل علماء النفس لا يوافقون على هذا المفهوم، ولكنهم جميعا يدركون أن الطفل يمكن أن يقدم الدعم لأحد والديه الذي يعتقد أنه هو الضحية والأكثر ضعفا. في هذه الحالة تتهيأ الظروف لظهور تضارب الولاء. كثير من الآباء لايرضون أن يكون أطفالهم علي علاقة إيجابية مع الزوج السابق. من ثم يتبلور الشعور لدي الطفل أنه دائما يخون أحد والديه : " إنني لا أستطيع أن أقول لوالدتي أنني أقدر اللحظات التي أعيشها مع والدي لأن ذلك الأمر يثير غضبها أو أنني إذا ما قلت شيئا ضد والدي، هكذا فأنا أخونه... " من هنا تكون هناك ضرورة لمساعدة خارجية ومتخصصة و وهناك حاجة لمساعدة الطفل للخروج من هذه الحلقة المفرغة..
وقد بينت أبحاث عديدة أن الطفل الذي ابتلي بانفصال والديه ربما يتدارك مأساته ويسترد توازنه، خلافاً للطفل الذي يعيش في ظروف تعايش غير صحي وغير ودي بين الأب والأم. ومن الأمور المهمة بالنسبة إلى الطفل الذي يصاب بانتكاسة طلاق الوالدين أن يصله النبأ بطريقة صحيحة، إذ من هناك يبدأ التعامل الصحيح مع طفل الطلاق، والأمر يتطلب قدراً غير يسير من المهارة وسعة الصدر بالنسبة إلى الأب أو الأم أو كليهما.
هب أنك تتجه نحو تلك النهاية الصعبة، وعليك أن تخبر طفلك بالأمر بطريقة تضمن أقل ضرر ممكن، فماذا تفعل؟ هذا ما يقوله الخبراء.
مهما يكن عمر طفلك، فمن الضروري والمهم أن يعرف ماذا يدور حوله، هذه قاعدة لا مساومة فيها، أما كيفية معرفة الطفل لما يدور حوله فتلك مسألة أخرى. من سيتصدى لمهمة قول الحقيقة المرة للطفل يجب أن يكون الأقرب إلى الطفل، بمعنى الطرف الأكثر رعاية واهتماماً به وتقارباً معه. القاعدة هنا هي أن الأخبار السيئة تكون أخف وطأة عندما تأتي من مصدر أكثر دفئاً وحناناً.
من المهم ألا يتضمن البلاغ أي اتهام للطرف الآخر، وذلك لأسباب عديدة منها مثلاً ضرورة عدم دفع الطفل لاتخاذ موقف متحيز لمصلحة أحد الوالدين وضد الآخر، تذكر دائماً أنه من غير الصحي أن يتنامى إلى وعي الطفل أن هنالك أباً جيداً وأماً سيئة أو العكس.
أول ما قد يخطر ببال الطفل في مثل تلك الحالات هو احتمال أن يكون نفسه من أسباب الطلاق، لذا يجب مراعاة هذا الجانب وتأكيد براءته من ذلك بصورة نهائية. وعلى الأب (أو الأم طبعاً) الذي يبلغ طفله بقرب الطلاق أن يؤكد له بصراحة ووضوح أن الطلاق يعني انفصال الأب عن الأم وليس انفصال أي من الوالدين عن أبنائهما.
لا تخبر طفلك باحتمال الطلاق إلا إذا كنت متأكداً بنسبة مئة بالمئة من أنك مقدم على الطلاق أو أنك قمت به بالفعل، وبعد تفاهم مع الطرف الآخر على كل التفاصيل والحيثيات.
من المهم أن تبلغ طفلك بالنبأ السيئ في يوم تكون فيه قادراً على البقاء إلى جانبه لفترة طويلة من الوقت. اختر لذلك مثلاً يوم عطلة دراسية حيث يكون الطفل في المنزل وتكون إلى جانبه لساعات طويلة.
حاول تشجيع الطفل على أن يفتح قلبه ويسأل عن ما يخطر بباله بخصوص المستقبل وما ستأتي به الأيام من تعقيدات قد تطرأ على مخيلة الطفل. ربما يخطر ببال الطفل مثلاً أن يسأل عن المناقشات المحتملة بينه وبين زملائه في المدرسة، أو عن الأوضاع المادية للعائلة في المستقبل.
إذا سألك طفلك (لماذا؟) فهو يعني لماذا يكون أحظى أنا بالذات بهذه التعاسة؟ أي أن الطفل معني بهذا المحور من الموضوع أكثر مما هو معني به معرفة أسباب الخلاف بين الأب والأم. وعلى الأب والأم التعامل مع سؤاله من تلك الزاوية الضيقة، فلا داعي للخوض في المزيد من التفاصيل التي يتعاطى معها الطفل ولن يعير لها انتباهاً كثيراً.
شجع طفلك على أن يطرح أي سؤال قد يخطر بباله، وعليك أن تتوقع الكثير من الأسئلة إذا ما أعطيت للطفل وقتاً كافياً وسمحت له بأن يكون قريباً منك إلى حد بعيد.
من المؤكد أن موقف الأب أو الأم سيكون صعباً في تلك المهمة، إلا أنه لا مفر من ذلك. ومن الضروري أن يكون واعياً لما يجري حوله، وما سيجرى له في المستقبل. ومن الضروري أيضاً أن يعرف الطفل أن ما جرى لن يؤثر في حب والديه له وعلاقتهما به، وأنهما سيبقيان عوناً له.
أطفال الطلاق يكررون تجارب آبائهم
تتناول دراسات عديدة ظاهرة ما يسمى (أطفال الطلاق)، وهم الشريحة الواسعة من الأطفال الذين ظهروا إلى الحياة نتيجة زيجات فاشلة تشكل نسبته 50 - 60 في المئة من معدلات الزواج في بعض البلدان والمجتمعات .
و عن أطفال الطلاق نقرأ مما حصلنا عليه من خلال البحث الإلكتروني أن ثمة أمر واحد على الأقل تجمع عليه كافة الدراسات وهو أن الآثار المدمرة لشخصية الطفل، والناجمة عن طلاق الأبوين، لا ترتبط بفترة زمنية قصيرة، وهي الفترة التي يعيش فيها الطفل أزمة الطلاق، وإنما تمتد إلى مراحل متأخرة من حياته، وتؤثر سلباً في علاقاته الاجتماعية والعاطفية لاحقاً.
أمر آخر يشكل محوراً من محاور الدراسات القائمة، يتعلق بتباين تأثر الطفل بالطلاق تبعاً لعمره. فالطفل الذي يعيش تلك التجربة وهو في الخامسة سيتأثر بطريقة مختلفة عن طفل آخر شاهد حيثيات طلاق والديه وهو في الثانية عشرة أو ما بعد ذلك.
وتتباين نتائج الدراسات حول مدى قدرة الطفل على تجاوز تلك الأزمة، وما إذا كان ذلك سهلاً بالنسبة إلى الأطفال، الصغار أم الأكبر سناً، والواقع أن الدراسات عموماً لم تتوصل إلى نتيجة حاسمة يمكن استخدامها كمادة ثابتة لقياس العلاقة بين عمر الطفل عند الطلاق ومستوى تأثره بتعقيدات تلك المرحلة.
وفي الوقت نفسه تشيد الدراسات إلى أن الأمر يختلف من طفل إلى آخر بالنسبة إلى مدى تأثير الطلاق في الحالة النفسية ومستقبل الشخص. فهنالك أطفال يستطيعون تجاوز الأزمة في سنوات قليلة، بينما يعجز آخرون من الفئة العمرية نفسها وعاشوا ظروفاً مشابهة عن التأقلم مع الوضع حتى بعد عشر سنين وأكثر.
ومع ذلك فهنالك أمور عامة يمكن اعتبارها قواعد في هذا السياق، ومنها:
أولاً: إن الأطفال الأكبر سناً هم الأكثر حساسية تجاه المشكلات الزوجية وما قد ينتج عنها من طلاق مفعم بالتوترات والمشكلات اليومية، وبالنسبة إلى هؤلاء الأطفال ستظهر مشكلات اجتماعية في الكبر ترتبط بعلاقة خفية مع ما حدث في الماضي عندما عاش الطفل أيام القلق والتوتر في الانفصال.
ثانياً: إن الطفل الأكبر سناً، وعلى الرغم من النقطة السابقة يمتلك مخزوناً شبه مكتمل من العواطف والأحاسيس والانفعالات، يجعله أقدر على مواجهة الحدث وتجاوز المحنة.
ثالثاً: إن ما يزيد الأمر سوءاً بالنسبة إلى الأطفال الكبار هو أنهم يضطرون للتدخل بما لديهم من وعي طازج وشخصية شبه ناضجة، وفي كثير من الأحيان، وعندما يفشل تدخلهم في إيقاف تدهور الأمور بين الأب والأم، تنتاب الطفل حالة من الشعور بالذنب لخوفه من أن يكون قد زاد الطين بلة، أو قد يشعر بالفشل العميق لأن الأمور سارت على النحو الذي لم يكن يحلم به.
رابعاً: الأطفال الأصغر سناً لا يتعرضون لإلحاح التدخل في شؤون الكبار، ما يعني خطراً أقل على المدى الطويل فيما يكون قد اكتنزه من أحاسيس سلبية.
خامساً: هؤلاء الأطفال لا يمتلكون ما يكفي من المخزون المعرفي الذي يتيح لهم إدراك فداحة الأمر وصعوبة الموقف، ما يجعلهم أقل تأثراً على المدى الطويل.
ويمكن تلخيص تأثير الطلاق في الأطفال في مراحل عمرية مختلفة على النحو الآتي:
- إذا وقع الطلاق بينما الطفل لم يذهب إلى المدرسة بعد (من عامين ونصف العام إلى ستة أعوام):
في هذه المرحلة يميل الأطفال إلى لوم أنفسهم على ما جرى، وتنتابهم مخاوف كبرى من إمكان إن يتعرضوا للهجر، ينسحب الطفل في هذه المرحلة إلى ذاته وتسكنه هواجس الإصلاح المنتظر بين الوالدين، ويجد صعوبة في التعبير عن تلك الحالة المربكة بين ما يحلم به وما هو واقع على الأرض.
ومع أن دراسات عديدة أكدت أن الأولاد يواجهون صعوبات أكبر من تلك التي تواجهها البنات، إلا أن دراسات أخرى لم تؤكد ذلك.. الشيء المؤكد في هذا السياق هو أن مشكلات الأولاد الناجمة عن ذلك تختلف عن مشكلات البنات.
فيما يتعلق بالآثار بعيدة المدى (بعد عامين إلى عشرة أعوام من الطلاق) تتناءى ذكريات الطفل عن بواكير المشكلات التي أدت إلى الطلاق، ويزداد قرب الطفل من الأم (أو الأب إذا كانت الأم هي التي تركت البيت)، وفي الوقت نفسه يزداد حنقه وغضبه على الطرف الآخر، ما يلقي بظلاله السلبية على طبيعة علاقته بالآخرين عموماً في مراحل الشباب.
إذا وقع الطلاق والطفل في مرحلة المدرسة الابتدائية (من السابعة وحتى الثانية عشرة):
على المدى القصير يميل الطفل إلى الإكثار من التعبير عن مشاعر الحزن والقلق والخوف والغضب. وهو أقل ميلاً إلى لوم الذات. ومن حسن الطالع أنه الأقدر على الاستفادة من التدخل الخارجي المتخصص. إلا أن أكثر ما يزعجه هو الشعور بالانقسام بين ولاءين: أحدهما للأب والآخر للأم. وفي هذه الحال ينصح الخبراء بأن يعيش الولد مع أبيه والبنت مع أمها. على المدى الطويل يعاني هؤلاء الأطفال من صعوبة التأقلم مع زوج الأم أو زوجة الأب، ويتحول الواحد منهم إلى سبب دائم للمشكلات الأسرية.
- عندما يحدث الطلاق في فترة المراهقة (بين 13 - 18سنة)
هنالك صعوبة كبيرة في التأقلم مع الوضع وكبح مشاعر الغضب والتمرد والرغبات الانتقامية وأحاسيس العار والحزن العميق.
يميل الطفل في هذه المرحلة إلى إعادة اختيار ومراجعة الكثير من القيم التي لم يكن قد تمثلها تماماً. وعلى المدى الطويل يعاني هذا الطفل صعوبة التعبير عن عواطفه، ما يجعل منه مشروع زوج فاشل، ناهيك عن انعكاسات ذلك على علاقات الصداقة والزمالة وعلاقاته بمعلميه وبالناس بشكل عام.
وقد أثبتت دراسات عديدة أن أطفال الطلاق عموماً يؤولون إلى علاقات زوجية فاشلة. مع وجود استثناءات لا بأس بها بطبيعة الحال ويعود ذلك الفشل المتوارث إلى عدة عوامل منها:
إن الطفل يكبر وفي رأسه فكرة مفادها أن الطلاق هو أحد الاحتمالات الممكنة، بل السهلة، بمعنى أن نية الإخلاص الدائم لا تأخذ مقدار الجدية الكافية في بداية الأمر لجعل الطلاق خياراً أخيراً أو مستبعداً.
هنالك عامل آخر يتمثل في أن أطفال الطلاق سيتحولون إلى شبان فاشلين في التعبير عن أحاسيسهم وقد يكبر الولد ليحب فتاة فيتزوجها ويعيش معها سنوات من دون أن يكون قادراً على التعبير عن عواطفه تجاهها، لا بل إنه قد يعطيها انطباعات تشي بأنه قد لا يحبها، ما يؤدي إلى انعكاسات سلبية تؤدي بالعلاقة إلى الفشل الذريع.
ويؤكد الخبراء أن طريقة التعامل مع الطفل في العامين التاليين للطلاق هي التي تحدد مدى تأثر ذلك الطفل بتلك التجربة السيئة إلى فترات متأخرة من حياته ..
من الإرشادات المهمة حول كيفية تجاوز تلك الفترة ما يلي:
أولاً: من الضروري أن يتمكن الطفل من التنقل بين والديه من دون إحساس بالذنب، أي من دون أن يتعرض للعتاب أو نظرات التأنيب من هذا الطرف أو ذاك، وألا يتم استخدام الطفل في تغذية تداعيات الخلاف بين الأم والأب.
وإذا ما فشل الوالدان في تأمين هذا التنقل الآمن للطفل بينهما، فعلى الأغلب سيطور الطفل شعوراً بالخوف من الطرف الغائب، أي الذي لا يعيش مع الطفل، ما ينعكس على استقراره النفسي وعلاقته بذلك الطرف على المدى الطويل.
ثانياً: إن فشل الأب والأم في الحفاظ على علاقة الزواج لا يعفيهما من ضرورة الاتفاق على تنظيم علاقتهما بعد الطلاق، ويجب أن يلمس الطفل وجود علاقة منظمة يسودها الاحترام المتبادل والتنسيق الكامل بين الوالدين في المسائل التي تتعلق بمظاهر سلوك الطفل، مثل أوقات النوم والخروج والسهر ومشاهدة التلفاز والجلوس على الانترنت.
ثالثاً: في حال وقع خلاف بين الأبوين بعد الطلاق فمن الضروري للغاية ألا يتم ذلك الخلاف أمام الأطفال، ففي تلك المرحلة يميل الطفل إلى تبني موقف أحد الأبوين ضد الآخر، كما أن مشكلات ما بعد الطلاق هي أكثر تأثيراً في مستقبل الطفل الاجتماعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.